خلال الزيارة الميدانية التي قادتنا إلى المنطقة الصناعية زعرورة الواقعة بالمخرج الجنوبي لمدينة تيارت وقفنا على وضع كارثي تتخبط فيه منطقة صناعية بمثل هذا الحجم والتي كان يضرب بها المثل خلال الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي وكانت تعد من أهم المناطق الصناعية عبر الوطن تعج بالحركة والنشاط الصناعي غير أنه ومنذ بداية الألفية تبخر آمال سكان تيارت بهذه المنطقة كانت تدر الملايير وتشغل الآلاف من العمال الذين تم تسريحهم خلال العشرية السوداء للعجز الذي وقعت فيه أغلب المؤسسات المنتجة ويروي الكثير ممن اشتغلوا بهذه المنطقة الذين أحيلوا على التقاعد أو تم طردهم حسب ما أكده البعض منهم يتذكرون وبمرارة ففي وقت سابق كانت تخصص حافلات لنقل العمال إلى مصانعهم وطيلة اليوم تشاهد مركبات وبأعداد كبيرة تقوم بنقل السلع والبضائع إلى عدة ولايات أو منها التي تصدر نحو الخارج باتجاه ميناء وهران غير أنه فجأة تبدل الوضع إلى الأسوأ وأغلقت معظم الشركات التي كانت تنشط وتساهم في الاقتصاد الوطني أبوابها ووجد العمال أنفسهم خارج أسوار مؤسساتهم التي أفنوا فيها حياتهم. وبطبيعة الحال لا يمكن أن نخفي ما آلت إليه المنطقة الصناعية من تقهقر وانعدام شبه تام للمؤسسات المصنعة وخلال زيارتنا تفاجأنا بالمستور, هدوء تام يخيم على منطقة صناعية صرفت عليها الملايير فخلال العام الماضي تقرر صرف 100 مليار سنتيم لإعادة تهيئتها من جديد لكن الواقع الآن يكذب ذلك فعلى مساحة تتجاوز 360 هكتار بقيت مكانا لرعي الأغنام وقطيع من الحمير يجول ويصول ومساكن قصديرية بناها أصحابها والأدهى والأمر أن بالمنطقة الصناعية مزارع دون أن ننسى أن أغلب المستثمرين وإن وجدوا حقيقة هم فقط أشخاص قاموا ببناء مستودعات لتخزين سلعهم دون بعث استثمار حقيقي وما تبقى من ذلك فهي مساحات شاسعة وفارغة كما أن بالمنطقة الصناعية بنايات قديمة آيلة للسقوط هجرها أصحابها منذ عدة سنوات كما يتواجد داخل هذا النسيج الصناعي الهام آلات مرمية لم يتم حتى التخلص منها لأسباب قد تعود إلى الغلق المفاجئ كما ذكرنا للشركات ولم تتمكن من بيع عتادها المختلف بالمزاد العلني وتركت لحالها دون إيجاد الحل النهائي لها وما لفت انتباهنا أيضا هو سكنات بمواصفات "فيلات" بناها أصحابها وهنا نطرح علامة استفهام عن مدى تواجد منازل تقطنها عائلات داخل منطقة صناعية أصبحت تزاحم هياكل مؤسسات مفلسة بقيت الآن بلا روح. وبالمقابل أيضا وفي نفس الإطار فالميزة الأساسية للمنطقة الصناعية زعرورة هو اهتراء الطرق والأوحال دون إعادة تهيئتها من جديد. **غياب المساثمرين وخمس مؤسسات تنشط بالمؤسسة الصناعية الملاحظ أنه ما يميز المنطقة الصناعية زعرورة هو اختفاء للمستثمرين واستبدال نشاط ينحصر فقط في تخزين السلع والأغرب في ذلك أن اللجنة الولائية لتحديد العقار والاستثمار والمعروفة بكالبيراف قبل توقيف نشاطها هذا العام وافقت خلال 2014 على تجسيد 5 أكبر مشاريع للاستثمار الصناعي أضف إلى هذا طلبات المودعة لدى هذه الهيئة قصد تجسيد المشاريع غير أنها بقيت فقط حبر على ورق ويتغنى القائمون عليها بأنهم