بقلم: عبد القادر حمداوي كانت فرنسا ومازالت ثائرة على الجزائر، ثورة متسلسلة الحلقات من قرن إلى آخر، فمعارك الاحتلال لم يطفأ لها غيظ، بل بقيت الأحقاد تغلي وتظهر آثارها، عاملتنا فرنسا بقوانينها الجائرة، نزعت الأرض الصالحة من الأهالي بالقوة ووزعتها على المعمرين. فأخذت مساجدنا وعبثت بها وسخرت بأعمال بعيدة عن الدين. فلهذه الجوانب البارزة من ثورتنا المستمرة وهي حقائق يراها كل جزائري. فما بال فرنسا التي تتزعم بحامية الحضارة الإنسانية في دعواها. تضيق ضرعا بثورتنا عليها ويطيش صوابها إلى درجة الجنون. فتسوق علينا الجيوش الجرارة بالأسلحة الفتاكة وتتدلى بأخلاقها إلى الوحشية فعذبت الأبرياء بفنون من العذاب. ومراكز التعذيب لا زالت شاهدة على جرائمها في مختلف أنحاء الوطن. فوحشية فرنسا ضد الشعب الأبي، فهي لم تفرق بين الشاب والشيخ. ولا بين الرجل والمرأة، لا تخطر على بال ثم تقتلهم بطريقة تبرأ منها الوحش الضاري. فكل ما يهمها هو القضاء على الثورة والثوار. ثم تمعن في تقتيل الأمهات الحوامل والأطفال والعجزة الذين يحرم قتلهم. فاسألوا المجاهدات الجزائريات وجميلة بوحيرد التي لا زالت تعاني من هذا التعذيب. فالمجاهدون الذين تعرضوا إلى التعذيب من طرف فرنسا. فلماذا لا نطالب بمعاقبة الذين مارسوا التعذيب وزير خارجية فرنسا الذي خرج بقوله إن علاقات الجزائربفرنسا لا يمكنها أن تتحسن إلا برحيل الضحية الجزائرية المرتبطة بالثورة. وشهد شاهد من أهلها حسب الصحافة الفرنسية لومند في 15 فيفري 2010 الذين يعتقدون أن الحكومة الجزائرية تتعامل مع فرنسا بمنطق السوفيات المتجمد في إرادته. جاءت اليوم بحقد دفين تجاه أبطال النضال الذين وقفوا لها بالمرصاد. فيبدو أن الأمر لا يقلق الجزائر ولا تهزه أية هزة، إن تضامننا على أكتافنا. فالأفعال الذميمة تطل من وراء البحر وتريد نشر الفضائح دون خوف. فالقوة التي ساقتها فرنسا على المجاهدين الجزائريين في هذه الحرب تفوق قوة الجزائر بين قوة فرنسا هي نسبة الصفر. فالذي لا يملك طائرة واحدة وممن يملك آلاف الطائرات ويزداد عليها وفرة العدد واتصال المدد وكل ما يعرفه الناس من الأسلحة الفتاكة ولكن الجزائريين يملكون قوة أخرى لا يملكها الفرنسيون. فهم يملكون القوة الروحية وقوة الإيمان الصحيح. وقوة النفوس الطاهرة وقوة العزائم الثابتة. يملكون توحيد القصد وصدق التوجيه. تحصل العدو على 1400 طائرة وبالإعانة من الحلف الأطلسي 300 طائرة أخرى من نوع [ط 6]، 60 طائرة من حاملات القنابل نوع [ب 26]. إذا عرفنا أن لاكوست أعلن في 24 ماي 1956 عن وصول 17 طائرة الهيليكوبتر مقنبلة، و100 من الطائرات الخفيفة إلى الجزائر، وكان يملك مليون و250 ألف رجل عسكريا. كل هذه القوة الجهنمية لم تؤثر في القوة، فإذا كان أصحاب المواهب الفكرية في العالم يتباهون باختراع التكنولوجيات وهؤلاء يتباهون بالتعذيب في السجون والمعتقلات الكثيرة في كل قرية ومدينة في الجزائر. سياسة استعباد الإنسان فرنسا تقاتل في سبيل استعباد الإنسان وسلب كرامته، والجزائريون يقاتلون في سبيل تحرير الوطن وإسعاده وعزته فهل يستويان؟ وعنها أن سلبت الأرزاق وتجريد الضعفاء من أسباب القوة ونشر البؤس والأمراض. كل ذلك بعد تعذيب الأبدان وسلب الإرادات وقتل الضمائر وكأنها في القرن الأخير من الحياة فهل تنتحل لنفسها وصف العظمة مزورة ومصطنعة. ولنرجع إلى سمو الروح الإنساني الذي تنشأ منه الفضائل كلها كالرحمة والعدل والوفاء والصدق وهذه أمهات الفضائل في الأفراد وفي الشعوب. ومن فضل الشيطان على فرنسا أنها عارية من هذه الفضائل. فسياسة ودبلوماسية فرنسا واحدة لا تتغير طال الأمد أم قصر. فلتنتظر رحيل جيل الثورة ليخلو لها الواقع لتبسيط النفوذ الذين يخلفونها، خاصة أولئك الذين أرضعتهم بثدييها. وفي المدة الأخيرة قبل موت بيجار في اجتماع وقال أين الذين نصبناهم في الجزائر؟ فاليوم الجزائر للجزائريين فجرائم فرنسا كان العالم كله شاهد عليها وما عليها اليوم إلا أن تعترف بجرائمها وأن تعتذر للشعب الجزائري. ما تزال الأحقاد تعشش في الجذور وترفض نهج التفكير في بناء الأوطان فأعمال الإجرام لا زالت لم تندمل بالعذاب الشنيع في مختلف مناطق الجزائر الحبيبة والذين يحاولون ويتجهون إلى الأحياء ومشاطرة عائلات الشهداء والمساجين أحزانهم. لقد طرق العدو مجددا بابا واختار مراسيم لتنفيذ كلامه النكراء وجاءت ردود الفعل الشكلية لتؤكد من جديد تماسك الشبح الوطني وقوته يعزز من تداعيات في الصورة التي تبدت بها الوحدة الوطنية بأقوى صورة أثبتت الأجهزة الدفاعية مهارة عملية وسرعة قياسية أسهمت في تخفيف معاناة الجزائر. هل نحن أمام حادثة تتكرر أم نحن أمام تاريخ طويل موجه للأجيال لنعيد الذاكرة وحمايتها التي مرت على الوطن الحبيب. وهكذا فإن القوات الفرنسية المختلفة البالغ عددها مليون جنديا، ويمدون قواتهم إمددات ضخمة ويضعون مخططات رهيبة. لقد دحر العدو بفضل الثورة الحكيمة وبفضل المواجهة الجسورة (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه. ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) صدق الله العظيم. فالمواجهة مطلوبة وينبغي آلا تقتصر على خندق واحد وتدع الأخرى القابلة للاختراق. وقد شددنا أن تكون الأعمال الفكرية والثقافية في المجتمع الجزائري الأشمل لكل ما يصنعه ويبدع فيه من أفكار وطرائق العمل ويتطلب تنقية مستمرة ومواجهة لحماية القيم الوطنية وبمنهج يخدم الوطن. قامت فرنسا بالاستيلاء على الجزائر. حيث أقصت ونفت وأسرت كل وطني حر طالب بالحرية. فرقت أبناء الأمة. لا تزال الجزائر تعاني منها إلى يومنا هذا والأكيد أن آثارها ومفعولها لن ننساه أبدا جيلا بعد جيل. فالحقائق التاريخية تقول ذلك. فالهمجية والجهل والتخلف شاهدة على ذلك. يا لها من وحشية وبربرية قامت بها فرنسا في الجزائر، واليوم يطلبون منا طي صفحة الماضي من خلال تجميد قانون تجريم الاستعمار الفرنسي الذي دمر كل شيء في الجزائر. إن أبشع الجرائم والتنكيل الجماعي للأبرياء أطفالا ونساء وشيوخا، كيف يمكن نسيان الجريمة ومحو آثارها؟