تأجيل محاكمة المتورطين في قضية الخليفة في طبعتها الثانية، أثار مخاوف البعض من احتمال تأجيل الفصل أو التحقيق في ملفات الفساد المطروحة على أو على القضاء أو في الإعلام، ذلك لأن التأجيل تزامن مع تسريبات عن اجتماع رئيس الجمهورية مع كبار المسؤولين حول مسودة الدستور المنتظرة منذ عام. إعادة فتح ملف التعديل الدستوري من شانه أن يغطي على قضايا الفساد، هذا صحيح، فانشغال الطبقة السياسية والنخب الإعلامية والفكرية سيركز على ما تتضمنه وثيقة القانون الأساسي للبلد، خاصة وان قطاعا واسعا من الجزائريين ينتظر أن يكون الدستور القادم ثورة قانونية في مجال الإصلاح السياسي والمؤسساتي.. ومعنى هذا أن تحويل اهتمام الجزائريين قد يعرف تحولا في الأسابيع المقبلة، فمن الناحية الإعلامية قد تختفي ملفات الفساد لتفسح المجال أمام الحديث عن الدستور، وهكذا تكون السلطة قد ضمنت مساحة للهدنة الاجتماعية والسياسية. ما نريد قوله في هذه العجالة، أن تعديل الدستور المرتقب وان كانت له أهمية قصوى إلا انه لا يجب أن يكون الشجرة التي تغطي الغابة، أو الغيمة التي تحجب شمس الحقيقة في ملفات الفساد، فالصورة التي ظهرت عليها البلاد في الأشهر الأخيرة توحي أن الفساد أصبح أكسجين الحياة السياسية والاقتصادية، ما خلق جوا من الاختناق العام في الشارع الجزائري. لهذا ينبغي أن لا نجعل من تعديل الدستور قضية تخفي وراءها ألام الجزائريين، فمحاربة الفساد يجب أن تكون سياسة مستديمة، لا تعرف الكلل ولا الملل إذا ما أردنا أن نبني دولة الحق والقانون التي وعدنا بها قبل عقد من الزمن...