الفن الغنائي الموسيقى يكاد يكون ا_لأكثر تأثيرا في حياة الشعوب، وتحديدا »جيل الشباب« الموزع بين رحيق الأصالة المحلية ، وجاذبية الإثارة العالمية، فالعنصر العاشق للغناء يمكن أن يستمع إلى الأغنية في أي وقت، وأي مكان ، هي أيضا الأكثر إلتصاقا وتعبيرا عن أفراح الناس وأحزانهم في السلم والحرب، في العمل والراحة ، في حالة الشوق، وحالة الإعتزال، فالأغنية تصاحب الإنسان في حله وترحاله، وحتى عند كثير من الشعوب في لحظة موته. ❊ وجيل الشباب بالجزائر يرتكز على رصيد فني متنوع الينابيع، والعناصر (الشعبي الصحراوي العصري الأندلسي الأمازيغي المالوف البدوي إلخ..) لكنه في نفس الوقت يتطلع إلى الفضاءات العالمية ومنها نوع الروك هذا النوع المتميز الذي فرض حضوره بشكل ملفت للإنتباه بلا قيود ولا حدود. أسماء وعناصر فنية عالمية (جوني هالداي ألفيس براسلي ذارولينع ستونز بينك فلوريد) كل عنصر من هؤلاء وغير هؤلاء من نجوم العالم الآخر، ترك بصمته على »جيل الشبا« بالجزائر، حيث ظهرت موسيقى الروك في أواخر سعبينيات القرن الماضي، ومن رواد الروك بالجزائر فريق (ت 34) الذي سرعان ما حقق جمهوره الواسع، وسمي بذلك الإسم لأنه يؤدي موسيقاها في 34 غرفة الهاتف بمبنى المدينة الجامعية بالعاصمة (بن عكنون).. واستلهمت موسيقى (الروك) فنانين آخرين مثل موح كغ 2 أو أويحيد جيمي الذي أضاف إلى موسيقاه مزايا موسيقى البلوز ، والريجي، وكذلك بالنسبة للجامعات الجزائرية التي لا تزال تكشف عن طرق جديدة لموسيقى »الروك« الجزائرية، وفي منتصف سبعينيات القرن الماضي بدأت تظهر في الجزائر المزيد من فرق موسيقى »الروك« الصاخب مثل فريق لنام ومن الفرق الرئيسية لموسيقى الروك في الجزائر (ألبرانيس) الشيخ سيدي بيمول حميد بارودي دي زائير كمبرهينسيف جمال لعروسي أوحيدجيمي موح كغ (2) وفريق (ت 34) ومنذ التسعينيات عرفت موسيقى الروك الجزائرية كيفية العبور نحو الفضاء الصحراوي بعد أن لعبت وسائل الإعلام دور الوسيط الجامع بين المرسل والمتلقي، إنه الحضور المختلط، والعبور الهجين.. لِمَ لا؟ وفعاليات وعناصر التأثير والتأثر، لا تعرف التوقف عند محطة (ما) .. إنه الإستقطاب والجذب بكل وسائل الهيمنة .. والإلحاق طوعا.. أو كرها.. لا يهم .. فالتهجين بدأ في التشكل والتجذر في غياب الإشراف النقدي وتغييب المتابعة الواعية لعناصر الإمتاع والإبداع، إنه الخليط الهجين بكل ينابيعه وعناصره وتوجهاته ، ففي العاصمة كان محمد رضا الذي حقق نجاحا كبيرا عند إستخدامه للحن إحدى الفرق الإنجليزية (وام). وتفوقت أيضا في الموجة الجديدة فرقة »ديسيدنتن« التي كان يقودها حميد بارودي فكانت عمليات إعادة غناء الأغاني التراثية »حكمت لقدار« للفرقة المغربية »المشاهب« والمقطوعات الموسيقية المحنكة التي تغازل موسيقاها الموسيقى العرقية أو التقنية أو الكلاسيكية أو الحديثة ومنذ انطلاق مسيرة التطعيم والتهجين والمزج ظهرت عناصر وفرق في دائرة موسيقى الروك.. ومنها »فرقة البصمة« في التسعينيات من القرن ال (20) وبداية الألفية ال (3) كانت الفرق تسمد أعمالها من المعايير والمقاييس الغربية (للروك) لكنها كانت تستوحي أيضا التراث الموسيقي الجزائري، وفي هذه الإنطلاقة رأت النور فرق جزاير حزمة كاستي جروف جود نويز .. أسماء وأسماء تتلاحق وتتسابق للكسب والتألف والولوج إلى عالم الإثارة الجذابة، والنجومية العالمية. ولكن هل هذا المسار الهجين يحقق فعلا الإنجاز الفني النوعي (شكلا ومضمونا) أم أنه زوبعة في فنجان إن صح التعبير إن الإنتشار و الإنبهار قد يحققان معا التواصل مع الجمهور، ولكن هل النجاح التجاري يعني حقا النجاح الفني النوعي؟! أم أن مرور الأيام والأعوام.. يجعل تلك العطاءات الفنية إضافات مؤقتة غير قابلة للصمود والإستمرارية في شدّ النفوس والرؤوس المرتبطة بالإمتاع والإبداع؟ للنقاد رأيهم؟ وللفنانين وجهة نظرهم؟ وللجمهور مقاييس قبولهم وإقبالهم؟ كل طرف له تصوراته وتوجهاته ومرجعياته، ولكن كما يقال »لا يصح إلا الصحيح« وعلى حدّ التعبير العامي »ما يبقى في الواد غير أحجاره وينطق ثان غير _أحجارو« وهنا الفرق والمفارقة ومفترق الطرق »الجزائر إلى أين... ثقافيا وفنيا وموسيقيا؟!«