قدّم الدكتور محمد راتب النابلسي مساء يوم الخميس بقاعة المحاضرات التابعة لفندق "الميريديان" بوهران محاضرة عنوانها «الإنسان بين التكريم والهوان» شرح فيها جوانب مهمة من الإعجاز العلمي في القرآن والسنة وهي كثيرة حتى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك العديد من الآيات بدون تفسير علمي لأنه لو فسرها في ذلك الوقت والعلم لم يكن متطورا فإن أصحابه كانوا سيعادونه وكمثال على ذلك امتنع عن تفسير الآية: والسماء ذات الرجع..» وسرد لنا الدكتور النابلسي حكاية رواد الفضاء الذين لمّا صعدوا إلى الطبقات العلى سمعهم الدكتور فاروق الباز بأذنه يقولون: "أصبحنا عُميا، لم نعد نرى شيئا؟" لأنهم تجاوزوا طبقة الهواء، والإجابة كمّا حدث لهم نجده في تطابق مثير مع الآية: "إنّما سكّرت أبصارنا..". والعلم أثبت أن أخفض نقطة في العالم توجد في غور فلسطين، ومع ذلك فان كتاب الله أشار إليها منذ 15 قرنا مضت في الآية: "ألَمِ غُلبت الرّوم في أدنى الأرضِ وهم من بعد غَلَبِهم سيغلبُون". والحقيقة أنّ القرآن الكريم ملئ بالآيات البيّنات الدّالة على قُدرته تعالى في تسيير الكون واستقراره من آذان الفجر وطلوع الشمس، وإيلاجه الليل في النهار والنهار في الليل، والإتيان بالحجيج من كل حدب وصوب وعلى بُعد آلاف الكيلومترات... وهناك إشارات قرآنية إلى مئات المظاهر العلمية التي تبيّن بما لا يدع للشّك في أن الله هو خالق الكون. وفي هذا يقول المتحدث: "لو أخذنا مركز كوكب الأرض ومركز القمر ووصلنا بينهما بخطّ، فهنا نشكّل نصف قطر الدائرة التي هي مسار القمر حول الأرض. الملاحظة أنّ ما يقطعه القمر في ألف عام، يقطعه الضوء في يوم، وهنا تستوقفنا الآية: "وإنّ يوما عند ربّك كألف سنة ممّا تَعُدّون". ومعنى هذا في الواقع أننا إذا سرنا بسرعة الضوء توقّف الزمن وإذا سبقنا الضوء توقّف الزّمن. ولذا يؤكد الدكتور النابلسي: إذا أردت الدنيا عليك بالعلم، وإذا أردت الآخرة عليك بالعلم وإذا أردتهما معاً كليك بالعلم. وهكذا فإنّ العالم "أنشتاين" جاب 35 ولاية أمريكية لشرح نظريته. ويضرب المتدخّل مثالا آخر على قوّة الإله بقوله: "الشمس تساوي مليون و300 ألف مرّة الأرض، وبين الشمس والأرض مسافة 156 مليون كلم، بينما هناك نجم صغير إسمه «قلب العقرب» يسع الشمس والأرض والمسافة التي بينهما. فهذا عِلْمُ مَنْ؟ وقُوّةُ مَنْ؟ وتَدْبِيرُ مَنْ؟ وَرَحْمَةُ مَنْ؟ والأرض مُرتبطة بالشّمس عن طريق الجاذبية، فإن وقع خلل في منظومة الجاذبية إزدادت درجة الحرارة وانتهت الحياة فوق الأرض نهائيا، وهنا نجد ما يبرّر هذا النظام في الآية: «سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم». وفي شقّ آخر استشهد الدكتور بقضية الجنين ليُظْهِر عظمة الله، إذ أنّ دَمَ الجنين ودَمَ الأم يجتمعان في مشيَمَة واحدة، لكنهما لا يختلطان لأن بينهما غشاء ذكي يأخذ الأكسجين والأنسولين وكل ما هو ضروري ويعطيه للطفل، فبِعِلْمِ مَنْ ؟ وقدرة مَنْ ؟ وبِيَدِ مَنْ ؟ فهذا الغشاء مُحصّنٌ لا ينقُلُ إلا ما يفيد الطفل، حيث هناك 1000 مادة ينقلها بحسب نموّ الجنين، ولن يستطيع أطباء الأرض مجتمعين نقلها مهما بلغوا من العلم، فإن احتاج الطفل إلى البوتاسيوم، احتاجت الأم في الوقت ذاته ألى نفس المادّة. ولذا يبقى التفكّرُ في خلق السموات والأرض، مسألة حياة بل هو أوسع باب ندخل عبره إلى الله. فهذا إله عظيم توعّد فرعون الذي قال: «أنا ربّكم الأعلى» فأغرقه وجنوده،. ومع ذلك آمن قبل أن يموت، معنى ذلك أن الإيمان حاصل والخيار مع الإيمان مسألة وقت فقط، وحلاوته لا ينالها إلا الذين أخلصوا دينهم. فالعاقل كما قال المتحدث من عرف ربّه واستقر على رأيه، وإن صَحّت عقيدته صَلُحَ عَمَلك. وخلص الدكتور إلى التأكيد أنّ هناك 1300 آية تشير إلى معاني العلم ليكون المسلم على علاقة مع القرآن وهو دستور المسلمين.