ما تزال فعاليات المهرجان الثقافي المحلي للمسرح المحترف متواصلة على مستوى عاصمة المكرة الى غاية الثاني عشر من الشهر الجاري في محورها النقد المسرحي. صبيحة اليوم الثاني من حيثيات المهرجان عرفت مناقشة العرض الأول من المنافسة بعنوان " المزيرية A La Mode " بحضور الأساتذة " خرواع توفيق " و" بوخموشة الياس " أين تمّ فتح النقاش مع مؤلف المسرحية والممثلين والحضور على رأسهم الدكتور " نادر القنة" وأساتذة وممثلين من تعاونيات وفرق متنوعة أين تمّ تعرية النص وتشريح الفعل الدرامي بالوقوف عند مزايا العرض ونقائصه في محاولة تقييم العرض المسرحي وفتح باب الحوار في إطاره الأكاديمي والتطبيقي الهادف بأسلوب نقدي هادف وموضوعيّ ليتمّ ختام جلسة مناقشة العرض على حقيقة أنّ الاختلاف أساس التواصل والتعاطي في الرّؤى وما هذا المهرجان إلا وسيلة لمدّ جسور العطاء. لتعرف الفترة المسائية برمجة عرضين مسرحيين لصالح جمهور متعطّش للّعبة الركحية ، أين رفع الستار عن عرض " الرحلة 03" لتعاونية الكانكي للفنون من مستغانم ، النصّ والإخراج ل "بن صابر عابد جمال الدين" وكما عوّدنا مسرح مستغانم قد طغت السينوغرافيا في جلّ لوحاته على الحوار الدرامي لتكون الرحلة 03 مشحونة باللّوحات الراقصة وحوار سرديّ بعيد عن الحبكة الدرامية بالرّغم من الحضور القويّ للممثلين جسديّا وذهنيا وإلمامهم ببعض تقنيات الخشبة . أين رحل العرض بالجمهور الى عالم فتاة عشقت مجال الرّقص وتشبّثت بعالمه السّاحر الذي ينقلها الى الصفاء الروحي ، ومع ذلك اصطدمت برفض والدها لمبدأ ممارستها فنّ الرقص ، وفي رفضه هذا تجلّت الصور الخيالية في ذهنها نحو مصير مجهول في إمبراطورية المملكة، الرّحلة 03 كانت في معظمها لوحات راقصة وغنائية من الموروث النّسائي في وقت غيّب فيعه الحوار الفني . تجدر الإشارة الى أنّ الرحلة 03 الحاملة لآمال خليدة التي تخلّد فنّ الرقص ومدى الولع به في زمن لربّما لم يعد يحتفي بالفنّ والفنّانين . والرحلة 03 هي مشروع عمل ضمن إطار الإبداع الفني بعد الرحلة 01 التي سلّطت الأضواء على فنان تشكيلي والرحلة 02 التي عالجت قضية الكاتب أو المؤلف بشكل عامّ. وعليه، فانّ العرض المسرحي قد طغت عليه جماليات السينوغرافيا على حساب المتعة الدرامية في وقت كان الجمهور يتطلّع الى احترافية أكثر ، ليكون مقياس الأقدمية لدى شخص في حجم " بن صابر" ليس بمبرّر لتغطية غياب الإسقاطات الدرامية في العرض المسرحي. ذات الأمسية عرفت برمجة العرض الثاني ضمن أجواء المنافسة من توقيع الجمعية الثقافية جيل الظهرة بالتنسيق مع جمعية النوارس من غليزان لإمضاء عرض " غدر امرأة" من اقتباس وإخراج " فلاح حورية فلة" عن نصّ مصطفى لطفي المنفلوطي . " غدر امرأة" كان ذا طابع كلاسيكي لكن جرئ الطرح والحبكة الفنية أين استهلت أحداث العرض المسرحي وسط فضاء مقبرة لتكون نقطة الانطلاق نحو تصور درامي واعد، ليكون لقاء أرموند والسيدة سلفانا التي رثت زوجها على تراب لم يجفّ بعد واستعجلت ذلك لتعقد قرانها بآخر . عدم صبر السيدة أبقى انطباعا سيئا لدلى أرموند ليكوّن فكرة عن حواء في عدم وفائها، ليلج باب بيته مكتئبا متحسّرا والخوف يعتريه والشّكوك تسكنه خوفا من عدم وفاء زوجته جاكلين إن غادر هته الحياة . في شكوكه تلك وبحكم مرضه جمع خادميه " أنطونيو ومريانا" لحبك خطّة من شأنها أن تطفئ نار الشكوك لديه، أين تمّ رفع الجمهور دراميا للتساؤل عن فحوى الخطة ومفاتيحها لفتح باب التشويق الفنّى. وبحكم مرض السيد " أرموندو" غادر الحياة في لحظة غير منتظرة ، أين تراءت للوهلة الأولى مدى حسرة زوجته عليه ، وليتم استبيان العمل الفني زار بيت السيد " أرموندو" صديق قديم وهو رامون الذي استغلّ حزنها ليحبك خطة جهنمية أين استرسل الحوار ويكشف الستار عن الخطة، أين سوّلت نفس السيدة جاكلين لشقّ رأس زوجها إرضاء لصديقه ظنا منها أنّها ستنقذ حياته . الرّفع الدرامي وصل الى مرحلة معينة ليتمّ كشف الحقائق ويتبين أن الزوج حبك كلّ ذلك لتكون شكوكه في محلّها ، ومن هول الصّدمة تغادر الحياة السيدة جاكلين . أين تبين أنّ غدر المرأة مباح في كلّ زمن ومكان حتّى وان سمى الحبّ الى أعلى درجاته اتّضح أن السيد " أرموندو" واحد من القلائل الذي ظلّوا أوفياء لحبّهم الأبدي ليظل شعورا إنسانيا نبيلا ، رغم أن ّ حواء هزّت عرشه وزعزعت كيانه بحكم غدرها وخيانتها . تجدر الإشارة الى أن عرض " غدر امرأة " كان ل " فلاح حورية فلة" اقتباسا ، إخراجا وتمثيلا وهو أول عمل مسرحي لها في حقل الإخراج المسرحي وأنّ ذات العمل حصد المرتبة الأولى بولاية وقلة . ولجمعية جيل الظهرة العديد من الأعمال المسرحية رغم فتاوة نشأتها وسعيها لرسم معالم تعنى بالفنّ الرابع ، والمميز فيه أنّها حوّاء وعالجت قضية غدر حواء بأسلوب سلس فيه اجتهاد بحكم تجربتها الأولى وعليه ، تبقى فعاليات المهرجان في رحلتها التنافسية متواصلة للرفع من حمى المنافسة ورفع الجمهور دراميا ليكون الموعد هته الأمسية مع عرضين "فجر إبليس" و"البعدان" .