واصلت قوات الاحتلال من خروقاتها للتهدئة مع تصاعد حدة التوتر، بشأن تطبيق بنود اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى، حيث استشهد مواطن في قصف استهدف مدينة رفح، في الوقت الذي شرعت فيه فصائل المقاومة في قطاع غزة، باتخاذ إجراءات أمنية جديدة، خلاف تلك التي اتبعت بعد الإعلان عن التهدئة، تحسبا لعودة التصعيد. وميدانيا، فقد استشهد المواطن خليل حلاوة (44 عامًا)، جراء قصف إسرائيلي نفذته أحد الطائرات المسيرة، ذات المهام الحربية، على منطقة تقع شرقي مدينة رفح. وحسب مصادر محلية فإن مواطنا آخر أصيب بجروح خطيرة، جراء الاستهداف، الذي طال تجمعا للمواطنين شرق المدينة الواقعة أقصى جنوب قطاع غزة. وجرى نقل الشهيد والمصاب إلى مشفى غزة الأوروبي، شرق مدينة خانيونس المجاورة، في وقت عاشت فيه المنطقة أجواء توتر شديدة، خاصة وأن هذا هو الشهيد الثاني الذي يسقط في مدينة رفح خلال 24 ساعة، خاصة وأن استشهاده جاء جراء قصف من الطيران الإسرائيلي، الذي أعتاد السكان عليه خلال فترة الحرب. كذلك شهدت بعض المناطق الحدودية الواقعة شرق قطاع غزة، لعمليات إطلاق نار من قبل الآليات العسكرية المتوغلة على طول الشريط الحدودي. وكان مواطنان اصيبا ليل الثلاثاء، جراء إطلاق قوات الاحتلال الإسرائيلي، النار عليهم خلال تواجدهم قرب ميدان العودة وسط مدينة رفح. وقالت وزارة الصحة في غزة، إنه وصل إلى مشافي القطاع 3 شهداء منهم 2 شهيد انتشال،1 شهيد جديد، و9 اصابات، خلال ال 24 ساعة الماضية. وأشارت إلى ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي الى 48,222 شهيد و111,674 اصابة منذ السابع من اكتوبر من العام 2023، فيما لا يزال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الاسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم. وفي هذا السياق، أعلن سلامة معروف رئيس المكتب الإعلامي الحكومي، أن الاحتلال ارتكب أكثر من 270 انتهاكا، منذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وأكد أن الاحتلال يتنصل كليًا من التزاماته بموجب اتفاق وقف إطلاق النار، ولم يسمح بدخول مستلزمات الإيواء والأجهزة والطواقم الطبية، مؤكدًا أنه لم تصل أيّة كرافانات إلى القطاع منذ بدء وقف إطلاق النار. وطالب معروف من الوسطاء الضغط على الاحتلال ل "الوفاء ببنود اتفاق وقف إطلاق النار". والجدير ذكره أن مدير عام وزارة الصحة منير البرش، كان قد أعلن أن عدد الشهداء جراء الاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال منذ بدء سريان الهدنة، ارتفع إلى 92 شهيدًا، إضافة إلى 24 فارقوا الحياة متأثرين بجراحهم، ما يرفع إجمالي عدد الشهداء منذ سريان الهدنة إلى 118 بالإضافة إلى 822 إصابة، وأشار إلى أن الطواقم الصحية انتشلت حتى الآن جثامين 641 شهيدًا، بينهم 197 شهيدًا لم يتم التعرف على هوياتهم بعد. ..تدابير المقاومة الاحترازية وجاء الاستهداف بالطيران وعمليات إطلاق النار، مع ارتفاع حالة التوتر الميداني على الأرض، لعدم تنفيذ دولة الاحتلال كامل بنود "البروتوكول الإنساني"، الذي ينص على إدخال المساعدات لقطاع غزة، وقيام حركة حماس بتجميد عملية تبادل الأسرى، وما تبعه من تهديد إسرائيل بالعودة للحرب من جديد. ومع ارتفاع التوتر، وعدم التوصل إلى حلول حتى اللحظة تنهي الخلاف القائم حول تطبيق ينود اتفاق وقف إطلاق النار، اتخذت فصائل المقاومة تدابير جديدة