لم يكن فتح بلاد السند حدثا عابرا بل كان بوابة حضارة تلقفتها شعوب شرقي آسيا، فدخلت في دين الله أفواجا، وفي السنوات التي سبقت فتحها بدأت تتحول إلى خطر أمني كبير على المسلمين، حيث أصبح قراصنتها ينقضون من حين لآخر على التجار المسلمين وخصوصا في المحيط الهندي وبحر العرب، فينهبون ما استطاعوا الوصول إليه، بيد أن أسرهم لعدد من النساء المسلمات واستغاثتهن بخليفة المسلمين وواليه على العراق، وهو ما دفعه إلى البحث عن حل جذري لهذا الإشكال الخطير. وبطبيعة الحال لم تكن منطقة السند هدفا سهل المنال، فخلال تلك الفترة انكسرت حملتان أرسلهما أمير العراق الحجاج بن يوسف إليها وقتل قائداهما، ثم ثلث بإرسال ابن أخيه محمد بن القاسم، كان يومها شابا في ال17 من عمره مرهف الحس متوقد الحماس شجاعا بالغ العزيمة، فحاصر بلاد السند 3 سنوات. كانت الديبل أو كراتشي الحالية حصينة قوية، لكن ابن القاسم الذي حاصرها سادس شهر رمضان سنة 92 للهجرة، استطاع اختراق ثغراتها بجيش من 12 ألف مقاتل، قبل أن يمتد سيف الفتح إلى مدينة نيرون المعروفة حاليا بحيدر آباد، ثم واصل القائد الشاب يفتح المدن صلحا وعنوة، سلما وحربا، حتى أخضع السند لحكم الخلافة الإسلامية في نحو 3 سنوات فقط. ومنذ ذلك الفتح باتت تلك البلاد جزءا أساسيا من حضارة المسلمين، ونشأت في محاريبها ومدارسها قصة إسلام عميق وتاريخ جهاد علمي وحضاري ما زال مستمرا إلى اليوم.