لو كانت الصباحات كلها بنفس الطعم ونفس الرائحة لأصابنا الملل من كل فجر جديد ...ولكنها صباحات بأثوابٍ وألوان كثيرة ، نستيقظ وقد امتلأت نفوسنا بالفرح والسعادة ، وامتدت أيدينا تقطف الورود دون أن تعلم لمن تهديها ... وراحت عيوننا تراقب طيور الصباح تغادر أعشاشها وتبحث عن الحياة ... وأحيانا نفتح عيوننا وقد رسمنا خرائط غصت بالهم والحزن ليوم قد يطول ...ولا ندري ما السبب . صباحات تلون النفوس ، وتبحث دائما عن كوة يتسرب منها بصيص من النور الأمل لتمضي ، وتمضي عجلة الحياة ، فما أكبر القواميس التي نحملها وتقبع في نفوسنا ، ففيها الحلو والمر،والحامض والمالح، والأسود والأبيض ، وكثيرا ما نصرُّ على أن الحلو ليس حلوا ، والمرُّ ليس مراً ،وكأن السر ليس فيما هو أمامنا بقدر ما هو في نفوسنا ..ومزاجاتنا ... وأجمل الصباحات ، صباح يبدأُ بذكر من خلق الدنيا ومن عليها ، وخلق لنا قلوبا تُحب وتعشق الجمال ، فنبتسم ، وتنشرح قلوبنا ،ونتذكر من نُحب ، وتعانق نفوسنا قمم الجمال . ما أشقاك أيها الإنسان ،وما أقدرك على تلوين الحقائق ، وكأن دنياك دمية تصنعها وتتقن صنعها وتلعب بها حينا وتلعب بك أحيانا كثيرة . وتل الشمس تشرق إلى ما شاء الله ، ومع خيوطها الذهبية يتجدد الأمل والعمل والحياة ، وتظل الورود نقطفها وتموت بين أيدينا وتنمو من جديد .صباحات ...وصباحات ...كانونية ....وتموزية ....وأخرى تمتد لتعانق شرايين الحياة ، وصور تغادر أذهاننا ويسكن غيرها ......ومحطات دائماً يميزها صباحات جديدة .