الفريق أول شنقريحة يستقبل من طرف رئيس أركان الدفاع للقوات المسلحة الهندية    الوزير الأول"نذير العرباوى" يشرف غدا مع نظيره التونسي على إحياء ذكرى ال 67 لأحداث ساقية سيدي يوسف    وزير الاتصال"مزيان ومحمد " يسلم رسالة خطية من رئيس الجمهورية إلى نظيره الغاني    المغرب يلجأ إلى الأساليب الخبيثة ل"شرعنة" احتلاله للصحراء الغربية    التجديد النصفي لأعضاء مجلس الأمة: قبول 99 ملف تصريح بالترشح إلى غاية الخميس    جبهة القوى الاشتراكية تعقد دورة استثنائية لمجلسها الوطني    ألعاب القوى (تجمع فزاع الدولي بالإمارات): مشاركة ثلاثة رياضيين جزائريين في الموعد    الصيدلية المركزية للمستشفيات "فاعل أساسي" في تزويد المستشفيات الوطنية بالأدوية    كرة القدم/الكأس الجزائرية الممتازة-2024 (مولودية الجزائر- شباب بلوزداد): مرشحان في رحلة البحث عن أول لقب للموسم    الدراجات/ طواف الجزائر2025: الطبعة ال25 عبر ولايات شرق و جنوب الوطن    المغرب : هيئة تجدد موقفها المناهض للاختراق الصهيوني وتجريم التضامن مع القضية الفلسطينية    "الأونروا" تحذر من مخاطر تعرض مئات آلاف الفلسطينيين في غزة للبرد القارس    الجزائر-الأمم المتحدة: عرض نتائج الورشة الخاصة ب"الدعم التقني والمنهجي" لتعزيز تمكين الشباب    تنظيم الطبعة ال 19 للصالون الوطني للتشغيل والتكوين المتواصل والمقاولاتية من 8 الى 10 فبراير بالعاصمة    عطاف يجري محادثات مع المبعوث الخاص للرئيس الموريتاني    شايب يستقبل المدير العام للوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار    المواطنون الراغبون في أداء مناسك العمرة مدعوون لأخذ اللقاحات الموصى بها من طرف وزارة الصحة    صيدال: الاطلاق المقبل لمشروع انتاج المادة الأولية للعلاجات المضادة للسرطان    مهرجان الصورة المؤسساتية: تتويج 14 فيلما مؤسساتيا بجائزة أفضل الإبداعات السمعية البصرية في مجال الأفلام المؤسساتية    الجوية الجزائرية/الديوان الوطني للحج : اتفاقية لنقل الحجاج وفقا لآليات تنظيمية ورقمية متطورة    التدابير الواردة في قانون المالية لسنة 2025 تهدف إلى تحسين مناخ الأعمال في الجزائر    تجارة: مراجعة شاملة للإطار التشريعي وتوسيع الاستثمار في المساحات الكبرى    مشروع ازدواجية الطريق الوطني رقم 27 : تسليم محور قسنطينة خلال الثلاثي الرابع من 2025    وفاة المجاهد و الخطاط عبد الحميد اسكندر عن عمر ناهز 86 عاما    حيداوي يبرز جهود الدولة في التكفل بفئة ذوي الاحتياجات الخاصة    راموفيتش مدرباً لشباب بلوزداد    شاهد حي على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    ترامب يفتح جبهة صراع جديدة    صوت المريض    تنفيذ تمارين افتراضية بالجلفة    بذرة خير تجمع الجزائريين    مع فرضية غير واقعية    خط سكة الحديد الرابط بين العبادلة وبشار يوضع حيز الخدمة قريباً    إبراز التراث الأدبي والديني للأمير عبد القادر    هذه ضوابط التفضيل بين الأبناء في العطية    المنازل الذكية تستقطب الزوّار    تعويضات للعمال المتضرّرين من التقلبات الجوية    إبراهيموفيتش يكشف سبب رحيل بن ناصر    مسلوق يتعهّد باحترام رزنامة المباريات    سايحي يلتقي نقابة البيولوجيين    أمطار رعدية مرتقبة بعدة ولايات جنوب البلاد ابتداء من يوم الخميس    مناجم: تنصيب مدير عام جديد للشركة الوطنية للأملاح    ندوة تاريخية للتأكيد على همجية وبربرية الاحتلال الفرنسي    اليمين المتطرّف الفرنسي في مرمى النّيران    "الأميار" مطالبون بتحمل مسؤولياتهم    صب منحة رمضان في حسابات مستحقيها قبل منتصف فيفري    استعادة الأراضي غير المستغلّة وتسريع استكمال المباني غير المكتملة    الجزائر تحتضن مؤتمر الاتحاد الإفريقي    "أباو ن الظل".. بين التمسّك والتأثّر    معرض لفناني برج بوعريريج بقصر الثقافة