استطاعوا بذل الجهود قصد بعث مشاريع للتصنيع لكن دون جدوى ليبقى الحال كما هو دون أن يتم تحريك ساكن كما أن المنطقة الصناعية ينشط فيها 5 مؤسسات منها اثنتان تابعتان لسوناطراك وملبنة سيدي خالد ومؤسسة أخرى للمقاولات وشركة السباكة. دون أن ننسى أن جامعة تيارت تطالب بقطع أرضية تابعة لها وهي الآن تزحف نحو المنطقة الصناعية وتقلص من مساحتها وكذا تراجع الحظوظ في استثمار حقيقي وجدي فالأموال صرفت وذهبت في مهب الريح دون استغلالها من أجل تهيئتها أو حث المستثمرين على تجسيد مشروع اقتصادي يعود بالنفع على سكان تيارت. بعد توليه المنصب خلال حركة الولاة الأخيرة قرر الوالي إعادة بعث النشاط الصناعي حيث خصصت للمنطقة الصناعية الآن 600 مليار سنتم لإعادة تهيئتها وقد أبدى عدة ملاحظات ليس فقط على المنطقة الصناعية بزعرورة وإنما بباقي المناطق الصناعية الأخرى المنتشرة عبر الولاية كالمنطقة الصناعية بعين بوشقيف ومنطقة النشاط بقصر الشلالة و فرندة اللتين دخلتا الإنعاش منذ سنوات عديدة حتى أن والي تيارت أكد في تصريحاته دورة المجلس الشعبي الولائي الأخيرة أن هذه المناطق الصناعية اختفى منها كما ذكرنا المستثمرون وبقيت فارغة دون استغلالها على الوجه الأحسن. **مؤسسة صناعة النسيج تبكي على الأطلال يبقى حديث العام والخاص بتيارت عن غلق أكبر مؤسسة إنتاجية لصناعة النسيج على المستوى الإفريقي شغلت حتى بداية التسعينيات من القرن الماضي 4 آلاف عامل وكانت تنافس أكبر الشركات العالمية المختصة في صناعة الغزل والنسيج إلا أنه مع بداية التسعينيات أغلقت أبوابها وتم تسريح العمال الذين مازالوا لحد الآن يطالبون بتشغيلها من جديد ونشير أنه خلال العام الماضي صرح الوالي السابق لولاية تيارت أن هناك شراكة جزائرية تركية لإعادة نشاط هذا المؤسسة الفريدة من نوعها أمر استبشر به سكان مدينة تيارت خيرا وما أفاد به مصدر مطلع على الملف فإن المستثمر التركي طالب بنقل النسيج والصوف عبر السكة الحديدية لربح الوقت ليتوقف المشروع وتعود المؤسسة إلى نقطة الصفر من جديد. على كل فإن المؤسسة حاليا تخزن فقط منتوج القمح خلال كل موسم من الحصاد والدرس لافتقار الولاية إلى مخازن أخرى دون أن ننسى أن كل المعدات الموجهة لبيع النسيج تم بيعها لشركات أخرى عمومية و خاصة دون الحفاظ عليها فهي الآن خاوية على عروشها دون الاهتمام بها أو حتى استغلالها لبعث نشاط صناعي آخر. ومن جهة ثانية وخلال اجتماع لوالي تيارت واللجنة الولائية لدراسة ملفات الاستثمار للحصول على قطع أرضية فقد تم اعتماد 202 ملف لدى أمانة اللجنة على مستوى مديرية الصناعة والمناجم تم تحرير من أصلها 164 قرار ووصلت منذ انطلاق العملية دراسة 22 طلبا للاستثمار. مع العلم أن مشاريع المستثمرين اختلفت ما بين مشروعين لعيادتين طبيتين و 9 محطات خدمات وأربعة ملفات خاصة للسكنات الترقوية العقارية و 15 ملفا أودع أيضا لمشاريع التبريد ووحدات الصيانة والمراقبة التقنية. وللعلم فإن والي تيارت أمر بتسهيل الإجراءات الإدارية منها الحصول على رخص البناء قصد التسريع في تجسيد المشاريع الاستثمارية فيما أكد أيضا أن