قطعت الجزائر أشواطا كبيرة، لتكريس حقوق المرأة في كل دساتيرها ومختلف التشريعات الوطنية، التي تعززت بتعديلات كرست نبذ كل أشكال العنف ضدها والمساهمة في تجاوز الصورة النمطية التي أفرزتها بعض الذهنيات إزاءها. وعكس ما حققته المرأة الجزائرية من مكتسبات إرادة السلطات العليا للبلاد، في تمكينها ودعم وصولها إلى دوائر صنع القرار باعتماد مبدأ تكافؤ الفرص لبناء مستقبل واعد للجميع، اعترافا بنضالها المستميت لتبوء هذه المكانة في مختلف المراحل التاريخية الحاسمة التي مرت بها البلاد. وأكد مختصون، أن الجهود التي تبذلها الدولة لدعم حقوق المرأة وتطويرها "تحتاج إلى مساهمة نوعية" من مختلف الشركاء، لتجاوز الصورة النمطية التي كرستها بعض الذهنيات في المجتمع، في وقت كرس فيه الدستور الجزائري، مبدأ المساواة بين الجنسين في جميع مجالات الحياة والارتقاء بالحقوق الأساسية للمرأة من خلال نبذ كل أشكال العنف والتمييز ضدها، تعزيزا لمكانتها السياسية ودفاعا عن حقوقها السياسية بما فيها ضمان حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة. وشكل قانون الانتخابات الأخير خير مثال على هذه الإرادة بتكريسه لمبدأ المناصفة في التمثيل السياسي، والذي جعل من الجزائر "السبّاقة" في هذا المجال بتبنّيها لنظام الحصص سنة 2008، لتصنف بذلك الأولى عربيا والتاسعة إفريقيا و26 عالميا سنة 2012. ولطالما التزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بتوثيق دسترة حماية حقوق المرأة وتعزيز مكانتها في المجتمع، وتمكينها من حقوقها السياسية ودعم انخراطها في مجال الإنعاش الاقتصادي، وتشجيعها على استحداث مشاريع منتجة للثروة والروح المقاولاتية، وكذا حمايتها من جميع أشكال العنف بموجب منظومة تشريعية تتماشى والثوابت الوطنية. وأكدت المادة 31 مكرر من دستور 2020 مكرر على عمل الدولة على ترقية الحقوق السياسية للمرأة بتوسيع حظوظ تمثيلها في المجالس المنتخبة، وتشجيع ترقيتها في مناصب المسؤولية في الإدارات العمومية وعلى مستوى المؤسسات، إلى جانب تكريسه لمبدأ المساواة بشكل كامل ضمن المادة 35 التي نصت على أن "الحقوق والحريات الأساسية تكفلها الدولة" وذلك ضمانا للمساواة في القانون والواجبات لجميع المواطنين، من خلال إزالة العقبات التي تعيق تطور المواطن وتحول دون مشاركة الجميع في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وكرست المادة 37 من الدستور هذه المساواة بضمان حماية المرأة من قبل الدولة، على أن تحمي الدولة المرأة من كافة أشكال العنف سواء في المجال الخاص أو في المجال المهني، وتضمن لها الوصول إلى هياكل الاستقبال والرعاية والمساعدة القانونية. ويجسد مخطط عمل الحكومة من جهته هذه الرؤية المستمدة من برنامج رئيس الجمهورية، من خلال إدراج محور كامل يعنى بحماية وترقية المرأة وتحقيق التناصف في مختلف المجالات. الجزائر تولي اهتماما كبيرا لمكافحة العنف ضد المرأة وحرصت الجزائر على حماية المرأة تأكيدا للإرادة السياسية للدولة، على مواصلة المجهودات المبذولة لمناهضة العنف ضد المرأة انطلاقا من دورها الفعال في تنمية المجتمع في مختلف المجالات، والذي لن يتحقق دون حمايتها ضمن مبدأ كرسته المادة 40 من الدستور المعدل من خلال إشارتها إلى "حماية المرأة من جميع أشكال العنف في جميع المجالات والظروف وفي الفضاء العمومي وفي المجالين المهني والخاص، على أن يضمن القانون استفادة الضحايا من هياكل الاستقبال ومن أنظمة التكفل ومن مساعدة قضائية". ودعت عضو المجلس الوطني لحقوق الإنسان، والعضو في مجموعة الشخصيات البارزة من قبل رؤساء الدول الأفارقة السيدة فاطمة الزهراء كراجة ، إلى وضع استراتيجية وطنية متعددة القطاعات والتخصصات مع آليات للفحص والتعرف وأخرى عملية لرعاية النساء ضحايا العنف، مما سيسمح بإنشاء شبكة وقائية لهذه الآفة للحد من تأثيرها على الأسر عموما. واعتبرت كراجة، أن المجلس الوطني لحقوق الإنسان، سيقدم مقترحات لتحسين هذه الاستراتيجية الوطنية وضمان متابعتها، مشيرة إلى أنه "حان الوقت لإعداد حزمة كاملة من القوانين لتنظيم أحكام الدستور الجديد".