قريبا    ندوة وطنية عن المعالم والمآثر بجامعة وهران    رياض محرز يشدد على أهمية التأهل إلى كأس العالم    المبدعون من ذوي الاحتياجات الخاصة يعرضون أعمالهم بالجزائر العاصمة    إمام المسجد النبوي يحذّر من جعل الأولياء والصَّالحين واسطة مع اللَّه    الإذاعة الثقافية تبلغ الثلاثين    هذا موعد ترقّب هلال رمضان    أدعية شهر شعبان المأثورة    الاجتهاد في شعبان.. سبيل الفوز في رمضان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكاريكاتير بين السخرية و الواقعية في الصحافة الجزائرية
خطوط تعري عيوب المجتمع
نشر في الجمهورية يوم 05 - 10 - 2015

يكتسي الكاريكاتير أهمية بالغة في وسائل الإعلام الجزائرية لا سيما المكتوبة منها ، في الصحف كما في المجلات ، حيث بات هذا الفن القائم بذاته ، يستقطب أكثر فأكثر القارئ ، و يزاحم المقالات الصحفية في ذلك ، من خلال طرحه و نقده العديد من القضايا الاجتماعية و السياسية و الثقافية و الاقتصادية ، و مسايرة الأحداث الراهنة ، و تناولها بنظرة نقدية تحمل الكثير من السخرية حيال ما يجري من حولنا ، من ظواهر و مشاكل و مشاهد ، شغلت الرأي العام في الداخل و الخارج على حد سواء ، اختزلت كلها في رسم كاريكاتيري ، فرغم بساطته و سخريته ، إلا أن معظمها في الحقيقة ، يلامس جوهر الأمور، و يخترق عمق الأشياء ، و يلخص الواقع في صورة واحدة ، كفيلة بفهم كل الأفكار الرائجة هنا و هناك ، لكن كل هذا يتوقف على قدرات و مهارات الفنان و ملكاته الفنية و موهبته في ترجمة الواقع ، حسب ما تمليه عليه مخيلته ، برسم يؤثر في القارئ و المتلقي ، و يساهم في تحريك الرأي العام في الكثير من الأحيان ، بأسلوب لا يخلو من الفرجة و الفسحة ، يمكنه أن يصنع الفارق بين هذا و ذاك الرسام.
فن يلخص الواقع ويختزل الكلام
يرى الباحث و الأستاذ الجامعي بوخموشة إلياس ، أن تراكم التجربة خلال ممارسات فن الكاريكاتير، آل به لأن يصبح حرفة واسعة الانتشار في جل المجالات ، بما فيها السمعية البصرية ، لا سيما السينما و التلفزيون ، التي أصبحت تمثل صنفا ضروريا لوسائلنا في الاتصال والإعلام ، وحتى التسلية وبلورة الذوق ، كما هو الحال عليه في الكاريكاتير الاجتماعي ، الذي يسعى إلى تصوير قضايا وتناقضات الواقع ، و يحرص على أن يعري عيوب المجتمع ، و غالبا ما تكون سخريته لاذعة وتهكمه شديد ، لكن تأثيره يبقى محدودا ، إذا ما قورن بالكاركاتير السياسي باعتباره الأكثر شيوعًا وانتشارًا ، باعتبار أن مهمته تحريضية بحتة ، تسعى إلى نقد الواقع و الحراك السياسي المحلي أو العالمي ، في حين فإن الكاريكاتير الرياضي ، الذي بدأ يحتل مكانة مهمة و مساحة واسعة في الصحافة الجزائرية ، و يعتبر في الأساس فرعًا من فروع الكاريكاتير الاجتماعي، فكل هذه الأنواع ، جعلت وظيفة و ملامح الكاريكاتير ، تتجلى بوضوح ، كفن قائم على النقد ، و هو ما جعله يلعب دورًا أساسيًّا في الدفاع عن حقوق الإنسان ، و القضايا العادلة ، و المطالب المشروعة ، و يغوص في أعماق المجتمع ، ليستلهم من يومياته ، و يظهر للجميع ، القدرة العجيبة لهذه الخطوط البسيطة ، في نقل المعنى والمضمون، و تحريك الضمائر و نشر الوعي بين الناس ، و التقيد بنقد منفتح و بناء و إيجابي ، يستند على الحكمة و العقل و يختزل كل الكلام ، و يدعو باحترافية إلى قراءة ما بين الخطوط ، في محاولة لفتح آفاق جديدة للمستقبل والواقع ، للتغيير أو لبناء أسس اجتماعية وإنسانية جديدة ، من شأنها إصلاح الواقع ، و المساهمة في استقامة سلوكيات المجتمع ، و تلاشي صوره المشينة ، عوض فتح المجال على مصراعيه للانحراف و الإساءة و التجريح ، و لا بأس إن تم تحريف ملامح الأشخاص و الأشياء ، لأن هذا الفن يقتضي ذلك ، و مبني على المبالغة في التصوير و الرسم ، حسب الكلمة الإيطالية ، التي اشتقت منها التسمية .
