أجرى مدرب المنتخب المغربي إيريك ڤيريتس حوارا مطولا مع جريدة المنتخب المغربية تطرق فيه للحديث عن تحضيرات أسود الأطلس للمباراة المرتقبة أمام منتخبنا الوطني يوم 4 جوان في مراكش، ومتابعته لكل ما يتعلق بالخضر والعوامل التي ستساعده على تحقيق نتيجة إيجابية في هذا الموعد الهام والذي يريد منه الثأر على حدّ قوله. لنعُد قليلا إلى الوراء، الى مباراة عنابة أمام المنتخب الجزائري التي كانت أول امتحان رسمي بالنسبة لك وأخفقت في تحقيق نتيجة إيجابية، والأكيد أن تلك الخسارة جعلت الفوز إجباريا على الجزائر في لقاء العودة، فهل تحسرتم لهزيمة عنابة؟ الحسرة بمعناها الواسع لا، لأنني لست متحسرا للنتيجة بحد ذاتها أو للأداء بقدر ما أنا متحسر لأننا لم نأخذ كامل حقوقنا في الصراعات التي دخلناها مع لاعبي المنتخب الجزائري، وكنا نلعب على تفادي الأخطاء، ولكن عندما لا تستطيع أن تحارب بنفس الأسلحة فإن قدراتك على المواجهة تدخل لك الشك، لقد كنا أمام مهمة صعبة وكنا أمام عملة بوجهين مثلما أراد ذلك حكم المباراة ففريق مغربي يجد نفسه في كل مرة مواجها بقراراته وصافرات من الحكم توقفه، ومن الجهة الأخرى فريق جزائري ينطلق في هجماته من دون أي محاولة للإيقاف من طرف الحكم، وهذا ما أزعجني ولكنني لم أغضب من اللاعبين لأنهم حاولوا بكل ما استطاعوا في اللقاء للتغلّب على كل الحواجز لكنهم لم يتمكنوا من تحقيق نتيجة إيجابية، واليوم أشعر بإحساس قويّ للأخذ بالثأر الرياضي، وسنلعب مباراة جيدة لنفوز بالنقاط الثلاث ولنكون في الوضعية التي يتمناها جميع المغاربة والبقاء في صدارة الترتيب. تقصد حكم المباراة الذي وجهت له انتقادات لاذعة بعد المباراة مع أن اللاعبين المغاربة لم تكن لهم الجرأة خاصة في البناء الهجومي.. على ما أعتقد فإنني ذكرت لك السبب الذي عطّل هذه الجرأة، فلقد شعر اللاعبون بأنهم مستهدفون بالأخطاء وعندما يشعر اللاعب بأنه غير محمي فإنه يتأثر من الناحية النفسية، ولطالما كنت أكثر مدرب يحترم قرارات الحكام لكن في مباراة الجزائر وجدت بأن الأمور زادت عن حدّها، وشعرت أن هناك مساعدة من الحكم في تكسير كل محاولة نقوم بها. هل تأثرت نفسيًا بتلك الخسارة؟ لكي أتأثر من الناحية النفسية للدرجة التي تقصد يجب أن تحدث أشياء أخطر بكثير من التي وقعت في مباراة عنابة، فأنا لست هشا لدرجة أنني أتأثر وأتذمّر بهذه السهولة. كيف تحضّر في تفكيرك لمباراة العودة المرتقبة يوم 4 جوان في مراكش؟ هي مباراة هامة للغاية ولدينا عدة غايات وأهداف فيها أولها أن نأخذ بثأرنا وننتقم لخسارة الذهاب ثم أن يقدّم فريقي نفسه للمغاربة بالصورة التي أرضى عنها ويرضوا هم عنها، ونشعر كل المغاربة بالسعادة. مباراة عنابة أنهت مباريات الذهاب وتساوت بذلك المنتخبات الأربعة في المجموعات في عدد النقاط، ما يعني بأن المنتخب المغربي في حاجة إلى 9 نقاط لضمان التأهل إلى كأس أمم إفريقيا، هل تفكر بهذه الطريقة؟ الحصول على 9 نقاط يضمن لنا التأهل مباشرة وبشكل طبيعي إلى النهائيات ولكنني أعتقد بأن الفوز في مباراتين والتعادل في ثالثة يمكنه أيضا أن يؤهلنا، أي أن الحصول على 7 نقاط كاف للبقاء في صدارة ترتيب هذه المجموعة. كيف ذلك؟ الفوز في مباراتنا أمام الجزائر وأيضا أمام تنزانيا والتعادل في إفريقيا الوسطى يعطينا 7 نقاط ويضمن المرور إلى كأس أمم إفريقيا 2012. في هذه الحالة المنتخب المغربي سيتساوى مع إفريقيا الوسطى إن هو فاز بمباراتيه أمام تنزانيا والجزائر، ما رأيك؟ دعونا نكُن صريحين مع هذا الطرح، صحيح أن الخيار الأنسب للتأهل من دون حسابات هو الفوز بثلاث مباريات، لكن من المستبعد أن تفوز إفريقيا الوسطى على المنتخب الجزائري في الجزائر. ألا ترى بأن مباراة مراكش القادمة تأتي في توقيت غير مناسب بعد نهاية موسم متعب للاعبين خاصة المحترفين منهم؟ كان الأمر سيكون مقلقا بالنسبة لي لو أن المنتخب الجزائري لا يعيش نفس الظروف التي تحدثت عنها، حيث أننا نتقاسمها مع الجزائريين فتاريخ المباراة يدخل حسب التواريخ الموضوعة من طرف الفيفا ويفرض علينا تعاملا خاصا مع اللاعبين. قمت بجولة أوروبية مؤخرا والتقيت ببعض اللاعبين، كيف وجدتهم؟ شاهدت الكثير من المباريات في البطولة المغربية وكان لا بد أن أتوجه صوب أوروبا لكي أكون قريبا من لاعبينا وهو ما فعلته، وكنت أتمنى لو أن الشماخ، الحمداوي وخرجة لعبوا لأطول فترة مع أنديتهم، ولحسن الحظ الشماخ بدأ يعود تدريجيا إلى المنافسة ونفس الشيء بالنسبة ل خرجة، فيما يبقى الحمداوي يجلس باستمرار على كرسي الاحتياط مع أجاكس. هل يقلقك أن يعاني عدد لا بأس به من اللاعبين المغاربة من نقص المنافسة من جهة وعدد آخر بإنهاء الموسم بصعوبة لوجود أنديتهم في المراتب الأخيرة مثل هرماش، العربي، بصير وحاجي؟ لو كانت لي ثمانية عناصر في نفس وضع الشماخ أو الحمداوي لكنت قلقا كثيرا لأن الأمر لا يطاق، لكن هؤلاء اللاعبين لديهم فرصة ليقولوا أن مدربيهم أخطأوا في حقهم للظهور بأفضل صورة عند تواجدهم مع المنتخب والأخذ بالثأر الرياضي لأنفسهم قبل كل شيء، وما أتمناه ألا تكون هناك إصابات أخرى تجبر أي لاعب على الغياب، وعلى كل حال فالمباراة التي سنلعبها أمام الجزائر تحتاج للاعبين متمرّسين وأقوياء على كل الأصعدة مثل خرجة والشماخ وأيضا إلى لاعبين يوجدون في طور البناء والتقدّم مثل المهدي بن عطية. كناخب وطني، كيف رأيت اختيار ملعب مراكش مكانا لإجراء مباراة 4 جوان القادم أمام الجزائر مع العلم بأنك كنت تفضل الاستقبال في الدارالبيضاء؟ الجميع يعرف بأنني أفضل اللعب في مركب محمد الخامس بالدارالبيضاء وأنني معجب بهذا الملعب لكونه يحتضن أكثر من 70 ألف متفرج وللحماس الكبير الذي تعرفه المباريات التي تجري فيه، ولكن أنا أول من يتفهّم الجامعة المغربية لبرمجتها في مراكش كدليل على أن المغاربة لا يهابون الإرهاب للعب في هذه المدينة، ولن يكون له أي أثر سلبي من جهة اللاعبين. من دون شك تابعت مباريات المنتخب الجزائري ولاعبيه، هل تراهنون على هزمه يوم 4 جوان؟ عندما أمعنت النظر في لائحة اللاعبين الذين استدعاهم المدرب الجزائري لمباراة عنابة عرفت بأنهم يلعبون في بطولات أوروبية قوية ويشاركون بانتظام مع أنديتهم، وحتى عندما شاهدتهم في مباراتنا فوق أرضية الميدان وجدت بأن لهم إمكانات فنية عالية، صحيح أنهم انطلقوا بشكل شيء في هذه التصفيات الحالية لكنهم يملكون من الخبرة ما يسمح لهم بالعودة مثلما حدث معنا، وهم الذين قاتلوا بشدة لأجل تحقيق الفوز في مباراة عنابة، وتأسفت كثيرا لأنهم حققوا ذلك بمساعدة واضحة من الحكم الموريسي بارساد، ونحن الآن نفعل ما فعلوه في عنابة وسنضغط عليهم من البداية لصنع الفارق وتحقيق الانتصار. قال المدرب الجزائري بن شيخة قبل اللقاء الأول بأن المغاربة وڤيريتس سيتركون النقاط الثلاث في عنابة، وهل سيترك الجزائريون الآن النقاط في مراكش؟ أملي كبير في ذلك، خاصة أن الجمهور المغربي سيدعمنا كثيرا، ما يعطينا القوة لفرض المزيد من الضغط على الفريق المنافس بالإضافة إلى ما سنفرضه من ضغط فوق الميدان، وحظوظنا كبيرة للظفر بالنقاط الثلاث. هل سيكون هناك الجديد في القائمة التي ستكشف عنها للتواجد في مراكش؟ في حقيقة الأمر اللاعبون الذين وجهت لهم الدعوة في المباراة السابقة بالجزائر لهم مستويات مقبولة ويستحقون التواجد في صفوف المنتخب الوطني المغربي وهناك ثقة متبادلة بيننا ويعمل اللاعب على اكتسابها من مدربه، وفوق الميدان عندما يتغيّر مجرى اللعب والريتم فإنه يعرف إن كان سيبقى فوق الميدان أو سيتركه لغيره تلقائيا ولا يتفاجأ بالتغيير. دائما فيما يتعلق بمباراة 4 جوان هل وجدتم حلا للمشكل الذي يطرحه لكم خط الدفاع، خاصة عند الاضطرار لإشراك السليماني في منصب ظهير أيسر وهو في الأساس ظهير أيمن؟ أصيب بدر القادوري لاعب دينامو كييف في اللقاء السابق، وأعتقد بأن السليماني سد الثغرة كما ينبغي بل وبشكل جيد لأنه كان يقوم بعدة أدوار على الجهة اليسرى وحتى على الجهة اليمنى، ولا تنسوا بأننا بصدد بناء خط دفاع جديد كما أنه مشكل من لاعبين لم يلعبوا كثيرا فيما بينهم ويحتاجون للمزيد من الوقت لاكتساب خبرة إضافية ستفيدهم كثيرا في المستقبل. هل أزعجك أن تكون مستهدفا في حملة نقد عنيفة بعد خسارة عنابة؟ ليست لهذه الحملة أية علاقة بالهزيمة التي تلقيناها في الجزائر، ومسؤولية الإعلام أن ينتقد ويحلّل كل شيء بعد أي مباراة، والحملة ضدي في حقيقة الأمر انطلقت قبل أن ألتحق بالمنتخب المغربي وقبل الإشراف على العارضة الفنية فيه. هل سيمثل لك الفوز على الجزائر حدثا كبيرًا ترد به على منتقديك؟ لا ليس لهذه الدرجة، فالفوز على الجزائر كما قلت لك من قبل له العديد من الغايات بحكم أننا بحاجة ماسة إلى الفوز والإبقاء على النقاط الثلاث في المغرب، وذلك ما من شأنه أن يبرر العمل الذي نقوم به ويحفزنا في نفس الوقت على مواصلة العمل، بل وبذل مجهودات إضافية من أجل أن نكون في المستوى المطلوب، ونحتاج أيضا الى تصدّر المجموعة وأن نتقدم خطوة كبيرة نحو التأهل الى نهائيات كأس أمم إفريقيا 2012 في الغابون وغينيا الاستوائية، وتأكد أنني لا أبحث عن الفوز لضمان منصبي لأنني إذا غادرت العارضة الفنية للمنتخب المغربي فلن أستمر عاطلا عن العمل لمدة طويلة، لأن هناك أندية ومنتخبات عديدة يمكن العمل معها لكنني شغوف أن تنجح تجربتي مع المنتخب المغربي وأبقى مدة طويلة، وأنا الذي أحضّر لمباراة الجزائر بالاحترافية الممكنة، وأريد إضافة شيء.. ما هو؟ لقد حضرت بعض مباريات لاعبينا وأردت الالتقاء بهم ومعرفة أحوالهم والحديث أيضا مع مدربيهم لأني حريص على أن أبذل ما أستطيع لكي يلعبوا أكبر وقت ممكن مع فرقهم وتفادي الجلوس على دكة الاحتياط، وهذا لفائدة اللاعب بشكل خاص والمنتخب الوطني بشكل عام. كيف تعيش أول تجربة لك كمدرب في منتخب وطني، هل أنت مرتاح بعض الشيء؟ بالتأكيد أنا مرتاح، فقد اخترت التحوّل إلى تدريب المنتخبات وبالتحديد المنتخب المغربي بعد إلحاح من رئيس الجامعة علي الفاسي الفهري، ولقد كنت محظوظا لأنني تحصّلت على مدة كافية لدراسة الموضوع والاقتناع به، فأنا من النوع الذي لا يتمرّد على نفسه، أنا راض لهذا الاختيار وأتمنى أن يجسّد لاعبونا حلمنا المشترك في بناء منتخب مغربي قويّ يستمر على المستوى العالي لأكثر من عقد من الزمن، ويشارك في مختلف المنافسات الدولية وأتمنى فقط أن يتنقل أكبر عدد ممكن من الأنصار إلى مراكش ويكون العرس كبيرا يوم 4 جوان ويخرج المغاربة سعداء بعد الفوز أمام الجزائر. ---------- ڤيريتس يركّز على الإعلام لكسب معركة مراكش يبدو أن المدرب البلجيكي لمنتخب المغرب إيريك ڤيريتس يقود حملة إعلامية كبيرة تحسبًا للمواجهة القادمة أمام الجزائر، وأصبح يصنع الحدث في الصحف ويظهر على الواجهة الأولى لها كل يوم تقريبا، ليس عبر تخمينات أو شيء مماثل، بل عبر تصريحات يؤكد فيها في كل مرة رغبته في الثأر من الجزائر وتلقين الجزائريين درسا، وعزمه على هزم "الخضر" لحسم التأهل إلى نهائيات كاس إفريقيا للأمم. ڤيريتس كسب الحرب الإعلامية ووضع المغاربة في أفضل رواق وهو يحاول نقل الضغط الى الجزائريين، وفي كل مرة يؤكد أن هزيمة عنابة لم تكن مستحقة وكانت بسبب الحكم. كل هذه التصريحات بمثابة حرب إعلامية يخوضها ڤيريتس بنجاح قبل التحول إلى الحرب التكتيكية بينه وبين بن شيخة. تحوّل من منبوذ إلى حامي العرين الكل يتذكر الحملة الإعلامية الشرسة التي قادها الإعلام المغربي على البلجيكي ڤيريتس وعلى الجامعة المغربية لكرة القدم، بعد تعيينه على رأس المنتخب المغربي، حيث لم يتقبل المغاربة تعيينه على رأس أسود الأطلس وهو لا يزال يدرب فريق الهلال السعودي، وكان يسيّر المنتخب عبر الهاتف، وحتى لمّا حل بالمغرب وتفرغ لمنتخب الأسود لم يسلم من انتقادات الصحافة، لكن الأمر انقلب 180 درجة رغم تعثره في عنابة، وهذا بكل بساطة لأن ڤيريتس ركز على كسب الإعلام والمعركة الإعلامية، حيث أصبح كل أسبوع ينزل ضيفا في إحدى الجرائد المغربية ويعطيها تصريحات حصرية، وتحدث تقريبا عبر كل قنوات التلفزيون المغربي، وهو ما أعاد المياه إلى مجاريها بينه وبين الصحافة المغربية التي أصبحت تقف إلى جانبه حاليا. لا توجد انتقادات له رغم أخطائه ومنذ أن بدأ ڤيريتس حملته الإعلامية والدعائية وتصريحاته النارية، تحول الرأي العام المغربي ورأي الصحافة، وتحولت من منتقدة له إلى مؤيدة لقراراته، وحتى لمّا أبعد أفضل لاعبي "الأسود" الحمداوي ولم يستدعه رغم أن الشماخ كان بعيدا عن المستوى، فإن الصحافة المغربية لم تنتقده وفضلت مساندته، وأصبحت الأخطاء التي يقوم بها ڤيريتس لا تُذكر ولا تطرح حتى للجدل، وهو ما يؤكد أنه كسب فعلا المعركة الإعلامية، وأصبح يسيّر الإعلام في الطريق الذي يريده، وهو يحاول الآن تجنيد الجماهير المغربية حتى تكون حاضرة بقوة في لقاء العودة، لأنه عازم على ضغط الجماهير لحسم موقعة مراكش.