في كافة مناطق قطاع غزة. ونقلت صحيفة "القدس العربي" عن مصادرها، أن تعليمات جديدة صدرت لنشطاء الفصائل المسلحة، تطالبهم بأخذ أقصى درجات الحيطة والحذر في الفترة القادمة، تحسبا لأي "عملية غدر"، قد تلجأ لها إسرائيل بشكل مفاجئ، بعد إعلان حركة حماس تجميد عملية تبادل الأسرى، لعدم التزام دولة الاحتلال، بتطبيق "البروتوكول الإنساني". وجاء ذلك بعدما هددت إسرائيل بالعودة إلى الحرب، في حال لم تنفذ عملية التبادل، وذلك عقب اجتماع الحكومة المصغرة في تل أبيب "الكابينيت"، والتي تساندها تصريحات أخرى كان قد أدلى بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وتضمنت التعليمات عدم الظهور في الأماكن القريبة من الحدود بشكل واضح، وتجنب استخدام وسائل الاتصال العادية، حيث ينتشر هناك عناصر من المقاومة، لمراقبة المكان، خشية من عمليات تسلل تنفذها قوات خاصة إسرائيلية إلى مناطق في عمق قطاع غزة. ..رفع الجهوزية وقد جرى رفع درجة الجهوزية داخل فصائل المقاومة في غزة، تحسبا لأي طارئ قد يحصل بشكل مفاجئ، وفق خطة جرى إعدادها لمثل هذه الظروف. كما يشمل الأمر أيضا عمل الأجهزة الشرطية والأمنية، والتي ستقوم بترك مراكز تواجدها، والعودة للعمل وفق الخطة التي كانت قائمة خلال فترة الحرب، ومن أبرزها العمل بنظام الطوارئ الكامل، وعدم الظهور بالملايس العسكرية. وفي هذا السياق، كانت فرق شرطية قامت بمداهمة عدة مراكز تجارية، كما عملت على اعتقال عدد من التجار والباعة، الذين استغلوا التوتر التي يخشى أن تقود لعودة التصعيد العسكري والحرب، وتعمدوا رفع أسعار السلع التجارية بشكل جنوني. وقد طلبت الأوامر الجديدة التي صدرت من نشطاء الإبقاء على هذه الحالة، حتى صدور إشعار آخر، فيما تجرى هناك اتصالات على أعلى مستوى بين قادة الفصائل المسلحة وتشكيلاتها على الأرض، في ظل توقع كل السيناريوهات الممكنة. وفي ذات الوقت يتهيأ الجناح العسكري لحركة حماس كتائب القسام، لسيناريو عودة الأمور إلى طبيعتها، وتمكن الوسطاء من حل الازمة، بما يعني قيامه بتنفيذ عملية إطلاق سراح ثلاث أسرى إسرائيليين يوم السبت القادم، وذلك في ظل التحركات الكبيرة التي يقوم بها الوسطاء في هذا الوقت، بهدف انقاذ اتفاق وقف إطلاق النار في مرحلته الأولى، ومرور يوم السبت المقبل بدون أن مشاكل. وكانت قيادة المنطقة الجنوبية في جيش الاحتلال، وهي المسؤولية عن العمليات العسكرية ضد قطاع غزة، قد رفعت حالة الطوارئ، حيث كشف النقاب انها أعدت خططا عملياتية في حال انهيار اتفاق وقف إطلاق النار، فيما كشف أيضا عن قيام جيش الاحتلال بنقل المزيد من قواته إلى مناطق غلاف غزة. وفي سياق الاستعداد لاحتمالات التصعيد، قام جيش الاحتلال بإجراء تجارب على تشغيل صفارات الإنذار، التي تحذر من انطلاق صواريخ، في منطقة تل أبيب، كجزء من مناورة. وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، هدد بعودة الحرب، في حال لم تفرج حركة حماس عن الأسرى الإسرائيليين حتى ظهر السبت "سيعود الجيش إلى القتال المكثف حتى إلحاق الهزيمة بحماس في النهاية"، وأضف "لقد باركنا موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورؤيته الثورية بشأن قطاع غزة". في المقابل قالت حركة حماس إنها ملتزمة باتفاق وقف إطلاق النار ما التزم الاحتلال به، وأكدت أن "الاحتلال هو الطرف الذي لم يلتزم بتعهداته، وعليه تقع مسؤولية أي تعقيدات أو تأخير".