لا حديث في الشارع الكروي الجزائري منذ عملية قرعة نهائيات كأس إفريقيا سوى عن المجموعة الرابعة التي وقع فيها منتخبنا الوطني ، وهي المجموعة التي وصفت بالنارية بما أنها تضمّ ثلاثة منتخبات من العيار الثقيل، يتقدّمها منتخب كوت ديفوار المرشّح فوق العادة من طرف أهل الاختصاص للوصول إلى النهائي والتتويج بالكأس، بالإضافة إلى منتخبي تونسوالجزائر اللذين يراهما أهل الاختصاص أولى من منتخب الطوغو بالتنافس على البطاقة الثانية بعد منتخب "الفيلة". غير أن الملاحظ أن الجميع لا يركز على قوة المجموعة، بقدر ما يركز على قوة منتخب كوت ديفوار، وكأنّ الجزائر ستواجه هذا المنتخب وفقط، وكأن مصير التأهّل للدور الثاني مرتبط بنتيجة مباراة كوت ديفوار لوحدها دون نتيجة لقاءي تونس والطوغو. الكلّ خائف من كوت ديفوار وكأنّه "غول!" الخوف من منتخب "الفيلة" بدأ منذ عملية القرعة، لأن البوسني "وحيد حليلوزيتش" مثلا تحسّر لوقوع الجزائر في مجموعة قوية تضم هذا المنتخب، ناهيك على أنه قالها من قبل أن تقام العملية بأنه يتمنّى تفادي هذا المنتخب. وامتد الخوف لدى الجماهير والفنيين وأهل الاختصاص وكأن منتخب كوت ديفوار "غول" حقيقي، أو أنّه منتخب فوق العادة لا يهزم ولا يطاح به. "الشيخ" سعدان هزم زملاء "دروڤبا" في لقاء حاسم ويمكن هزم منتخب كوت ديفوار بالأداء والنتيجة، فمصر فعلتها به مرارا وتكرارا وبالرباعية أيضا سنة 2008 مثلا، ومنتخبنا الوطني بقيادة رابح سعدان في وقت سابق فعلها به أداء ونتيجة خلال الدور ربع النهائي من نهائيات كأس إفريقيا 2010 بأنغولا. فيومها كلّ الترشيحات صبّت في صالح زملاء دروڤبا ليس فقط لاجتياز عقبة الجزائر، بل للتويج باللقب الإفريقي، غير أن سعدان امتلك الوصفة المناسبة التي أطاح من خلالها بالمنتخب الإيفواري مزيحا إيّاه من طريق المنتخب الذي تأهّل بفضل ذلك إلى المربع الذهبي. لولا غزال لكانت النتيجة تاريخية ولا يمكن للجزائريين نسيان تلك المباراة التي هندس الشيخ سعدان للفوز بها بثلاثية مقابل هدفين في أمسية مجنونة ب "كابيندا"، تقدم فيها الإيفواريون بفضل هدف كالو، قبل أن يعيد مطمور الجزائر للمباراة بفضل هدف التعادل، ليسجّل عبد القادر كايتا هدفا كان يبدو قاتلا في آخر دقيقة من عمر اللقاء، قبل أن يرد عليه بوڤرة في الوقت بدل الضائع. ليحسم بوعزة الأمور لصالح "الخضر" في الوقت الإضافي، ولو لا الفرص العديدة التي أهدرها غزال يومها لكان بإمكان "الخضر" أن يلحقوا هزيمة تاريخية بمنتخب كوت ديفوار بنجومه وأرمادته من اللاعبين الذي ينشطون في أقوى البطولات الأوروبية، وهو ما يؤكد أنه منتخب يهزم، وتسهل السيطرة عليه، والإطاحة به أيضا. المباراة لن تكون فاصلة والتأهّل يلعب في الجولتين الأولى والثانية ولن نكتفي بالتأكيد فقط أن منتخب كوت ديفوار منتخب يقهر وبإمكان منتخبنا أن يطيح به بالأداء والنتيجة أيضا، بل أن هناك نقطة مهمة أغفلها من هم خائفون من هذا المنافس "الغول" في نظرهم، وهي أن مباراة كوت ديفوار لن تكون مباراة فاصلة وحاسمة، فالتأهّل ممكن جدا ألا يلعب فيها، بقدر ما سيلعب في المباراتين الأولى والثاني أمام تونس والطوغو لو يرغب منتخبنا في حسم الأمور مبكرا، فالفوز على الجارة تونس ومنتخب الطوغو سيكون كافيا للوصول إلى الدور الثاني دون الحاجة إلى التفاوض على نقاط كوت ديفوار، وهي نقطة مهمة على منتخبنا ألا يغفلها، وألا يركز فقط على كوت ديفوار وضرورة الفوز عليه وكفى، لأن الفوز على زملاء دروڤبا والتعثر أمام تونس وطوغو قد لا يكون كافيا للتأهل. معرفة "حليلوزيتش" لهم في صالحنا وعليه أن يثق في نفسه ومن حسن حظ منتخبنا أنه يملك مدربا ملمّا بخبايا منتخب كوت ديفوار، لأن معرفة "وحيد حليلوزيتش" لهذا المنتخب ستصب في صالح منتخبنا، فالرجل يعرف نقاط قوة وضعف زملاء يايا توري، وسيوظف هذا السلاح ضد من سبق أن دربهم من قبل، ويبقى عليه فقط أن يثق في قدرات تشكيلته على الإطاحة بكوت ديفوار، لا أن يصرّح في كل مرة بعدم رغبته في الوقوع في مجموعة تضمّ كوت ديفوار، لأن تلك التصريحات من شأنها أن تنعكس سلبا على أشباله. زامبيا بشبانها أطاحت بهم في النهائي ونالت الكأس الإفريقية وإن كانت الجزائر في حدّ ذاتها مثالا يقتدى به، بما أنها أطاحت بمنتخب كوت ديفوار بالأداء والنتيجة في 2010، إلا أننا نفضّل أن ندرج منتخبات أخرى كأمثلة تؤكّد أن منتخب "الفيلة" منتخب يسهل هزمه، ومنتخب زامبيا واحد من هذه المنتخبات التي أطاحت ب "الفيلة"، وكان ذلك في نهائي كأس إفريقيا 2012، عندما تمكن أشبال "هيرفي رونار" من ترويضهم في 120 دقيقة للمباراة، قبل أن يحسموها لصالحهم بركلات الترجيح ما توجهم أبطالا للقارة السمراء. والجزائر بمدرب محنك اسمه "حليلوزيتش" وقوة هجومية ضاربة لا تكلّ ولا تملّ من تسجيل الأهداف، لا يمكنها أن تخاف من منافس يقهر كسائر المنافسين.