طيب عراب.. عراب الكاريكاتير
لا يمكننا أن نستعرض واقع هذا الفن في الصحافة الجزائرية ، دون الرجوع إلى الرواد ، ممن صنعوا الصورة من خلال المعلومة ، و ساهموا في تأسيسه منذ تأميم الصحف الجزائرية ، وخير نموذج يمكن أن نستحضره اليوم من باب الاعتراف و العرفان ، هو ابن "لا ريبوبليك" أو "الجمهورية" الصادرة باللغة الفرنسية في السابق طيب عراب ، هذا الاسم الراسخ في ذاكرة الصحافة الجزائرية ، و جيل الستينيات و السبعينيات على حد سواء ، لا تزال رسوماته محفوظة في أرشيف جريدتنا ، كما في مجلة "أفرك أزي" أو "إفريقيا آسيا" التي عمل بها ، عندما انتقل للعيش بالعاصمة الفرنسية باريس ، بعدما ظل يتربع على عرش الرسم الكاريكاتيري في الصحافة الجزائرية ، طوال عقد من الزمن ، امتد من نهاية الستينيات إلى منتصف سبعينيات القرن الماضي ، بأسلوبه الساخر و الراقي ، البليغ و الغني عن أي تعليق ، كان عراب يرسم ما يعجز اللسان عن التعبير عنه ، حول فظاعة الحروب ، و ينتفض على الظلم و اللاعدل ، و يسخر بسلاسة و أحيانا بغضب شديد ، من بعض الظواهر الاجتماعية المتفشية بين الجزائريين ، كما سايرت رسوماته معظم الورشات الكبرى ، التي شهدتها الجزائر في تلك الفترة ، الصناعية منها و الثقافية ، عراب كان عميقا في طرحه للأفكار و في تناوله للقضايا الحساسة و الأحداث المهمة ، و كانت رسوماته تحمل أكثر من دلالة و رسالة في قالب ساخر، حتى يتسنى للقارئ فك شفراتها و فهم معانيها ، لقد استطاع هذا الفنان العصامي ، الذي تعلم من مدرسة الحياة ، و تخرج منها برتبة رائد الرسم الكاريكاتيري في الجزائر بلا منازع ، أن يؤسس قاعدة متينة لهذا الفن ببلادنا ، من خلال توقيعه لأكثر من 7000 رسم ، و يرفع التحدي أمام فنانين كبار ، من أمثال الكاتب كاتب ياسين ، و الفنان التشكيلي محمد إيسياخم ، خلال تعاونهما بجريدة " لا ريبوبليك" ، رائدة الصحف على المستوى الوطني و حتى الإفريقي آنذاك ، و المدرسة العريقة التي تخرج منها خيرة ما أنجبت الجزائر من أقلام ، و ما صنعت من أسماء في عالم الصحافة و الأدب ، فموهبته الخلاقة جعلته يتحول من "تليكسمان" إلى رسام محنك ، و فرضته فرضا على الساحة الإعلامية ، و فتحت له أبواب قاعة التحرير على مصراعيها ، ما كان هذا ليكون لولا المدير السابق ل " لا ريبوبليك" بشير رزوق ، الذي تفطن لموهبته ، و خصص له مساحة على صفحاتها ، ليصبح بذلك الأب الروحي للكاريكاتير، حتى بات يلقب ب "دوميي الجزائر" ، نسبة إلى الفنان و الرسام الكاريكاتيري الشهير ، الفرنسي "أونوري دوميي" ، كل هذا ينطبق تماما على زميله الفنان الكبير محمد حنكور خريج مدرسة الفنون الجميلة بالجزائر و باريس ، الذي ساهم بدوره في ترسيخ هذا الفن في المشهد الإعلامي ، من خلال إسهاماته الكثيرة و المتميزة و الراقية ، عبر العديد من الصحف الوطنية ، لاسيما "لا ريبوبليك" ، التي عمل فيها إبان السبعينيات. لتواصل جريدة الجمهورية احتضان الأسماء المتميزة و هذا من خلال الكاريكاتيور سليم غانم الذي يرصد ظواهر اجتماعية و اقتصادية و سياسية من خلال قرطاس الجمهورية علما انه تحصل على جائزة أحسن كاريكاتيور في مسابقة موبليس لسنة 2014.
