بعد نهاية اللقاء الودي الذي جمع المنتخب الأولمبي الجزائري بنظيره القطري، اقتربنا من وسط ميدان نادي نانت الفرنسي عمر بن زرڤة الذي لفت انتباه كل من كان حاضرا بملعب القليعة لمتابعة اللقاء، بسرعته الكبيرة ونظرته الواسعة داخل أرضية الميدان حيث تمكن بن زرڤة من تقديم أداء رائع رغم أنه يلعب أول لقاء رسمي منذ شهرين بسبب الإصابة التي تعرض لها على مستوى عضلة الساق، يعود بنا بن زرڤة في هذا الحوار إلى الفترة التي أشرف فيها المدرب الوطني عبد الحق بن شيخة على المنتخب الأولمبي السنة الماضية وعن شعوره باهتمام بن شيخة به آنذاك وكيفية تعامله معه، إضافة إلى أمور أخرى ستكتشفونها في هذا الحوار الشيق... رأيناك تلعب مرة أخرى مع المنتخب الوطني الأولمبي أمام منتخب قطر، ما هو انطباعك حول هذه المباراة؟ دائما ما أشعر بالفخر عندما أحمل قميص المنتخب الوطني، خاصة عند سماع النشيد الوطني، إنه شيء رائع ويحفزنا كثيرا على تقديم الأفضل قبل بداية المباراة، استدعاء المنتخب الوطني لا يرفض ويشعرني بالسعادة لأنني ألعب مع منتخب بلدي الأصلي وهو ما يجعلني أشعر برغبة كبيرة في الفوز بجميع المباريات. مرّت لحد الآن سنة كاملة على استدعائك لأول مرة للعب مع المنتخب الأولمبي، هل لاحظت تطورا في مستوى الفريق؟ أول استدعاء لي راجع لشهر أكتوبر من السنة الماضية، لما كان بن شيخة يشرف على هذا المنتخب، لحد الآن لعبنا عدة لقاءات ودية مع أندية فرنسية وجزائرية بضواحي فرنسا، والأكيد أن المنتخب في تحسن مستمر. هل يمكن أن تحدثنا قليلا عن كيفية استدعائك للمنتخب؟ كما قلت لك، المدرب عبد الحق بن شيخة كان أول من استدعاني للعب بقميص “الخضر”، وكان أول من اتصل بي وعبر لي عن اهتمامه بضمي إلى المنتخب الأولمبي، حيث قال لي إنه يحتاج للاعب مثلي في الفريق. وكيف كان ردك على كلام بن شيخة؟ كلامي كان واضحا ودون تردد قبلت بالدعوة لأن اللعب للمنتخب الجزائري يعتبرا فخرا كبيرا بالنسبة لي خصوصا وأن اتصاله جاء في الوقت الذي كان المنتخب الأول يحقق نتائج مبهرة في تصفيات كأس العالم، وهو ما كان حافزا إضافيا بالنسبة لي. بما أنك تتحدث عن نتائج المنتخب الأول، هل شاهدت مباراة “الخضر” أمام منتخب إفريقيا الوسطى؟ نعم أكيد شاهدت المباراة كاملة، لكن يجب ألا ننسى أنها المباراة الأولى للمدرب عبد الحق بن شيخة، في الحقيقة تأثرت كثيرا لتلك النتيجة لأن بن شيخة لا يستحق مثل هذه البداية، في المقابل لم نر أشياء كثيرة داخل الملعب خلال المباراة وهذا ما لا أفهمه لحد الآن، لكن أتمنى أن تتحسن الأمور مستقبلا في باقي المباريات إن شاء الله لأنه ليس من الطبيعي ما حدث. تقول إن ما حدث خلال اللقاء غير طبيعي، كيف استخلصت ذلك؟ أقول هذا لأن الجزائر تملك منتخبا قويا، ولاعبين ينشطون في أحسن البطولات الأوروبية على غرار البطولة الفرنسية، الإيطالية والألمانية وهو الذي أثر بشكل إيجابي على مستواهم، لذلك ليس من الطبيعي أن نشاهد مثل هذا الأداء أمام منتخب مغمور. ألا تعتقد أن اللاعبين لم يكونوا محفزين كفاية للفوز بالمباراة وأن بلوغ نهائيات كأس العلم كان كل شيء بالنسبة لهم؟ يمكننا أن نضع عدة سيناريوهات في أذهاننا لمعرفة أسباب الخسارة، كلاعب أظن أن الخسارة وراءها عدة عوامل كسوء أرضية الميدان، سوء التنظيم إضافة على عاملي الحرارة والرطوبة التي لم يتعود عليها اللاعبون في أوروبا، كل هذه الأمور لا تحفز اللاعب على تقديم مستوى جيد، وحتى كما قلت ربما المشاركة في منافسة من حجم نهائيات كأس العالم دفعت باللاعبين إلى التشبع إن صح القول، إضافة إلى أن الوقت الذي تم فيه تغيير المدرب لم يكن في صالح اللاعبين، هناك عدة أمور ربما تكون السبب الرئيسي فيما حدث لكن يجب ألا نختلق الأعذار من لا شيء. بما أنه سبق لك وأن تدربت لدى بن شيخة، هل يمكن أن نعرف الإضافة التي تحصلت عليها في تجربتك معه؟ مع المدرب بن شيخة تعلمت الكثير من الأمور خاصة من الناحية الفنية لأنه شخص يعرف جيدا خبايا كرة القدم كما أنه يحب لاعبيه كثيرا ويتكلم معهم بشكل مستمر ويستفسر عن وضعيتهم مع الأندية التي يلعبون لها أو حتى عند تواجدهم مع المنتخب، فهو يهتم بكل صغيرة وكبيرة ويريد أن يعرف لاعبيه بشكل دقيق ومفصل حتى يتمكن من فهمهم أكثر. هل صحيح ما تم تداوله مؤخرا بشأن عدم تسامحه مع اللاعبين وصرامته الشديدة معهم؟ بن شيخة شخص متفتح جدا مع لاعبيه خارج أوقات الحصص التدريبية، تراه يمازحهم ويضحك معهم، كثيرا ما نستمتع بتواجده معنا، لكن على أرضية الملعب مختلف تماما وهذا أمر طبيعي أن نراه صارما معنا ويحفزنا للعمل بكل جدية، إنه يملك طريقة خاصة لتحفيز لاعبيه كما أنه يتميز بحب الوصول إلى الأفضل وتحقيق نتائج إيجابية باستمرار وهذا جيد بالنسبة للمنتخب الوطني الأول لأنه بتواجد أشخاص أمثاله يمكن أن نذهب بعيدا. الآن، هل يمكن أن تعرف نفسك للجمهور الجزائري؟ عمر زرڤة، أبلغ من العمر 20 سنة، بداية تكويني كانت من سن ال 13 سنة في مركز تكوين نادي “شاتورو” لمدة سنتين، في السنة الثانية لي هناك أي عندما كنت أبلغ ال 15 تلقيت عدة عروض من أندية فرنسية كبيرة طلبت خدماتي على غرار ليون، موناكو، بوردو، ليل، لانس ورين، في الأخير اخترت ليل لأنه آنذاك كان ناديا يمنح أهمية كبيرة للاعبين الشبان، وقلت إنني سأنجح هناك، بقيت في ليل مدة 5 سنوات إلى غاية بلوغي سن ال 20 سنة، في نفس الوقت لعبت في صفوف المنتخب الفرنسي حيث بدأت في اللعب معه في سن ال 16 سنة، لعبت بطولة أوروبا أين وصلنا إلى الدور نصف النهائي حيث كنت إلى جانب سعيد محامحة المتواجد حاليا معي في المنتخب الجزائري، إلى غاية سن ال 18 بعدها توقفت مسيرتي مع المنتخب الفرنسي لعدة أسباب. هل لنا أن نعرف أسباب توقف مسيرتك مع المنتخب الفرنسي؟ كانت لدي عدة مشاكل منها وفاة والدي “الله يرحمو“، لذلك مررت بفترة رهيبة ومشاكل شخصية أدت إلى ابتعادي عن المنتخب الفرنسي. من أي منطقة من الجزائر تنحدر بالضبط؟ أصولي ترجع إلى مكان قريب من مدينة مازونة وبالتحديد من قرية صغيرة تسمى سيدي عيسى، هو مكان غير بعيد عن مدينة الشلف. نعرف أنك عدت من إصابة منعتك من اللعب لمدة تزيد عن شهرين مع نادي نانت، هل أنت جاهز للعودة مجددا إلى الملاعب؟ كما تعرفون، بدأت الموسم أساسيا لكنني أصبت في أول مباراة وخرجت في الدقيقة ال 70، هذه المباراة التي لعبتها أمام المنتخب القطري تعد الأولى بالنسبة لي منذ شهرين، هدفي الآن هو العودة إلى مكانتي الأساسية لأن ذلك سيمكنني من المحافظة على مكاني أساسيا مع المنتخب الوطني، الآن لا أظن أنني قادر على لعب المباراة بأكملها لأن مستوى درجة الفرنسية الثانية مختلف نوعا ما، لذلك من الصعب تحقيق ذلك خصوصا وأن المباراة المقبلة ستكون أمام نادي “تور” الذي يحتل صدارة الترتيب وستكون مجازفة إذا لعبت اللقاء كاملا وفي حال لم تستعد مكانتك الأساسية، فهل ستفكر في تغيير النادي؟ عليكم أن تعلموا أنني أمضيت منذ فترة قصيرة على عقد مدته 4 مواسم مع نادي “نانت”، لازلت شابا فأنا أبلغ من العمر 20 سنة فقط والوقت سيكون أمامي من أجل استغلال الفرصة التي ستمنح لي لاسترجاع مكانتي الأساسية. تكلمنا حول مراحل تكوينك، هل لنا أن نعرف المنصب الذي تكونت فيه تحديدا؟ إلى غاية سن ال 16 سنة تلقيت تكويني في منصب مدافع محوري، وبعدها عندما انتقلت إلى نادي ليل بدأت ألعب كوسط ميدان دفاعي وعادة ما أقوم دور يبدة مع المنتخب الأول، أي ألعب في كلتا الجبهتين الدفاعية والهجومية، نفس الأمر مع المنتخب الفرنسي حيث بدأت باللعب معه في منصب وسط ميدان دفاعي وهو المنصب الذي ارتاح فيه للغاية. لكن خلال لقائكم بمنتخب قطر الأولمبي، شاهدناك تلعب أكثر في الهجوم، هل كان ذلك اختيارا تكتيكيا من المدرب آيت جودي؟ لعبت نوعا ما متقدما أكثر نحو الهجوم لأن ذلك راجع لوجود اللاعب سعيدون الذي لعب كوسط ميدان دفاعي مسترجع للكرات، وبذلك فإن المدرب منحني حرية أكبر في لعب دور هجومي رفقة بن يحيى الذي لعب على الجهة اليمنى. هل أنت راض عن المردود الذي قدمته في المباراة؟ أظن أنني لست الوحيد الذي قدم مردودا جيدا، هناك أسماء أخرى على غرار بدبودة، شعلالي ومسفار الذين قدموا مستويات كبيرة، أما بالنسبة لي فأظن أنني قمت بدوري وفقط ولم أصل بعد إلى مستواي الحقيقي، المباراة أعتبرها مباراة العودة إلى الملاعب بعد الشفاء من الإصابة والحمد لله أن كل شيء مرّ على ما يرام لحد الآن. بصراحة، هل تعتقد أن هذه المجموعة قادرة على التأهل إلى أولمبياد لندن المقبلة؟ أعتقد أنه في الوقت الحالي نحن غير جاهزين بعد للتأهل إلى أولمبياد 2012، لأننا نملك لاعبين جددا في الفريق، ولحد الآن لا نملك 11 لاعبا ممن يمثلون التشكيلة الأساسية المثالية، لكن يمكننا الذهاب بعيدا إذا حافظنا على وتيرة اللعب والمنافسة حتى نتمكن من تحسين الأداء والانسجام والحصول على نتائج أفضل في المستقبل، أظن أن هذا سيأتي مع الوقت. هل لاحظت فرقا بين طريقة عمل بن شيخة والمدرب الحالي آيت جودي؟ أكيد هناك بعض الاختلافات والتغييرات التي حدثت، مع بن شيخة كنا نلعب كثيرا لقاءات تطبيقية فيما بيننا، لكن مع آيت جودي فخلال هذا التربص قام بعمل كبير من الناحية البدنية حيث برمج لنا عدة تمارين تركز على هذا الجانب وهذا مفهوم بالنظر إلى نقص المنافسة لدى بعض اللاعبين ومنهم أنا العائد من إصابة مؤخرا، كما قمنا بعدد من التمارين التي تركز على تمرير الكرات بين اللاعبين في تقاطعات لتحقيق الانسجام بين اللاعبين وهو ما ناسبني بعد غيابي شهرين عن ميادين كرة القدم. هل لنا أن نعرف طموحات بن زرڤة؟ في الحقيقة، إن أي لاعب يرغب ويطمح في الوصول للعب مع المنتخب الأول، بالنسبة لي لم يسبق لي وأن لعبت مع المنتخب الأول ولا أعرف مدى استعدادي للعب معه حاليا، أتمنى من بن شيخة أن يرانا وإذا وجهت لي الدعوة سأقبلها وأجرب إن كان بإمكاني إضافة أشياء جديدة. كلمة أخيرة للجمهور الجزائري... أتمنى أن أرى الجمهور الجزائري حاضرا خلال انطلاق التصفيات ليشجعنا على تقديم الأفضل والتأهل إن شاء الله إلى دورة الألعاب الأولمبية لسنة 2012.