تحتفل المرأة الجزائرية، غدا الأربعاء، على غرار باقي نساء العالم، بيومها العالمي، وهي ماضية في تعزيز مكانتها المؤثرة في المجتمع وتكريس دورها المحوري وحضورها المميز في مسار بناء الجزائر الجديدة. وبرز هذا الدور المحوري من خلال دستور نوفمبر 2020 الذي كرس مبدأ المناصفة بين الجنسين في كل المجالات الوظيفية والانتخابية ونص على حماية المرأة من كل أشكال العنف في كل الأماكن والظروف، في الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، وعززت هذه الخطوة النوعية مكتسبات المرأة الجزائرية التي سجلت حضورها وأثبتت جدارتها في تقلد المسؤوليات والمناصب العليا في الدولة. وقد جدد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في مناسبات سابقة، عزمه على الوفاء بالالتزامات التي تعهد بها أمام الشعب من خلال تعزيز مكانة المرأة، خاصة في مجال التمكين السياسي والاندماج الواسع في مسارات الإنعاش الاقتصادي، وترجمة مبدأ المناصفة في تولي المسؤوليات والمهام الرفيعة وتوفير كل ضمانات الحماية من جميع أشكال العنف. ويحرص الرئيس تبون على ضرورة ادماج المرأة في الحياة الاقتصادية من خلال تشجيع المبادرة بالمشاريع المنتجة للثروة وروح المقاولاتية لدى المرأة المبدعة، خاصة تلك القاطنة في الريف والماكثة بالبيت. وخلال السنوات الثلاث الأخيرة، تعززت المكانة الخاصة للمرأة الجزائرية بإرساء مكتسبات سياسية هامة، وبالأخص مبدأ المساواة بين الجنسين في تولي الوظائف وترقية التناصف في سوق الشغل وتشجيع وترقية المرأة في مناصب المسؤولية. وقد تكرس ذلك في جل التشريعات الوطنية، لاسيما قانون العمل والقانون المتعلق بكيفيات ممارسة الحق النقابي، الذي يشدد على عدم التمييز في شغل منصب عمل باستثناء الأخذ بعين الاعتبار معياري الأهلية والاستحقاق، كما يضمن المساواة في الأجور بين العمال. وعلى الصعيد الدولي، صادقت الجزائر على مختلف المواثيق المرتبطة بحقوق المرأة وتعمل على تجسيد برامج شاملة وتوفير أطر متكاملة لضمان المساهمة الفعلية للمرأة الجزائرية في مسار التنمية، في إطار سياسة اجتماعية راسخة وتتماشى وأهداف التنمية المستدامة. وقد انعكس تجسيد مضمون الإطار التشريعي والقانوني ميدانيا من خلال الارتفاع الكمي والنوعي لتواجد المرأة الجزائرية في كافة الميادين، حيث أصبحت تتولى مناصب المسؤولية في مختلف الوزارات والهيئات الوطنية والقضائية وفي صفوف الجيش الوطني الشعبي والأسلاك الأمنية بتقلدها لأعلى المراتب. وبلغة الأرقام والإحصائيات، فإن عديد القطاعات تجاوزت فيها اليد العاملة النسوية نسبة 50 بالمائة، على غرار الصحة والتربية والتعليم، كما تشكل الطالبات المتخرجات من الجامعة سنويا نحو 65 بالمائة من المجموع الكلي ويساهم العنصر النسوي في إنجاز وتنفيذ مختلف مشاريع البحث بنسبة 45 بالمائة عبر كامل التراب الوطني. وقد لقيت هذه النتائج الإيجابية المحققة إشادة من عدة هيئات ومنظمات أممية ودولية، حيث أكد المنسق المقيم للأمم المتحدةبالجزائر في تصريح سابق أن الجزائر قد حققت منذ استقلالها تقدما كبيرا في مجال حقوق المرأة، سيما من حيث تمدرس الفتيات، موضحا أن نسبة النساء الحاصلات على شهادات "هامة جدا" وأن عدد المهندسات يعتبر أعلى من ذاك المسجل في بعض البلدان المتطورة. كما لقيت الإجراءات القانونية التي أقرتها الجزائر من أجل حماية المرأة من جميع أشكال العنف في المجالين المهني والخاص، تنويها دوليا، حيث يضمن القانون الجزائري استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التكفل ومن مساعدة قضائية بموجب المادة 40 من الدستور. وقد أثبتت المرأة الجزائرية وجودها في أصعب الأوقات التي مرت بها البلاد، على غرار الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كورونا، حيث أبانت عن تضحياتها في السلك الطبي وفي مختلف القطاعات وفي محيطها الأسري والمهني والاجتماعي. وقد كانت المرأة الجزائرية عبر مختلف الحقب التاريخية حصنا منيعا في الدفاع عن الوطن وفاعلا أساسيا إبان ثورة التحرير المظفرة عندما ضحت، الى جانب أخيها الرجل، بالنفس والنفيس في سبيل الحرية والاستقلال وإعلاء الراية الوطنية، حيث كانت الفدائية والممرضة لأفراد جيش التحرير والمسبلة وحاملة السلاح ولا تزال أدوارها تتجلى اليوم في الوفاء لرسالة الشهداء وتلقينها الى الأجيال الصاعدة.