قلة من الكبار جمعوا بين شغف الرياضة وألاعيب السياسة وقد يكتفي الكثيرون بالإشارة إلى فلاديمير بوتين رئيس روسيا باعتباره كان بطلا في “الجيدو”، لكن قبله أنجبت مدينة مغنية رجلا آخر هو المرحوم أحمد بن بلة الرئيس الرياضي الذي لم تنسه هموم شعبه الرياضة التي عشقها، حيث غادر تراب الوطن صغيرا نحو مرسيليا و أظهر قدرات فائقة في رياضة ألعاب القوى وسباقات 400 متر التي توج خلالها في أكثر من مناسبة بلقب البطولة الفرنسية. لكن أم الرياضات لم تنس ابن مغنية ولعه الشديد بكرة القدم التي احترفها قبل أن تضطره الظروف للعودة إلى الجزائر والالتحاق بالحركة الوطنية مناضلا إذ يسجل التاريخ هجومه رفقة حسين آيت أحمد على بريد وهران، الراحل سجن أثناء الثورة الجزائرية كما مثل الثورة في الخارج ووفر كل الظروف ل رشيد مخلوفي ومنتخب جبهة التحرير الوطني الذي ترك لاعبوه الشهرة والأضواء والتحقوا بدرب الكفاح. أول مسلم يلعب لمنتخب فرنسا العسكري وكاد يشارك في مونديال 1938 انتقال بن بلة إلى فرنسا كان فرصة للبرهنة على مواهبه الكروية، ونجح في لفت الأنظار إليه، فكان أول “فرنسي مسلم“ ينضم إلى المنتخب العسكري الفرنسي، الأمر الذي فتح له أبواب النجومية بعد تسريحه من الخدمة، حيث أصبح عام 1939 قلب هجوم نادي أولمبيك مرسيليا، لكنه لم يلعب سوى مباراة واحدة سجل خلالها هدفا، وكان انفجار الحرب العالمية الثانية قد عصف بمسيرته الكروية، فقرّر - على غرار آلاف الشبان الجزائريين- الالتحاق بالقتال في صفوف القوات الفرنسية ضد النازية، مدفوعاً بالوعود الفرنسية بمنح الاستقلال للجزائريين في مقابل إسهامهم في تحرير فرنسا من الاحتلال النازي. وأبدى بن بلة تفوقاً في القتال خوّله أن يكون أول “جندي مسلم“ ينال رتبة ضابط صف سنة 1943، ثم قلّد بعدها في 1944 ميدالية الشرف العسكري، وكان يمكنه قبل كل هذا أن يلعب لمنتخب فرنسا في مونديال 1938 الذي نظمته فرنسا وفازت به إيطاليا. أول رئيس يسلم كأس الجزائر وعشق بيلي قاده إلى السجن عرف عن المرحوم عشقه الشديد لكرة القدم التي صنعت شهرته قبل السياسة ومن الصدف كأول رئيس لجزائر الاستقلال أنه أول من يسلم كأس الجزائر لفريقي وفاق سطيف ومولودية سعيدة، واهتم الرئيس المرحوم بالكرة إلى درجة أنه أقام قبل 7 سنوات حفل توديعه الملاعب في مغنية، حيث داعب الكرة وسنه يقترب من التسعين عاما، إلى درجة أن الصحافة الإنجليزية نشرت صورته وكتبت عنه أنه أكبر لاعب في تاريخ كرة القدم. الكرة هي نفسها التي تسببت في تضييعه الحكم عندما كان في سهرة التاسع عشرة من جوان من عام 1965 بملعب وهران، (زبانة حاليا) يتمتع بمباراة بين المنتخب الجزائري ونادي سانتوس البرازيلي، الذي ضم في صفوفه أسطورة الكرة بيلي، بينما كان الراحل هواري بومدين يقود انقلابا عسكريا انتهى بوضعه الحبس رغم التحذيرات التي وصلته من تحركات تتم للانقلاب عليه. رفض التدخل في قضية مغنية – تيارت لأنه رئيس كل الجزائريين “السي أحمد” كما يحلو ل المغناوة تسميته ظلّ متابعا لحال الرياضة وفرح كثيرا بتأهل “الخضر” إلى مونديال 2010، وعرف عنه تعلقه ب مغنية بل وقدّم كل المساعدات لوفد اتحاد مغنية لما تنقّل إلى العاصمة لإيداع شكوى في قضية النقاط الثلاث التي مكنت تيارت وقتها سنة 2007 من الصعود، لكنه كان واضحا لمّا أكد بأنه لن يتدخل ولن يمارس أي ضغوط لأنه رئيس لكل الجزائريين وهي من الوقفات الرّائعة التي سيسجلها التاريخ للرجل الذي قدم المساعدة لأمل مغنية رغم أنه تأسس سنة 1996، كما سيحتفظ التاريخ ب جوبيلي الرّئيس في بداية الألفية والذي مكن عدّة لاعبين من اتحاد مغنية من خطف الأضواء بعد مشاركة الوداد البيضاوي المغربي والنادي البنزرتي التونسي حيث أن الأداء الرّائع الذي قدّمه ماروسي وبشيري وعبد اللاوي فتح أمامهم أبواب اللعب في القسم الأول. موقع أولمبيك مرسيليا يصفه ب “الرئيس الهدّاف“ عاد الموقع الرسمي لنادي أولمبيك مرسليا الفرنسي إلى الرئيس الجزائري المرحوم أحمد بن بلة واصفا إياه بأنه الرّئيس الهداف، حيث عاد إلى تاريخه الكروي، كاشفا أنه وقّع على عقده الاحترافي الوحيد مع العملاق أولمبيك مرسليا في الموسم الكروي 1939/1940 لكنه -حسب كاتب المقال- اكتفى باللعب مع الفريق الاحتياطي واقتصر ظهوره على مواجهة واحدة في كأس فرنسا جمعت “لوام“ بنادي أنتيبس جرت ب “كون“ في ملعب محايد وانتهت لصالح مرسيليا ب9 أهداف مقابل هدف واحد كان نصيب الرئيس الأول للجزائر هدف وحيد دخل به تاريخ النادي الفرنسي الوحيد المتوج برابطة الأبطال الأوروبية، ليبقى تاريخ 29 أفريل 1940 موعد آخر ظهور ل بن بلة مع مرسيليا قبل أن ينتقل إلى السياسة التي صنع فيها تاريخا لنفسه أعاد فيه الكرامة للجزائريين.. فطوبى لك في محياك وفي مماتك أيها الرّمز.