"لو إيك".. الحرية و المسؤولية
و بالمرور إلى مرحلة التعددية الحزبية و الإعلامية ، التي شهدتها الجزائر نهاية الثمانينيات و مطلع التسعينيات ، فان هذا الانفتاح شكل تحولا هاما و منعرجا حاسما في تاريخ الصحافة المكتوبة ببلادنا ، التي خرجت من جلباب القطاع العام ، لترتدي لباسها الخاص ، و قد أسفر ذلك عن ظهور العديد من العناوين ، التي تعدى عددها اليوم ال 170 صحيفة ، بعضها اليوم بات يحتل الصدارة ، و يحظى بمقروئية جد معتبرة ، بل و يشكل مرجعية في الاحترافية ، اكتسبت من ورائها شهرة كبيرة ، تعدت حدود الوطن ، باللغتين العربية و الفرنسية ، و مما لا شك فيه أن الكاريكاتير في الصحف الرائدة ، التي تصدر بالفرنسية ، يعكس بشكل جلي مدى أهمية هذا الفن في الصحافة الوطنية ، و المستوى العالي الذي بلغه ، من توقيع أسماء كبيرة و معروفة لها وزنها و ثقلها في المشهد الإعلامي ، بل أضحت رمزا للكاريكاتير الصحفي في الجزائر ، على غرار سليم بيومية "لوسوار دالجيري" و "ديلام" بجريدة "ليبارتي" ، الذي حال سفره دون أخذ رأيه في الموضوع ، و أيضا هشام بابا أحمد ، المشهور باسم "لو إيك" بيومية الوطن ، الذي صرح في هذا الشأن قائلا " إن المساحة التي يحتلها الرسام الصحفي ، هي فضاء للتعبير بكل حرية و دون أدنى قيود ، و هو أمر مهم و جد ضروري في العمل الصحفي ، لكنها في الوقت نفسه ، تحمله مسؤولية كبيرة حيال القارئ ، و تجعله شديد الحرص على طرح قضايا و أفكار جوهرية و جادة ، ليس أي شيء قابل للرسم ، فالكاريكاتير هو بمثابة افتتاحية موازية للكتابية ، باعتبار أنه يستقطب أعدادا هائلة من القراء ، على اختلاف اللغات التي يتقنونها و يتحدثون بها ، شخصيا ، أحظى بمتابعة كبيرة من قبل ، المعربين و المفرنسين و حتى الأنجلوفونيين ، و هنا يكمن الفارق بين الرسم و المقال الصحفيين" ، و بخصوص تعامله مع الظواهر السلبية و القضايا و الأحداث قال هشام "حقيقة نحن نرى الأشياء بمنظار مختلف و زاوية مغايرة تماما ، فمثلا أنا لا أنظر إلى الأشخاص بل إلى مناصبهم ، أعتقد أن الكاريكاتير يساهم ، بطريقة أو بأخرى ، في معالجة بعض السلوكيات غير المستقيمة و الظواهر السلبية ، و ربما يكون في بعض الأحيان سببا في حل مشاكلها ، بمعنى أن فكرة الرسم يكون لها صدى ، لدى الجهات المسؤولة ، بغض النظر عن الأثر و الانطباع ، الذي يتركه لدى القارئ ، و هذا ما ألمسه يوميا ، من خلال تعليقات القراء على "فايسبوك" ، و التي تتعدى ال 3000 تعليق كل يوم".
