إن قانون العقوبات الجزائري يفصل بين الأحداث وجرائم البالغين كما يحرص على التعامل مع الأحداث المنحرفين بنوع من اللطف و الرأفة عند تحديد المسؤولية الجنائية و علما أن القانون لا يتعامل مع جريمة الطفل القاصر بشدة أو بصرامة حيث لا تتم معاقبته إلى غاية سن 13 أما جرائم الأحداث الذين تجاوزوا هذا السن ولم يبلغوا سن الرشد بد فيتم الحكم عليهم بعقوبات مخففة حسب نوعية الجريمة مثل التوبيخ والتنبيه أو إرساله إلى مؤسسات خاصة بالأحداث بهدف المراقبة والحماية أو الحكم عليه بعقوبة مع وقف التنفيذ. هذا ما أكده لنا الأستاذ المحامي حقيقي بن أحمد و الذي واصل حديثه بالقول «إن ظاهرة جنوح الأحداث وارتكابهم للجرائم بشتى صورها وأنواعها و تكييفاتها من أخطر الظواهر التي تهدد المجتمع الجزائري وهو ما تطلب معالجة تشريعية عبر منظومة متكاملة من القوانين بدأها المشرع الجزائري مبكرا بموجب قانون العقوبات الأمر 66-156 وقانون الإجراءات الجزائية الأمر 66-155 ثم جاء الأمر 72-03 المتعلق بحماية الطفولة والمراهقة والذي تضمن أحكام عديدة كان الهدف منها حماية الأحداث نفسيا واجتماعيا ووقايتهم من خطر الوقوع في فخ الجريمة وقد تم العمل بهذا النص بالتوازي مع نصوص قانون العقوبات وقانون الإجراءات الجزائية التي كانت تتضمن القواعد الموضوعية والإجرائية الخاصة بالجرائم التي يرتكبها الأحداث وبالنظر إلى هذه القواعد نجدها قد حددت من هو الحدث ومتى تبدأ مساءلته جزائيا ومتي يكتمل سن رشده الجزائي. أولا فيما تعلق بسن المسؤولية الجزائية : سن الرشد الجزائي حدده المشرع الجزائري بثمانية عشرة سنة بتحديد سن الرشد الجزائي بسن الحدث الجانح وقت ارتكاب الجريمة وفي هذا الأمر ضمانة كبيرة لعدم متابعة الشخص الذي يرتكب الجريمة وهو قاصر ولا تكتشف الجريمة إلا بعد بلوغه سن الرشد حيث لا يمكن أن تطبق عليه القوانين لأنه حين ارتكب الجريمة كان حدثا والجدير بالذكر أن الأمر 72-03 سالف الذكر كان ينص على اعتبار الشخص الذي يبلغ سن الواحدة والعشرين قاصرا يخضع للأحكام الخاصة بالطفل والمراهق ولكنه لم يشر من قريب أو بعيد لمسألة العقوبات الجزائية ومدى خضوع القاصر لها وبالرجوع إلى قانون العقوبات نجده من خلال المادة 49 منه يميز بين ثلاثة مراحل يمر بها الحدث قبل وصوله سن الرشد الجزائي وهي مرحلة الحدث الذي عمره أقل من عشر سنوات ثم مرحلة الحدث الذي يتراوح سنه من 10 إلى 13 سنة وأخيرا مرحلة الحدث الذي يتراوح عمره بين 13 سنة 18 سنة و هو ما جاء في المادة 56 من القانون العقوبات المتعلق بحماية الطفل والتي أضافت في فقرتها الثانية أن الممثل الشرعي للطفل يتحمل المسؤولية المدنية عن الضرر حيث كان من الممكن تحريك الدعوى العمومية على من لم يبلغ سن 13 سنة و من لم يبلغ هذا السن غير قابل لأن يكون مجرما وغير قادر على فهم معنى الجريمة وخطورتها استبدال العقوبة بإجراءات بتدابير بديلة جاء في الفقرة الثانية من المادة 49 من قانون العقوبات الجزائري أنه لا توقع على القاصر الذي يتراوح سنه من 10 إلى أقل من 13 سنة إلا تدابير الحماية أو التهذيب وهو ذات ما نصت عليه المادة 57 من القانون 15-12 المتعلق بحماية الطفل كما جاء في الفقرة الثالثة من قانون العقوبات أنه في مواد المخالفات لا يمكن أن يتعرض لغير التوبيخ إلا في حالات استثنائية وتدابير الحماية أو التهذيب التي يقصدها المشرع الجزائري كان منصوص عليها في قانون الإجراءات الجزائية «.