المشاريع تكون مدروسة وبدقة ولها الأثر الإيجابي على حياة المواطن شريطة أن توزع المشاريع الاستثمارية باحترام مخطط شغل الأراضي. **لقاء هام مع المستثمرين المحليين ومن المنتظر أن ينظم والي تيارت الاثنين المقبل اجتماعا موسعا مع المستثمرين الذين حازوا على الموافقة أو أنهم بصدد إنجاز مشاريعهم و يواجهون عدة عراقيل وصعوبات حالت دون الانطلاقة الفعلية تجسيد مشاريعهم الاستثمارية وهذا اللقاء سيكون بمثابة المرحلة الأولى لدراسة العراقيل التقنية أو الإدارية التي يواجهها المستثمرون بتيارت فيما سينظم لقاء آخر نهاية الشهر الجاري للمتعاملين الاقتصاديين لمن لهم أفكار قد تساهم في ترجمتها على أرض الواقع قصد تجسيد مشاريع هامة وسيعرض خلال اللقاء الثاني المزايا التي تمنحها الدولة للمستثمرين سواء أكانت صناعية أو فلاحية ويرى والي تيارت أن هذين اللقاءين بمثابة دفعة جديدة للاستثمار المحلي وفتح قنوات الحوار وتذليل الصعاب أمام أي استثمار قد يعود بالنفع على ولاية تيارت. وما أكدته مصادر رسمية أن أكثر من 100 مستثمر تحصلوا على قطع أرضية بالمنطقة الصناعية بزعرورة منذ 2012 تتراوح مساحتها ما بين ألف و 20 ألف متر مربع ولم يتم إلى حد الساعة الاستثمار بها فقط 5 مشاريع بدأ أصحابها في عملية الحفر والإنجاز فإن قطع الأراضي الموجهة للاستثمار وإنجاز المؤسسات بقيت كما هي وإن اختلفت الأسباب الحصول عليها فقط قصد التحصل على قروض بنكية ومنذ قرابة الثلاث سنوات لم يتم مراقبة هذه القطع الأرضية بقيت كما هي أضف إلى هذا فهناك أجزاء من المنطقة الصناعية يقوم بعض الاشخاص بتربية المواشي و الذبح غير الشرعي كالدجاج أو تربيته فقط فخلال 2010 وصلت ديون المنطقة الصناعية إلى 300 مليون سنتيم لمستحقات شركة سونلغاز و 560 مليون سنتيم مستحقات المالية والضرائب وكذا مستحقات الوكالة الولائية للضمان الاجتماعي وصلت الى حدود 670 مليون سنتيم وحسب ذات المصدر الرسمي أيضا ففي تلك الفترة تم توظيف 70 عون أمن بعقود ما قبل التشغيل وعمل 10 أعوان أمن فقط ولم يتلقوا في تلك الفترة مستحقاتهم المالية لأكثر من 8 أشهر كاملة وأشار ذات المصدر أن شركة التسيير العقاري للغرب المتواجدة بالمنطقة الصناعية كان رأس مالها في تلك الفترة وصل إلى 300 مليار سنتيم أوكلت لها مهمة تسيير المناطق الصناعية وبما فيها زعرورة وما أشار إليه المصدر فإن أشخاص غرباء تسللوا داخل المنطقة بدون وثائق وقاموا ببناء بيوت قصديرية أو بيع قطع أرضية بطرق ملتوية بعيدا عن القانون مما جعل وضع المنطقة الصناعية بزعرورة تعاني من الكهرباء ونقص في الانارة بداخلها **شركة بلاستيابليس نموذج للاستثمار الحقيقي خلال جولتنا داخل المنطقة الصناعية التقينا بالسيد خالد بوناب وهو صاحب مؤسسة خاصة لإنتاج الأكياس البلاستيكية الموجهة للمواد الغذائية وجمع القمامات فالشركة أنشأت منذ حوالى 7 أشهر وتشغل حاليا 9 عمال من أصل 17 فالمؤسسة الخاصة تعتبر نموذجا ناجحا للاستثمار المحلي وحسب مسيرها فإن الطاقة الانتاجية من الجانب النظري خلال سنة قد تصل إلى حدود 61 مليون وحدة من الأكياس لكن الشركة الآن تعمل بطاقة