من حزب الشعب إلى جبهة التحرير الوطني فقدت الجزائر يوم أمس أحد قادتها البارزين في تاريخ ثورة التحرير وبعد الإستقلال ليتزامن هذا الحدث مع استعداد الجزائر للإحتفال بالذكرى الخمسين لاسترجاع السيادة الوطنية وقهر الإستعمار الغاشم بعد 132 سنة عاشها الشعب الجزائري تحت نبر المحتل الفرنسي الغاصب وبرحيل الرئيس السابق علي كافي الذي وافته المنية صباح أمس الثلاثاء عن عمر يناهز 85 سنة تقف الجزائر وقفة إجلال وتقدير لهذا المناضل الفذ الذي بدأ مساره في النضال السياسي بالإنخراط في صفوف حزب الشعب الجزائري منذ سن مبكرة وقد سمح له وعيه السياسي وروحه الوطنية بارتقاء مناصب مسؤولية ليتحول من مسؤول خلية إلى مسؤول مجموعة في هذا الحزب كما شغل منصب معلم بمدرسة حرة في مدينة سكيكدة عام 1953 وبعد اندلاع ثورة أول نوفمبر المجيدة اتصل به الشهيد والزعيم ديدوش مراد وتكون بذلك أولى مشاركاته في الثورة التحريرية بمنطقة سكيكدة وبعدها انضم إلى صفوف جيش التحرير الوطني بالشمال القسنطيني حيث شارك في هجومات 20 أوت 1955 تحت قيادة الشهيد والبطل زيغود يوسف انضم المرحوم علي كافي في عام 1956 إلى وفد المنطقة الثانية للمشاركة في مؤتمر الصومام وقد عين بعد هذا المؤتمر قائدا للمنطقة الثانية خلال سنوات 1957 1959 كما كان علي كافي من بين العقداء العشرة (10) الذين أعادوا تنظيم الهيئات القيادية للثورة ونقصد هنا الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية والمجلس الوطني للثورة الجزائرية في تونس وقد وقف المرحوم علي كافي إلى جانب الحكومة المؤقتة خلال أزمة عام 1962 رئيس المجلس الأعلى للدولة في جانفي وجويلية 1992 وبعد مشوار حافل بالعطاء خلال ثورة نوفمبر المجيدة واصل علي كافي النضال إثر استقلال الجزائر حيث عين سفيرا للجزائر في عدد من البلدان وهي سوريا ولبنان وتونس ومصر والعراق وإيطاليا وفي عام 1990 أصبح أمينا عاما للمنظمة الوطنية للمجاهدين لقد عاد المرحوم علي كافي إلى الواجهة السياسية في 11 جانفي 1992 حيث عين رئيسا للمجلس الأعلى للدولة الذي شكل بعد استقالة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد وبعد اغتيال الرئيس السابق محمد بوضياف في 29 جوان 1992 ترأس المرحوم علي كافي المجلس الأعلى للدولة وذلك في 2 جويلية 1992 لقد شغل الفقيد علي كافي مجددا منصب الأمين العام للمنظمة الوطنية للمجاهدين خلال سنوات 1994 1996 وبعد تفزغ لكتابة مذكراته يذكر بأن المرحوم علي كافي هو من مواليد 17 أكتوبر 1928 بمسونة بالحروش (سكيكدة) وقد درس القرآن الكريم في المدرسة الكتابية بقسنطينة وحصل على شهادة الأهلية في مادة اللغة العربية قبل أن يلتحق بجامع الزيتونة بتونس لمواصلة دراسته وعاد بعد ذلك إلى الجزائر ليبدأ مسيرة نضال وكفاح منذ سن مبكرة في صفوف حزب الشعب الجزائري وبعدها في الثورة التحريرية أول نوفمبر 1954 وإذا كانت الجزائر قد فقدت أمس أحد أبنائها المخلصين من جيل ثورة 4 نوفمبر وفترة النضال السياسي والحركة الوطنية فإنها قد فقدت رجلا كان شاهدا على جزائر 4 بعد الإستقلال وخاض غمار نضال جديد خلال العشرية الدموية السوداء حيث كان من الوجوه السياسية البارزة وقد شهد بذلك على ثورة التحرير وفترة ما بعد الإستقلال وما عرفته من تغيرات وتحولات سياسية فالجزائر وهي تحيي الذكرى الخمسين للإستقلال بدأت تفقد عددا كبيرا من الرجال الذين صنعوا ثورة نوفمبر 1954 ليواصلوا مسيرة النضال والبناء والتشييد بعد 5 جويلية 1962 ويشهدوا مآسي ومعاناة الجزائر في عشرية التسعينات .