"أيوب".. عين على العيوب
إن هذا الفن لا يعدو أن يكون إلا عملا روتينيا بالنسبة للرسام الكبير أيوب ، الذي خاض فيه تجربة طويلة ، تمتد إلى نهاية سبعينيات القرن الماضي ، مكنته من صنع اسم مهم في الصحافة المكتوبة ، من خلال أسلوبه المتميز و بصمته الخاصة ، التي حرص على تطويرها عن طريق الممارسة ، خلال عمله بيومية "الخبر" في السابق ، و عناوين أخرى ، إلى أن استقربه الأمر في نهاية المطاف اليوم بجريدة "الشروق اليومي" ، يقول أيوب الذي تفنن في انتقاد العديد من الظواهر الاجتماعية ، " إن الكاريكاتير لا يعترف بالمجاملة ، كما أن الرسام اليوم بات يحظى بهامش كبير من الحرية ، للتعبير عما يريد ، قد تفوق بكثير ما هي عليه في أوروبا ، التي ساير فيها هذا الفن كل مراحل تطور الصحافة ، أما في الجزائر فهي متفاوتة من جريدة إلى أخرى و حسب الحصانة التي تتمتع بها ، لكنها في النهاية هي تعكس مستوى الصحيفة ، فنظرتنا الثاقبة كرسامين لكثير من الأمور و الأشياء ، تجعلنا نحرص على إظهار أو بالأحرى إبراز، الجوانب السلبية و الخفية و المسكوت عنها ، من خلال صورة مبسطة و محددة ، حتى تصل الفكرة للقارئ ، كل حسب قدراته الفنية ، و جرأته في معالجة الظواهر و الأحداث ، و تقديمها في قالب ساخر و بأسلوب لاذع ، مطعم بروح الفكاهة ، و هذا شرط أساسي لابد من توفره ، لأن الرسم الذي لا يضحك القارئ أو المتلقي ، لا يمكن أن نسميه كاريكاتير " ، و يضيف محدثنا في هذا السياق ، "على الرسام أن لا يتمرد على نفسه ، فبالنسبة لي هناك خطوط حمراء لا أتجاوزها احتراما للقارئ ، أقول هذا اليوم بعدما كنت متهورا في السابق ، خلال معايشتي و معالجتي لكل الأحداث التي شهدتها العشرية السوداء ، لكن لن أنكر بأن هذه الظروف الأمنية و الاجتماعية الصعبة ، و ما أفرزته من مشاكل ، منها البطالة و تسريح العمال ، خدمتني من الناحية الفنية رغم مجازفتي في طرحها ، يبقى أن أشير هنا ، أن فن الكاريكاتير في الجزائر ، قطع أشواطا كبيرا ، بالمقارنة إلى ما كان عليه في عهد الحزب الواحد ، و أحرز تقدما و تطورا إلى حد ما ، لكنه في الوقت نفسه ، لا يزال رهن المد و الجزر ، حسب الحالة و الوضع".
