يتواصل بقصر المعارض الصنوبر البحري فعاليات المعرض الدولي للكتاب في دورته 24، وفي يومه الرابع على التوالي وسط إقبال وحضور جماهيري منقطع النظير، خص جميع أجنحة المعرض بما فيها الأجنحة الخاصة بالأطفال، كذلك بالنسبة لأجنحة الديوان الوطني للمطبوعات الجامعية والديوان الوطني للكتاب المدرسي يعرف الصالون الدولي للكتاب الذي افتتحت أبوابه للجمهور يوم الخميس الماضي، إقبالا جماهيريا واسعا، وكالعادة يبدي القارئ الجزائري اهتماماه بكل ما هو موجود في رفوف الأجنحة سوء كانت الكتب العلمية والمدرسية التي تخص المتمدرسين نجد أيضا الاهتمام بالكتب الدينية والروايات وغيرها، وما يلفت الانتباه في هذه الدورة هو الاهتمام بجناح ضيف شرف الدورة السينغال الذي يشهد هو الأخر إقبال من الزوار الذين جاؤوا من مختلف الوطن بغية التعرف على حضارة وتراث شعب تيرانغا. كذلك الاهتمام كان أيضا بجناح فلسطين الذي يعرف ككل سنة إقبال الزوار وذلك لتقديم المزيد من الاهتمام والتضامن مع قضية الشعب الفلسطيني، وما يشغل اهتمام الزوار أكثر خاصة منهم المثقفين والنخبة والمهتمين بالشأن السياسي للبلد كتب التي صدرت هذه السنة والتي تناولت “الحراك الشعبي” وهذا أكثر شيء ميز الدورة 24 من المعرض، ومن أهم هذه الكتب التي يبحث عنها القارئ كتابة “المقاربة الدستورية..الجيش وإدارة الأزمة في الجزائر” صادر عن دار إفريقيا للنشر والاتصال الجزائرية، للدكتور والإعلامي محمد بغداد، تناول فيها الإستراتيجية التي اعتمدها الجيش الجزائري في مواجهة الأزمة، التي تعرفها البلاد بعد اندلاع الحراك الشعبي، الذي أدي إلى سقوط النظام الحاكم، وما نتج عن ذلك من تداعيات سياسية تكاد تعصف بالدولة الجزائرية، كما اعتمد الدكتور محمد بغداد في دراسته على المنهجية العلمية في التتبع والتحليل العلمي، مزاوجا بين الزخم الإعلامي والتفاعل الاجتماعي، وعلاقتهما بتفاصيل الأزمة، التي يقول أن التوقع العام لا يعطي الانطباع بظهور أزمة منذ البداية، إلا أن عنصر المفاجأة قلب موازين المعادلة، وهنا تعمل الدراسة على قراءة الموضوع من زاوية سوسيو إعلامية، وجاء في دراسة(المقاربة الدستورية) أن التوقع الأولي، يؤكد أن الاحتجاج الشعبي الذي أخذ عنوان (الحراك الشعبي) برز بصفة مفاجئة وغير منتظرة، وأن كانت عوامل التذمر بادية من قبل دون أن تصل قوتها إلى درجة انفجار الغضب الشعبي بتلك القوة وبذلك الحجم، وهو ما وضع النخب والنظام السياسي القائم، وحتى الرأي العام في موقع المفاجأة. وبعد مقاومة نسبية ومرتبكة، سقط النظام السياسي ووجدت البلاد نفسها في مواجهة المجهول، وانعدام البديل السياسي الذي يحل محل النظام السياسي المنهار، فالحراك الشعبي لا يمتلك قيادة تمثله ولا يتوفر على خطة سياسية بديلة، والأحزاب السياسية والهيئات والمنظمات الأهلية تم اقصاؤها من طرف الحراك الشعبي، وهنا برزت المشكلة، فالنظام سقط كما أراد وطالب بذلك الحراك الشعبي، ولكن البديل مفقود ولا يملك أحد هذا بديلا جاهزا، مما جعل البلاد تواجه خطر الفوضى المنذرة بتكرار السيناريو الدموي للتسعينات من القرن الماضي، كما نجد كتاب يحمل عنوان “من قلب الحراك” للكاتب الجزائري التهامي مجوري حاول من خلاله طرح أسئلة جوهرية تخص الحراك الشعبي منها: ما أسباب اندلاع حراك الجزائر؟ من وراءه؟ وما الذي يترتب عليه بالنسبة للشعب والسلطة؟ الكتاب، وفق صاحبه، يتطرق بالتحليل السياسي إلى الحراك الشعبي الذي أطاح بالرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، ودفعه إلى تقديم استقالته في 2 أفريل الماضي، وصدر الكتاب الذي كتب تقديمه المفكر الجزائري الطيب برغوث، في أوت الماضي، عن منشورات “جيغا بوكس” ويقع في 207 صفحة، وحول كتابه، قال التهامي مجوري إنّه يتناول قضايا ووقائع عايشها خلال المظاهرات، مشيرا أنه عايش الحراك بجميع أسابيعه، وكان له رأي في الكثير من تفاعلاته ضمنتها في الكتاب، ومنها موضوعات لا تزال مفتوحة على التاريخ، قائلا “ما ذكرته هو عمل الصحافي الذي يتصيد الأخبار والمشاهد واللقطات، وإن كنت في الأصل صحافيا ويستهويني ما يستهوي الصحافي، ولكنني في هذا الكتاب تعاملت مع الحدث تعامل الدارس والمحلل وليس عمل المخبر الإعلامي”.وأكدّ مجوري أنّ الكتاب يتناول الأشهر الأربعة الأولى من الحراك بالدراسة والتحليل والمواقف من الأمور التي أثيرت، إضافة إلى المساهمة في تطوير الثقافة السياسية بالساحة الجزائرية، وصناعة رأي عام وطني قوي بعيد عن الاصطفاف الحزبي والتشبث بالأحداث الآنية العاجلة، تعلقا بالغايات الكبرى التي يناضل في سبيل تحقيقها الشعب. وأشار إلى أنّه يجيب في العمل عن عديد الأسئلة منها: “لماذا وقع الحراك؟ من وراءه؟ واجب الجماهير في ذلك؟ واجب السلطة تجاه هذه الجماهير المتظاهرة؟”، ملفتا أنّ كل هذه التساؤلات تتطلب الوقوف عندها، ومعالجتها بشكل ما، وذلك ما حاول الخوض فيه.