الاستهلاك المفرط ، أو ثقافة الاستهلاك ، أصبحت سيدة الموقف في العالم الثالث ، عموما والعالم العربي خصوصا ونقصد بالاستهلاك هاهنا ، عدم الإنتاج القابل للتصدير ، أي أن المجتمعات العربية ، استهلاكية بامتياز لاتصدير ولا إبداع ولاتصنيع ، ولسنا ، نمسح هنا ، فضاء قاتما داكنا مشحونا بالتشاؤم بل أن الواقع المعيش ، يؤكد ذلك كل الاحصائيات الصادرة عن المنظمات الدولية المتخصصة تنذر بآفاق غير مطمئنة عن الاقتصاديات النامية ، بسبب عدة عوامل ، منها ، ضعف البنية الإقتصادية التحتية ليس إلا ولنعرج عندنا في الجزائر نحن بلد نام اقتصاديا له من الموارد الطبيعية ما يسيل لعاب الآخرين ، ويذكي شهية الطامعين إلى هنا كل شيء محمود ، لكن ماذا ننتج خارج المحروقات ؟ الجزائر تصدر أكثر من 98% من النفط أي 2% في مجالات أخرى ، وما هي صادرتنا من المواد الأخرى ، عدا هذا القطاع الاستراتيجي الحساس ؟ لا يمكن أن تتجه بلادنا نحو منحى يتسم بالتبعية للموارد المالية للطاقة ، لأن السوق النفطية العالمية ، متذبذبة كالحرباء ولها دواليب معقدة ، تتحكم في الأسعار بالصعود أو الانهيار لنتذكر الصدمة البترولية لسنوات الثمانينات وما نجم عنها في الجزائر (...) فالدرس يجب أن يستوعب ، ومفاده تنويع صادرات البلاد ، الاتجاه إلى خلق الثروة الاقتصادية ، شركات صناعية ذات صيت ذائع لها مداخيل مالية نظير ما تصدره من مواد مصنعة وأجهزة متطورة ، تضاهي ما تدره المحروقات على عدة دول منتجة للنفط ، «كجنزال موتورز» والقائمة طويلة من مؤسسات دولية أضحت اليوم تهيمن على الإقتصاد الدولي (...) التفكير في آفاق صناعية أخرى هي البديل الذي لامندوحة لنا عنه ، فالزمن يتسارع مع الأحداث والنزعة التصنيعية سمة العصر ، بلا منازع فمتى تكون للجزائر سيارتها المصنعة في ترابها الوطني ؟ وآلات وملحقات ضرورية للورشات الكبرى ؟ كي لا نلجأ للإستيراد المفرط ، ونجنب خزينتنا مصاريف بالعملة الصعبة قطاعات لها أهميتها الكبرى يجب أن تتبوأ مكانتها ضمن حظيرة الكبار كالفلاحة والصناعات الصغيرة أوروبا كسبت قصب السباق في نسيج صناعي وفلاحي متميز والصين وآسيا حتى بلدان كانت بالأمس مضربا لنمو إقتصاد «الفلافيلا» تنافس اليوم دولا قوية . تذكرت وأنا أكتب هذه الأسطر ما قاله «لوثر كينغ» في خطبته الحماسية العصماء «أحلم» بمجتمع يسوده التسامح ...فكجزائري يحب بلده كغيره من المواطنين الشرفاء ، أحلم بمنتوج جزائري محض يحمل ماركة البلد وبصمة الولد .