لن يطول الانتظار، فخريف نوفمبر سوف يكشف مصير عملية خلط الأوراق بالمنطقة. وأغلب الظن أن عملية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي قد عقدت أوراق البعض، إلا أنها أسهمت في تحريك الكثير من المياه الراكدة. وهنا نرصد سبعة ملفات أساسية تهيمن علي أوراق اللعب بالمنطقة: حرب اليمن، أزمة الخلافات بين دول الخليج وقطر، تطبيع العلاقات مع تركيا واستعادتها للتحالف الغربي، وأزمة سوريا، والمسألة الكردية، ومصير الإسلام السياسي في المنطقة، وأخيرا التحالف الإستراتيجي في الشرق الأوسط الناتو العربي وتجهيز المسرح لمواجهة مفتوحة مع إيران. ومثلما أوضحنا فنحن في الفترة القصيرة الماضية شهدنا إعادة خلط الأوراق مرة أخري، ولا يبدو في الأفق سوي تحركات يسيرة إلي الإمام، وسط مؤشرات جدية بصعوبة حدوث اختراقات هائلة في القضايا المزمنة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وقيام الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية، كما أن التورط في حرب عسكرية مفتوحة مع إيران، بما تحمله من مخاطر علي أسعار النفط العالمية، وتهديد لاقتصاديات الهند والصين وبقية الدول الصناعية، أمر يفوق جموح الإدارة الأمريكية, وتحريض وبلاغة بنيامين نيتانياهو، كما أن العقلاء في المنطقة، وبمساعدة دول مهمة مثل روسيا والصين وفرنسا وألمانيا وبقية دول الاتحاد الأوروبي لن تسمح بالمضي بعيدا في مغامرة خطيرة بإشعال حريق كبير في الشرق الأوسط. ومن هنا علي الأرجح سوف نشهد لغة صاخبة بل ربما عنيفة، وتصلبا في المواقف المعلنة, ولكن كل ذلك من أجل تحسين الشروط, وتحسين العائد من الصفقة أو الصفقات التي يجري التفاوض حولها الآن. وليس فقط صفقة إغلاق خاشقجي، بل صفقة اليمن, إلا أن ذلك لا يعني أن الغرب سوف يتخلي عن ورقة الإسلام السياسي، فالأرجح أن يضعها جانبا إلي حين، كما أن ورقة الإرهاب ستظل حاضرة وفاعلة، ولن يتم التوقف عن الحروب الصغيرة بالوكالة، وسيتم اللجوء لعملية الاحتواء وأساليب الحرب الباردة الجديدة ضد إيران وحلفائها. ولعل خريف نوفمبر سيقول لنا أمرين: مدي نجاح العقوبات الأمريكية ضد طهران، ومدي قوة ترامب بعد انتخابات التجديد النصفي للكونجرس. وأغلب الظن أنه لو كسب الديمقراطيون مجلس النواب، وخسر الجمهوريون مجلس الشيوخ أيضا ،أو حتي احد المجلسين فإن ذلك يعني دخول ترامب مرحلة «البطة العرجاء»، وبدء سباق الترشح للرئاسة الأمريكية مبكرا جدا.وليس بعيدا عن ذلك تعثر صفقة القرن ومشروعات أخري، والأرجح أن يتم اللجوء الي منتديات موسعة للكلام لإدارة الأزمات عوضا عن حلها. والآن دعونا نرصد بعض تطورات عملية اعادة تدوير أو اللعب بالأوراق في المنطقة. أول ما يلفت النظر دعوة وزير الدفاع الأمريكي ماتيس إلي إنهاء الحرب اليمنية، و حيث قال علي هامش مؤتمر البحرين للأمن: يجب أن نبدأ في شهر نوفمبر، في التفاوض حول القضايا الجوهرية. التسوية يجب أن تحل محل القتال. وكشف عن أن التسوية ترتكز علي تقسيم اليمن إلي مناطق تتمتع بحكم ذاتي بعد عملية تدريجية لنزع السلاح، وأن الجزء الأول من المعادلة هو ضمان أن تكون الحدود منزوعة السلاح، وألا يكون هناك سوي الجمارك وشرطة الحدود لتسريع تدفق البضائع ، وحركة الناس بشكل قانوني. أما الجزء الثاني فهو نزع السلاح وفق جدول تدريجي طويل. فليس هناك حاجة إلي صواريخ توجه في أي مكان في اليمن بعد الآن. ويري ماتيس: وإذا فعلنا ذلك، أعتقد أن الحوثيين لن يجدوا وقتا أفضل للحصول علي مستوي ما من الحكم الذاتي. وأشار إلي أنه يمكن للأمم المتحدة أن تضع هذا الإطار، مادام لن نري إيران تستخدم دولا أخري كطرق جانبية سريعة لإخراج أسلحتها المزعزعة للاستقرار، وتعطيل الحركة التجارية في الخليج أو إطلاق الصواريخ علي أهداف مدنية في السعودية. ومن جانبها قالت فرنسا إنها تمارس ضغوطا بالتعاون مع الأممالمتحدة، من أجل الوصول إلي حل سياسي في اليمن، لأنه لا فائدة من الحل العسكري. وتزامن ذلك مع توجيه أمير الكويت صباح الأحمد تحذيرات إلي كل من السعودية وقطر وباقي الدول المتورطة في الأزمة الخليجية، وقال إن انهيار مجلس التعاون الخليجي هو تصدع لآخر معاقل العمل العربي المشتركة. و ضرورة أن يعي كل أطراف الأزمة الخليجية مخاطر التصعيد. وأشار إلي أن دولة الكويت، ليست طرفا ثالثا في الأزمة الخليجية. ومن جانبه قال وزير خارجية تركيا جاويش أوغلو إن قطر تجاوزت آثار المقاطعة، وتركيا تنظر إلي دول الخليج كعائلة، ويتم حل الخلافات بين أفراد الأسرة من خلال الحوار. ويأتي ذلك وسط أنباء عن دخول الأردن علي خط الوساطة بين السعودية وقطر بعدما نجحت في تبريد الجبهة ما بين تركيا والسعودية. وتشير التقارير الواردة من عمان إلي المجاملة الكبيرة من محمد بن سلمان ولي العهد السعودي لتركياوقطر في مؤتمر دافوس الصحراء الذي عقد بالرياض أخيرا، وأن الأردن نجح في إقناع قطر بتخفيف الجزيرة لتغطية قضية خاشقجي بنسبة 40%. وأغلب الظن أن المصالحة مع تركياوقطر مسألة طويلة ومعقدة ترتبط بملفات معقدة مثل مستقبل مشروع الإسلام السياسي في المنطقة، والمسألة الكردية، والحل في سوريا والتحالف الإستراتيجي في الشرق الأوسط، والعلاقة مع طهران. ويبقي أن آخر ما يلفت الانتباه في نهاية المطاف أن بوتين والسيسي التقيا للمرة التاسعة، ووقعا علي اتفاق الشراكة الشاملة والتعاون الإستراتيجي بين البلدين، وذلك تزامنا مع الذكري ال 75 لإقامة العلاقة المصرية الروسية. لا أحد يعتقد أنها صدفة بل استعادة الحليف الروسي القوي والصديق منذ فترة كبيرة للشعب المصري ، فلا أحد يعرف ما تحمله الأيام؟!. الأهرام المصري