أقرّ المجلس الأعلى للأمن الذي ترأسه السيد عبد المجيد تبون رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني في إجتماعه الأخير الأربعاء المنصرم، بإغلاق المجال الجوي الجزائري في وجه الطيران المغربي المدني والعسكري، وفي وجه كل الطائرات التي تحمل رقم تسجيل مغربي، وذلك بعد تواصل الإستفزازات المغربية ضد الجزائر. القرار يدخل في إطار الإجراءات الإحترازية وتأمين المجال الجوي من الجانب الجزائري، والذي تتخذه أي دولة ذات سيادة، في حال إحساسها بخطر ما من الدولة التي إتخذت بشأنها هذا القرار السيادي. وأقدمت الجزائر على أتخاذ هذا القرار بعد أقل من شهر من قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية، وهو ما يوحي بأن العلاقة بين البلدين دخلت بالفعل في نفق مظلم، ولا بوادر إنفراج فيها خاصة بعد مواصلة المغرب لسياسته العدائية ضد الجزائر، التي أكدها وزير الخارجية السيد رمطان لعمامرة في أكثر من مناسبة، موجها أصابع الإتهام نحو المغرب مصرحا عقب قطع العلاقات الدبلوماسية بين الجزائر والمملكة، بأنه «لم يتوقف يوما عن القيام بأعمال غير ودية وأعمال عدائية ودنيئة ضد بلدنا»، يقصد بذلك المغرب. وذلك أن الجزائر صبرت كثيرا على الجارة المغربية التي لم تترك أي مجال للود، أو لمراعاة روابط الدم والجوار والتاريخ والمصير المشترك بين البلدين، ولا للأعراف والتقاليد الديبلوماسية التي أقرتها إتفاقية فيينا، وراحت تستثمر في كل ما يضر بالجزائر في السر والعلن، بداية من فضيحة «بيغاسوس» التي أثبتت تعرض مسؤولين ومواطنين جزائريين للتجسس من قبل إستخبارات مغربية بمعدات صهيونية، إلى إقدام سفير المغرب الدائم لدى هيئة الأممالمتحدة في 14 جويلية المنصرم، على توزيع مذكرة على «حركة عدم الانحياز، يكرس محتواها بصفة رسمية انخراط المملكة المغربية في حملة معادية ضد الجزائر، ودعمها الظاهر والصريح لما تراه حق تقرير مصير الشعب القبائلي»، وهو ما نددت به وزارة خارجيتنا معتبرة إياها بالتصرفات اللامسؤولة للمملكة. ليضاف إليها تحريض وزير الخارجية المغربي « ناصر بوريطة» للكيان الصهيوني، الذي تجرأ وزير خارجيته «يائير لابيد» على تهديد الجزائر صراحة، خلال مؤتمر صحفي عقده بمدينة الدار البيضاء في ختام زيارته للمغرب، عندما أعرب عن قلق بلاده مما وصفه بالتقارب بين دولة ايرانوالجزائر، مهاجما بلادنا على دورها في شن حملة ضد قبول الكيان الصهيوني في الاتحاد الافريقي بصفة مراقب، مؤكدا أن المغرب والكيان الصهيوني يتشاركان بعض القلق بشأن دور دولة الجزائر في المنطقة التي باتت أكثر قربا من إيران. وكان آخر هذه «الأفعال العدائية»، بالحرائق التي شهدتها عدة مناطق من الوطن وراح ضحيتها 90 شخصا بين مدنيين وعسكريين، وتضررت منها منطقة القبائل الكبرى وعلى الأخص ولاية تيزي وزو، وما أعقبها من أحداث خطيرة نتيجة جريمة القتل الشنيعة التي تعرض لها المغدور «جمال بن إسماعيل»، حيث أثبتت التحريات أن العمل تم بأياد إجرامية للحركة الإنفصالية «ماك» المدعمة من المملكة المغربية، رغم علمها بأن الجزائر تصنفهما في خانة الإرهاب. للتذكير فإن المجال الجوي بين الجزائر والمغرب مغلق منذ 17 مارس 2020 في ظل الإجراءات الإحترازية الصحية التي إتخذتها الجزائر ضد إنتشار فيروس كورونا كوفيد 19 ، وعلى الرغم من إعادة فتح مجالها الجوي مع سبعة (7) دول في الفاتح جويلية المنصرم، إلا أنها لم تدرج إسم المملكة المغربية ضمنها، مما يعني أنها كانت في حالة ترقب لمستجدّات ما تكون قد أقرّت بموجبها غلق مجالها الجوي الأربعاء المنصرم. للعلم فإن قرار الغلق هذا لن يضر بالملاحة الجوية الجزائرية لأنها لا تستخدم المجال الجوي المغربي، وما تتقاضاه من ضرائب عن الخطوط الجوية الملكية المغربية هي مبالغ رمزية لن تؤثر على الخزينة الجزائرية، على عكس المغرب الذي تعبر 15 رحلة أسبوعية تابعة له المجال الجوي الجزائري نحو تونس وتركيا ومصر، ستضطر إلى تحويلها نحو مسارات أخرى جهة البحر الأبيض المتوسط، مما يعني إستهلاكا أكثر للكيروزان، وضرائب جديدة لبلدان أخرى ناهيك عن طول المسافة، وهي نتيجة حتمية لتصرفات رعناء لم يراع فيها المغرب «نعمة» قربه من بلد الشهداء.