أصداء من مواقع التواصل الاجتماعي
لقد فرضت مواقع التواصل الاجتماعي ، حضورها في المشهد الإعلامي بشكل لافت ، و صار "فيسبوك" و "تويتر" و "أنستغرام" و غيرها من الشبكات ، جزءا من يوميات الناس ، و ضرورة ملحة في الحياة العادية و المهنية على حد سواء ، و هي وسائل لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال ، باعتبارها الطريق الأسهل بل و الأمثل ، لنشر الأخبار و الأحداث و تداول الصور و الفيديوهات بسرعة البرق ، و إجراء المحادثات الفورية و إنشاء المدونات ، التي باتت تصل إلى المتلقي في حينها و حال نشرها ، مهما كان موقعه الجغرافي على وجه الأرض ، من خلال صفحات هذه المواقع ، التي اختصرت كل المسافات ، و ألغت كل الحدود ، و جعلت العالم برمته على تواصل و تفاعل دائم ، حيث أصبح الجزائريين من الفاعلين الأساسيين في هذا الحراك ، الذي انصهروا فيه إلى أبعد الحدود ، و هو ما جعل الجزائر تحتل المركز الرابع عالميا ، في استعمال شبكات التواصل الاجتماعي ، بأكثر من أربعة ملايين مستخدم ، لاسيما على الفايسبوك ، حسب ما جاء في التقرير المنشور على الموقع الإلكتروني "سوشيال باكرز" ، المتخصص في رصد إحصائيات مواقع التواصل الاجتماعي ، الذي كشف عن استحواذ الشباب على حصة الأسد ، حيث باتت هذه الفئة الهامة من المجتمع ، تتفاعل اليوم مع كل الأحداث و الظواهر المتفشية ، و ملمة بكل ما يجري في الداخل و الخارج ، و تثور و تنتفض حيال كل ما يمس وطنها و كرامتها و عقيدتها ، من خلال ردود أفعال إيجابية تارة ، و سلبية تارة أخرى ، و بعيدا عن التعليقات و التغريدات الخارجة عن حدود اللباقة و الأدب ، يكفي أن نستحضر هنا كاريكاتير الرسام النمساوي ماريان كيمينساكي ، الذي نشره ساعات قبل لقاء منتخبنا الوطني بنظيره الألماني ، في مونديال البرازيل 2014 ، المتداول من قبل عدد كبير من نشطاء "الفايسبوك" و "تويتر" ، و الذي سخر فيه هذا الرسام من لاعبي فريقنا الوطني ، بسبب صيامهم شهر رمضان ، الذي تزامن مع خوضهم لهذه البطولة العالمية ، حيث أظهر الرسم لاعبينا و هم يلهثون وراء الكرة من شدة العطش ، في إشارة إلى عدم قدرتهم على تحمل أعباء المباراة بسبب الصيام ، أمام منافس قوي توج بكأس العالم في نهاية المطاف ، بعدما فاز بصعوبة كبيرة ، و بشق الأنفس أمام منتخبنا الوطني، في مقابلة تاريخية لا تزال عالقة في الأذهان ، انتهت بنتيجة هدفين مقابل واحد ، و كان هذا أحسن رد على الرسام الكاريكاتوري النمساوي ، الذي أشعل مواقع التواصل الاجتماعي ، بسخريته المندفعة و أحكامه المسبقة ، التي أسقطت رسمه في الماء و تحلل حبره و تلاشت خطوطه ، قبل حتى الإعلان عن المرور إلى الوقت الإضافي ، إثر تعادل الفريقين في الوقت الرسمي للمباراة ، حيث أبان الشباب الجزائري ، تشجيعا قد يفوق كل الوصف ، و مساندة قوية ، و دعما معنويا كبيرا لفريقهم ، من خلال "الفيسبوك" و "تويتر".
ومن المواقف التي تحسب للجزائريين من رواد مواقع التواصل الاجتماعي أيضا ، ما حدث مطلع السنة الجارية ، جراء الرسومات التي نشرتها صحيفة "شارلي إيبدو" الفرنسية ، و كيف أشعل الجزائريون مواقع التواصل الاجتماعي ، دفاعا عن خاتم الأنبياء و الرسل ، و تنديدا بتجاوز هذه الأسبوعية المصابة بالجنون ، لكل الخطوط الحمراء، و الأخلاقيات المهنية ، من أجل إنقاذ نفسها من الغرق و الإفلاس ، عن طريق استفزازات عقيمة ، لا تمت للاحترافية بصلة ، و لأنها تأبى العصيان ، أعادت هذه الصحيفة المتطرفة الكرة مع الطفل "إيلان" ، حيث نشرت رسومات تسخر فيها من موته ، و من لفظ أمواج البحر لجثثه الهامدة بسواحل تركيا ، و هي الصورة التي اهتز لها العالم و حركت الرأي العام ، و تعاطف معها الحكام و صناع القرار، غير أن أسبوعية "الشر" هذه ، وجدت في المأساة ، مادة دسمة للتعبير عن "هبلها" و انحرافها مرة أخرى ، و لو على حساب البراءة ، و هو ما أثار سخط رواد مواقع التواصل الاجتماعي ، الجزائريين و العرب و حتى الأجانب ، الذين سارعوا إلى إشعال هذه المواقع ، بالتعليقات و التغريدات المعبرة ، عن استيائهم الكبير و غضبهم الشديد ، إزاء الرسومات الساخرة المنشورة ، لطفل أصبح اليوم رمزا للاجئين السوريين بأوروبا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.