سليمة مليزي حالة شعرية تتفجر إبداعا في ديوانها الجديد " على حافة القلب" الصادر عن دار الأوطان " الجزائر2016" في مجموعة من القصائد التي تستوقفنا عند الكثير من الأحاسيس و القضايا الإنسانية ومدى تأثرها ببرود العلاقات و فتورها ،و كذا موت الضمير العربي و العالمي و من هنا يستمد الديوان دلالته الإيحائية و التواصلية في رحلة الاستكشاف ، فالكثير منا صار يعيش على حافة القلب "هي حالة اللاتوازن ،حالة القلق الوجودي و حالة الانكسار و التلاشي و النسيان،لذلك فالديوان صرخة لاستدراك الوعي ،و الشعور بتعدد القضايا العاطفية و القومية و الإنسانية و الوجودية و انشغالات الحياة المتعددة بحسب تعدد عناوين القصائد. يمكن قراءة الديوان من حالتين،الحالة الشعرية الأولى مليزي من حيث تفاعل الأنا و الاشتراك مع الآخرين في خطابها المختزل في قضايا الآخرين و الحالة الشعرية الثانية سليمة من حيث الخصوصية و التفرد والتعمق في عالم الأنوثة بخيباتها و آهاتها المكتومة و المكبوتة ، لذلك فالديوان يحتاج إلى قارئ واع يشارك في بنائه وإعادة إنتاجه بالوقوف كثيرا عند المستوى الدلالي الذي ميز المتن الشعري بالخصوص.يعتبر ديوان " على حافة القلب " صدى لنفسية الشاعرة و ظل للآخرين بلغة شعرية خلاقة تستمد طاقتها من ظلال الناس و العالم و الطبيعة في تصوير الواقع بمتناقضاته و المتوقع بأحلامه و آماله ،ففي قصيدة " القلب .. صحو" شكوى هادئة تثير و تهز الأعماق تعبر فيها الشاعرة عن ارتباط الأنا بالآخر و حيرتها و قلقها و همومها في انتظار صحو الربيع الذي تأخر عن موعده في ضباب و صمت وفي زمان ضائع ، و في قصيدة " قدسية الكلام " تصور الشاعرة حالة الانتظار لأمل تناساه الغياب في المنفي بلا عنوان، هي رؤية للبعث الجديد، هي رقصة للأماني بعد مرارة الضياع و الاغتراب،فهل يرحل الانتظار و يأتي الربيع؟. الشاعرة سليمة مليزي عارفة بقوانين الخطاب الشعري و ميكانيزماته، وقد تجلى ذلك من خلال التناغم التناسق بين المستوايات في مظهرها اللفظي و الدلالي و البنائي و الجمالي، لذلك فالشاعرة في محاولة مستمرة للانشغال بالأنساق الداخلية للنص و كذا الإمساك باللغة المنفردة بمنزلة الهدوء و البركان و التي لها القدرة على تحقيق المتعة و الإثارة ، في رحلة الشاعرة من ديوان " نبض " إلى ديوان " على حافة القلب " توسعت التجربة و المغامرة تحت أفق مغاير من الأفكار و الدلالات باعتماد الشاعرة على الانزياح و الخروج على أنماط التعبير المألوفة و إخراج اللغة في فضاء شعري من العلاقات و التراكيب الجديدة في وحدة عضوية متكاملة و مشبعة بفاعلية و وعي حتى تخلق لدى القارئ فراغات و مسافات من القلق و التوتر و التساؤل قبل أن تتوقف نبضات القلب و هل في وسع الحلم أن يعيش أبعد من الحافة؟ !.