حملت السنة الأولى للثورة التحريرية و الأشهر الأولى أيضا من سنة 1955 ارهاصات كثيرة عجّلت بتأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين UGEMA فقد كانت سنة 1955 عصيبة على الثورة التحريرية التي أضافت إلى نضالها المسلح نضالا سياسيا تمثل في مشاركة وفد عنها في 24 أفريل في الندوة الأفرو آسيوية بمؤتمر باندونغ و تم طرح القضية الجزائرية . و في 20 أوت من نفس السنة تم الهجوم القسنطيني الذي قاده زيغود يوسف و في 22 سبتمبر حدثت معركة الجرف بجبال النمامشة جنوبتبسة. و هي أحداث زادت في تأجيج الآلة العسكرية الفرنسية التي لم تهضم التقدم الذي أحرزته الثورة الجزائرية دبلوماسيا و ميدانيا فكبت جام غضبها على الجزائريين في كل مكان و ضايقت الطلبة في الجامعات و الثانويات في الجزائر و فرنسا. لم يكن في وسع الطلبة في هذه الأثناء سوى التكيف مع الظروف المفروضة ، فقد كان توجههم للدفاع عن الأمة واستمرارها يختلف باختلاف الإمكانات الشخصية والمادية والعلمية ، وتنوعت بين المجابهة العسكرية والمجابهة الحضارية. وجزء آخر استمر في التعليم وتداوله بعيدا عن أعين فرنسا ، وبقية هاجرت إلى المشرق والمغرب طلبا للعلم حيث لا مأمن في الداخل. و رأت جبهة التحرير الوطني دافعا ملحا من أجل انشاء اتحاد يجمع الطلبة الجزائريين سواء في فرنسا التي توجه إليها العديد من الشباب الجزائريين من أجل استكمال الدراسات العليا أو سواء في الجزائر حيث كان الطلبة في الجامعات و الثانويات الفرنسية و كان لهم نصيبهم من المضايقات التي عجلت بتوجههم إلى الجبال و الانخراط في الثورة التحريرية هذا الإتحاد الذي ترأسه أحمد طالب الابراهيمي و الذي لعبت جبهة التحرير الوطني دورًا هاما في إنشائه من خلال المؤتمر المنعقد بباريس في 08 جويلية 1955 من طرف الشهيد عمارة رشيد و لونيس المكلفين من طرف عبّان رمضان. وبتاريخ 27 فيفري 1955 ، و بمبادرة من جمعية الطلبة المسلمين لشمال افريقيا ، تم توجيه نداء لكل الطلبة يحثهم على الانضمام و المشاركة في تشكيل الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائر(U.G.E.M.A). الجزائريون يُسمعون صوتهم للعالم من قلب فرنسا وانعقد المؤتمر التأسيسي للإتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين في باريس في الفترة الممتدة ما بين 8 إلى 14 جويلية 1955، بحضور شخصيات ثقافية و سياسة و ممثلين عن المنظمات الطلابية بما فيها الإتحاد الوطني للطلبة الفرنسيين، تناول المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية هي: - جمع شمل الطلبة الجزائريين و توحيد مطالبهم و حقوقهم. - العمل على إعطاء اللغة العربية مكانتها باعتبارها المحرك الأساسي للثقافة الجزائرية. - مشاركة الاتحاد في الحياة السياسية للبلاد. و قد تمت تزكية أحمد طالب الإبراهيمي رئيسا أولا للاتحاد ، و أعلن رسميا عن تأسيس الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين، و حددت الأهداف و الوسائل التي يناضل بها ميدانيا، و أقر المؤتمر الهيكلة التنظيمية للاتحاد و شروط الانخراط عن طريق الفروع المحلية، كما خرج هذا المؤتمر بانتخاب اللجنة التنفيذية المكونة من: - أحمد طالب الإبراهيمي : رئيسا، العياشي ياكر نائبا، مولود بلهوان كاتبا عاما، عبد الرحمن شريط كاتبا مساعدا ، محمد منصور أمين المال. و اختيرت مدينة باريس مقرا مركزيا للاتحاد. دخل الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين معترك الحياة السياسية للبلاد موجها نداءاته العديدة إلى الرأي العام الفرنسي منددا بالعمليات الإجرامية ضد الشعب الجزائري. كما ندد بجرائم العدو المرتكبة في حق الطلبة الذين تحمّلوا المضايقات و المتابعات التي مست العديد من عناصر الاتحاد ، منهم الطالب عمارة رشيد الذي ألقي القبض عليه يوم 07 ديسمبر 1955 و استشهد تحت التعذيب الوحشي. لكن رغم كل النداءات والاحتجاجات التي رفعها الاتحاد من أجل إقناع السلطات الاستعمارية بالتراجع عن سياستها القمعية ، إلا أنها أصرت على مواصلة نفس الأساليب، مما اضطر اللجنة التنفيذية للاتحاد إلى الدعوة لعقد مؤتمر ثان للنظر في الوضع الخطير و هو ما تم فعلا . واستمرت مسيرة الطلبة وعقدوا مؤتمرهم الثالث أيضا في ديسمبر 1957. و في 28 جانفي 1958 قررت سلطات الاحتلال حل الاتحاد العام للطلبة المسلمين الجزائريين واعتقلت أعضاءه في باريس واضطرت لجنته التنفيذية مغادرة فرنسا إلى سويسرا. و استمرت في النضال إلى غاية الاستقلال.