الرهان الأكبر للمجلس الشعبي الوطني القادم، بعد بصمة المجلس الدستوري، هوتعديل الدستور، ولا يعرف أحدا إن كان التعديل جذريا أوجزئيا بعد حصاد الأفالان 220 مقعدا في البرلمان، وبالتالي أحقيته في التصرف فيه، خاصة وانه من أنصار فتح العهدات الرئاسية. طرح تعديل الدستور في الجزائر "إشكالية في مفهوم الديمقراطية" بين قولين: الأول يرى أن فتح العهدات الرئاسية مساس بمبدأ التداول على السلطة، وبالتالي قتل للديمقراطية، أما الثاني: وهوما عبر عنه الرئيس بوتفليقة، ومؤداه أن كبح رغبة الشعب ليس من الديمقراطية، فأي القولين اصح؟ سقف دستور 96 مكوث رئيس الجمهورية على رأس الدولة بفترة 10 سنوات، تبعا لعهدتين، لا ثالث لهما، ومن صاغ هذا الدستور، برر الغلق على العهدات باثنتين فقط، على سند ديمقراطي أساسه التداول على السلطة، وتطابق إقرار هذا المبدأ مع نظرة الرئيس السابق اليامين زروال "الزاهدة في السلطة"، فهو لم يتمم حتى عهدة واحدة، وأقر انتخابات مبكرة قبل عام من انتهاء عهدته الأولى، أفريل 1999، ولم يترشح لها، رغم أن دستور 89 منحه الحق في البقاء مدى الحياة في قصر المرادية، إذا أحب الشعب بقاءه. خلال 2008، حاول رئيس المجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، تبرير ولائه للعهدة الثالثة بالقول أن "تحديد الفترة الرئاسية في دستور96 كان مفروضا علينا من الخارج"، ما يعني أن الظروف التي كانت تعيشها الجزائر، سمحت للتدخل الأجنبي، لكن من اجل ماذا؟ من أجل غلق العهدات الرئاسية باثنتين فقط، ومن يسمع تصريح زياري في هذا الشأن ماذا يستنتج؟، يستنتج أن "الخارج لم يفعل أكثر من دعوته الجزائريين إلى الإقتداء بالدستور الأمريكي الذي حدد الفترة الرئاسية بعهدتين، ولم يتطاول عليه منذ إقراره عهد جورج واشنطن، والاعتبار للدستور الروسي والدساتير الأوروبية التي أقرت نفس الشئ". خلاصة الاستنتاج في هذا الشأن أن الخارج دعا الجزائريين إلى الديمقراطية، بالتداول على السلطة. سؤال آخر يطرح: هل يعني أن الجزائر أكثر ديمقراطية من الولاياتالمتحدةالأمريكية وروسيا؟. أويحي، الذي كان رئيسا للحكومة آنذاك، ظهر الوحيد من السياسيين الذين انتبهوا لمفارقة زياري، لما رد عليه أن "الجزائر صحيح كانت تعاني ضغوطا اقتصادية، لكنها لم تئن أبدا تحت ضغط من قبيل ما ذكر زياري". وتردد قبيل عرض دستور 96 على الشعب أن نقاشا حادا سبقه، باعتبار الفترة التي جرى فيها التعديل، أي أيام "عقد روما"، بينما تشير قراءات أن الرئيس السابق إليامين زروال، وفي إطار سعيه إلى توافق داخلي بين الجزائريين لحقن الدماء، والظهور بمظهر خارجي ديمقراطي سنوات العزلة الدولية، يكون استجاب عن قصد أو غير قصد لإحدى مقررات سانت إيجيديو، التي يقال إنها عملت على تحديد الفترة الرئاسية بعهدتين. وأكثر من ذلك، أشار المحامي ميلود إبراهيمي أن هناك من اقترح عهدة واحدة فقط. وإذا ما اتخذنا دستور 96 مرجعا، يمكن اعتباره خطوة مبكرة لمسار دولي راهن، يقلص من عدد العهدات الرئاسية، حيث يعاني العديد من الرؤساء من "كبح" خاصة في إفريقيا، وخاصة مع ما حصل في مصر مبارك وتونس بن علي، بينما وقف المعارضون في نيجيريا ضد الرئيس أوباسانغو، عندما رغب في تعديل الدستور لولاية ثالثة، تماشيا مع "تحذير" الأمين العام السابق للأمم المتحدة، كوفي عنان، القادة الأفارقة مما اسماه ب"التلاعب بالدساتير بهدف تمديد فترات ولاياتهم".