@ ما هي أولويات الدبلوماسية الجزائرية في الظرف الراهن على المستوى الإقليمي و الدولي ؟ ^ لا يمكن أن ننكر التوجهات المبدئية و الثابتة في السياسة الخارجية الجزائرية القائمة على مساندة قضايا التحرر و أبرزها الفلسطينية و الصحراوية على جانب العديد من الملفات التي تحرك الدبلوماسية الجزائرية و على رأسها الملف الليبي و قضايا الساحل الإفريقي و هندسة السلم و الأمن هي أيضا من ضمن التصورات الأساسية في السياسة الخارجية الجزائرية و ما على هذه الدبلوماسية إلّا أن تسير في هذا الاتجاه ، سواء في الإطار الاقتصادي أو في الإطار المتعلق بالأمن و السلم أو في إطار تعزيز الشراكات الإستراتيجية مع الحلفاء . و بالتالي التوجه الاقتصادي مهم سواء من خلال ضبط العلاقة و تمتينها مع الدول الطاقة على غرار اسبانيا و إيطاليا و الصين أو من خلال إعطاء تصوّر مهم لأنّ الجزائر تبحث عن مصاحبة اقتصادية من قبل الدول ذات التكنولوجيا المتطورة كالصين و روسيا و ألمانيا و بالتالي هو توجه اقتصادي مهم و التوجّه الثاني هو أمني يرتبط بسياسة السلم خاصة في الملف الليبي و المالي و الصحراء الغربية و حتى في قضايا الساحل الإفريقي إلى جانب الكثير من القضايا المرتبطة بعامل الجوار أو العلاقة مع أوربا . @ كيف يمكن للحركة الكبيرة التي أجراها رئيس الجمهورية على السلك الدبلوماسي منتصف شهر سبتمبر، الدفاع عن مصالح الجزائر في العالم و ترسيخ مبادئها الدائمة تجاه القضايا العادلة ؟ ^ هذه الحركة في السلك الدبلوماسي التي أجراها رئيس الجمهورية هامة لكن نحتاج هنا إلى توضيح ، برغم من تعيين مبعوثين لوزير الخارجية يشتغلون تحت قيادته و يساعدونه ، كنت أتمنى أن يكون هنا أيضا مبعوثا لجنوب شرق آسيا و بالضبط للصين فالصين قوة اقتصادية و ستكون كذلك قوّة عالمية أولى الأشهر المقبلة وهذا يحتاج إلى اهتمام و توجه خاص من طرفنا و الأمر يحتاج إلى فاعلين و في إطار الدبلوماسية نحتاج إلى جامعة صيفية للدبلوماسيين تكون إطارا للتكوين و إطلاق ورشات تكوين و تقييم التجارب الدبلوماسية فالجزائر لديها ما يقارب 90 سفارة و عدد من البعثات الدبلوماسية في عدد من المنظمات الإقليمية و الدولية و بالتالي تحتاج إلى تقييم و حوصلة و التأكيد على ضرورة عمل أولئك الدبلوماسيين لصالح هيبة الدولة و التأكيد على الجانب الاقتصادي لأن السياسة الدولية تقوم على المنافع و ما أحوجنا إلى الاشتغال تحت هذا العنوان. @ يقود لعمامرة الدبلوماسية الجزائرية للمرّة الثالثة و من خلاله تحوز الجزائر عضوية المجلس الاستشاري الأممي المعني بالوساطة، وتتولى مهمة الممثل السامي للاتحاد الإفريقي من أجل إسكات البنادق، وعضوية مجموعة الاتحاد الإفريقي والقرن الإفريقي و عليه كيف تستغل بلادنا كلّ هذا من أجل تنفيذ مخططها في إنجاح دبلوماسيتها المتّسمة بالهدوء و العقلانية من أجل إحقاق الحق و تقرير مصائر الشعوب و أيضا تحقيق مغانم اقتصادية ؟ ^ تحرك الجزائر في إفريقيا من خلال الهياكل القارية لاسيما الاتحاد الإفريقي مكسب كلاسيكي لها و هي تصنّف من ضمن الدول القاعدية في المنطقة ، لها العديد من المبادرات سواء المتعلقة بمجلس السلم و الأمن و التوجه الاقتصادي الإفريقي بناء على المشاركة في إطلاق مبادرة النيباد أو أيضا دورها في صياغة الاتفاقية الإفريقية لمنع و مكافحة الإرهاب و مساهمتها المالية في ميزانية الاتحاد الإفريقي و هي مساهمة كبيرة في ظل تقاعس حوالي 40 بلدا إفريقيا في هذا المجال لتقديم حصصهم المالية ، إلى جانب مشاركتها في الكثير من هذه الهياكل و لكن تصور الجزائر واضح في إفريقيا لأنه نابع من مصداقيتها و فاعليتها الدبلوماسية فالجزائر طرف موثوق فيه لدى دول القارة و التجارب السابقة تؤكد ذلك و لها رصيدها في المجال من خلال متابعة مشاكل الساحل الإفريقي و حل النزاع بين إثيوبيا و إريتريا و دورها في الكونغو الديمقراطي و حل الأزمة الداخلية في مدغشقر و في منطقة غرب إفريقيا و كلها تصورات مهمة تصب في صالح الجزائر. و النقطة الإيجابية لصالح الجزائر أنّها لا تشتغل في إطار أجندات أجنبية إنما أجندتها مرتبطة بالطموح الإفريقي و ليست مستوردة و الجزائر لا تقوم بأيّ دور في مناولة إستراتيجية من قبل القوى الكبرى أو تريد إقحام أطراف تسعى إلى زعزعة الأمن الإفريقي و تفكيكه على غرار ما قام به المغرب من خلال دعم أطروحة جلب الكيان الصهيوني كعضو مراقب. و هي ممارسات لا تخدم الأمن الإفريقي. @ تواجه الجزائرَ عديدُ الأزمات التي تجد نفسها إمام حتمية معالجتها و حلّها منها الملف الليبي و ؟ كيف تتصورون أداء الدبلوماسية الجزائرية في هذا الصدد ؟ ^ ما تواجهه الجزائر في الملف الليبي هو ارتباط الخصوم الداخليين في ليبيا بخصوم دوليين و ليبيا أصبحت حلبة صراع بين كثير من المتنافسين ، و هي حالة تنافسية تعقد الوضع في ليبيا ، لكن الجزائر تسعى بكل الخطى من خلال مقاربتها الواضحة بالنسبة للبيين المتمسكين بالحل الجزائري . و الجزائر في إطار تحركها الدولي تقرّب وجهات النظر بين الدول المتنافسة في ليبيا ، و الأمر كذلك في القضية الصحراوية فيهي تدعو دائما إلى ضرورة تطبيق مبدأ تقرير المصير و فتح حوار مباشر بين جبهة البوليساريو ، الممثل الوحيد للشعب الصحراوي و المغرب من أجل تسوية النزاع بشكل نهائي و ما من شأنه أن يخدم المنطقة و يعزز مشاريع التعاون . ليبقى تصور الجزائر واضح لانّ ليس لها أيّ أطماع في أي بلد بل همها تحقيق السلم و الأمن اللذين من شأنهما إطلاق العديد من المشاريع التنموية التي تخلق الديناميكية و تخدم مصالح المنطقة . @ تدعمت الدبلوماسية الجديدة بتعيين عمّار بلاني مبعوثا مسلعدخاصا لمسألة الصحراء الغربية ودول المغرب العربي ، أيّ مدلول لهذا التعيين و كيف تستغله الدبلوماسية الجزائرية لحلحلة الوضع في الصحراء الغربية المحتلة ؟ و تعزيز مكانتها في المنطقة ، خاصة أنّ مآمرات كثيرة تحاك ضدها و تحيط بها ؟ ^ تعيين عمّار بلّاني مساعدا لوزير الخارجية لملف المنطقة المغاربية و الصحراء الغربية لأن الجزائر في إطار توجه دبلوماسي و إعادة هيكلة وزارة الخارجية ما يسمح لأولئك المساعدين بالاهتمام أكثر بملفات أساسية و يكون لهم دور بارز بدل تشتت أجندة السيد وزير الخارجية ، خاصة في ظل هذه الفاعلية الدبلوماسية التي تتبناها الجزائر ، و بالتالي فإنّ التحرك الجزائري أصبح واضحا و لا ننكر أنّ لنا بلد جار و هو المغرب الذي تحوّل إلى دولة وظيفية و أصبح جار سوء و ارتبط بأجندة و استراتيجية خارجية لا تخدم مصالح منطقتنا و بالتالي تبقى المنطقة المغاربية هي المدار الجيو استراتيجي الأوّل بالنسبة للجزائر و المباشر و الجيو جواري الأساسي لنا و بالتالي تعيين بلّاني مكلفا بهذه القضايا هو نقطة مهمة جدا لإعطاء تصور مهم و الدفاع عن المصلحة الوطنية و السيادية بما يخدم توجهها و يعزز مكانتها الإقليمية و الدولية .