تحسَّر المؤرخ بومدين لشلاش لجهل الكثيرين شخص ونضال المجاهد الجزائريالفلسطيني محمود الأطرش، الذي كرّس حياته لخدمة الشعوب المضطهَدة العربية، من طرف الصهيونية، والاستعمار، والرجعية العربية. نزل المؤرخ بومدين لشلاش، أوّل أمس، ضيفا على مكتبة "الاجتهاد" للحديث عن حياة ومسار المناضل الشيوعي محمود الأطرش، اعتمادا على سيرته الذاتية التي كتب مقدّمتها المؤرّخ الفلسطيني ماهر الشريف، ومراجع أخرى شحيحة عن هذه الشخصية الفذة. وقال لشلاش إنّ محمود الأطرش وُلد عام 1904 بحارة المغاربة بالقدس، من أم أصلها من تيزي وزو، وأب أصله من بوسعادة، وتحديدا من قرية ديس، عرش أولاد سيدي ابراهيم. غادر والداه الجزائر إلى فلسطين. وفقد أباه حينما كان في عمره ثلاثة أشهر، لتنتقل العائلة إلى يافا. وهناك اشتغل محمود بنّاء، وبائعا، وقاطفا للبرتقال وغيرها. وتأثر بالحركات النقابية والعمالية التي كانت تغصّ يافا بعد الثورة البلشفية عام 1917، وكذا بظهور قوى مناهضة للاستعمار الفرنسي والبريطاني، بالإضافة إلى ميلاد الصهيونية بعد قدوم اليهود إلى فلسطين. وتابع أن محمود انضم للحزب الشيوعي الفلسطيني، ثم التحق بموسكو بجامعة الكادحين، وأصبح مدرّسا فيها. وتم انتخابه عضوا في اللجنة التنفيذية للكومنترن ممثلا للأحزاب الشيوعية العربية في 1935. كما كُلّف بعدة مهام، تمثلت في إنشاء أو تنشيط الأحزاب الشيوعية في لبنان وسوريا والعراق، لينتقل إلى فرنسا، ومن ثم إلى الجزائر، ويكلَّف بمهمة إضفاء "الجزائرية" على الحزب الشيوعي في الجزائر المستعمرة، علما أنّه كان من بين أشدّ المدافعين عن استعمال اللغة العربية في الأحزاب الشيوعية بالدول العربية. كما أشار المحاضر إلى تعرّض محمود للسجن في أكثر من مناسبة، سواء في فلسطين أو فرنسا أو حتى في الجزائر التي عاش فيها بعد التحاقه بها عام 1939 وناضل في صفوف أبنائها. وأضاف أنّ لمحمود ابناً من زوجة روسية، اسمه سليم. وقد لُقب بالمغربي نسبة إلى أن هذه الكنية أُطلقت على كثيرين من الجزائر وليبيا وتونس والمغرب الأقصى، الذين هاجروا إلى بلاد الشام. وصدرت له مذكرات عن مؤسسة الدراسات الفلسطينية حول نضال الشيوعيين الأوائل في فلسطين وسوريا ولبنان إلى غاية اندلاع الحرب العالمية الثانية، في حين مايزال القسم الثاني لمذكراته، مخطوطا، ينتظر النشر. وقد كتب مقدمة المذكرات المؤرخ الفلسطيني ماهر الشريف، الذي سبق له أن زار الأطرش في بيته بالأبيار، تحت عنوان "طريق الكفاح في فلسطين والمشرق العربي. مذكرات القائد الشيوعي محمود الأطرش المغربي" (1903-1939). وتابع أنّ الأطرش ذكر في مذكراته التحاقه ب "جمعية الشبان المسلمين" بفلسطين، ومن ثم "منظمة الشبيبة الشيوعية"، علاوة على عيشه الصراع الداخلي في الحزب الشيوعي الفلسطيني حول مسألة التعريب التي رفضها معظم الأعضاء اليهود المؤسسين لحزب "العمال الاشتراكي" ، الذي عُدَّ النواة الأولى للحزب الشيوعي الفلسطيني. كما تناول في مذكراته، إصدار مجلة "الطليعة" ، ونشوء الأحزاب الشيوعية في مصر والعراق ولبنان وسوريا، لتسد هذه المذكرات فجوات كثيرة في تاريخ الحركة الشيوعية في المشرق العربي. بالمقابل، تذكّر لشلاش كيف تم استقباله رفقة الوفد المصاحب له، في مهمة عمل ببرلين الشرقية عام 1986، بحفاوة كبيرة؛ فقط لأنّ اسم الوفد هو محمود الأطرش، ليؤكّد مجددا، دور الأطرش الريادي على مستوى العديد من الأحزاب الشيوعية في شتى دول العالم.