لا تتجاوز ال 40 بالمائة وأضاف محدثنا أنه اضطر إلى تسريح 8 عمال لأسباب يعتبرها بالموضوعية ذلك نتيجة المنافسة غير الشريفة من المنتجات الصينية والتي غزت السوق الجزائرية بإنتاج لا يطابق المواصفات المطلوبة نظرا لانعدام مخابر خاصة تقوم بتحليلها وأصحاب المؤسسات المختصة في البلاستيك إلى شراء المادة الخام مباشرة من المستوردين حيث يتم جلبها من السعودية والكويت مما قد يصعب الأمور كثيرا للذهاب بالمؤسسة بعيدا إلى جانب هذه الورشات السرية والتي تنشط بعيدا عن أعين المراقبة التي أغرقت الأسواق الوطنية بالأكياس ولا تراعي ما يمكن أن يضر بالمستهلك وأضاف خالد بوناب أن جلب المواد الأولية يكون بخلق مؤسسات منتجة حقيقة للمادة الأولية وليس غلقها فالدولة يرى فيها مسير المؤسسة أنها قاطرة للتنمية ويكون دفع المنتوج ليس فقط للمستهلك وإنما البحث عن أسواق أخرى عن طريق ما يعرف بالمناولة فعدة شركات دولية مختصة في صناعة السيارات تحتاج إلى البلاستيك ويمكن توسيع النشاط فالمؤسسة الآن تعمل بالمواصفات الدولية واكتسبت خبرة تقنية وتكنولوجيا عالية ومتطورة يمكن من خلالها التخلي عن الخبرة الأجنبية بدليل أن العمال تلقوا تكوينا تطبيقيا عال دون أن يلتحقوا بمراكز التكوين المهني وهذا ما تأسف منه كثيرا محدثنا لغياب التنسيق مع هذه الهيئة الهامة وفي ظل غياب نسيج صناعي مشكل لمؤسسات منتجة قد تكون زبونا لنا فإن منتوجاتنا موجهة فقط للمستهلك على نطاق واسع ولابد من تفعيل المؤسسات وحسب مسير الشركة هناك تفكير عميق لتصدير المنتوج نحو ألمانيا بعد إجراء سلسلة من اتصالات اللجان المرافقة للمشاريع تكون باحترافية عالية و يرى مسير الشركة أنه على اللجان الولائية التي تستقبل الملفات ان يكون أحد أعضائها له دراية كافية وموضوعية قصد دراسة الملفات والمشاريع الخاصة بالاستثمار حتى يكون هناك اختيار حقيقي للمستثمرين كل حسب قطاعه مضيفا في ذات الوقت أن هذه اللجان الولائية وبما فيها الأعضاء المشكلين لها يجب أن يتلقوا تكوينا دقيقا في مجال الصناعة والتصنيع تفاديا لإعطاء مشاريع وبالتالي الحصول على قطع أرضية قد يتم بيعها بشتى الطرق بدليل أن المنطقة الصناعية بها قطع أرضية صناعية بقيت على حالها دون استغلالها فالاستثمار يتطلب فعلا البحث عن استثمار حقيقي عن بيروقراطية الادارة ولم يخف المسؤول قلقه من التعامل مع القطاع العام للحصول على أسواق فقانون المناقصات يشير فقط الى فتح الأظرفة الخاصة فقط بالحصول على مواد التنظيف دون طلب الأكياس فبلدية تيارت تستهلك لوحدها 16 مليون دج من أكياس القمامة فمختلف القطاعات العمومية تلجأ الى التعامل مع التجار فقط. خالد بوناب صاحب مؤسسة لإنتاج الاكياس البلاستيكية في رأيي أن مشكل المؤسسات المنتجة يتمثل أساسا في المنافسة غير الشريفة بغض النظر إلى تواجد ورشات تنشط في الظلام بعيدا عن المراقبة وتفعيل الشركات يأتي بمحاربة هذه الظاهرة وتفعيل المنتوج الجزائري أكثر والحد من استيراد المواد الأولية ويمكن القول الاستثمار يكون بالدرجة الأولى بالبحث أكثر لمتعاملين اقتصاديين تتكون فيهم صفة الجدية والموضوعية أكثر.