خرج وزير الشبيبة والرياضة محمد تهمي عن صمته وكشف في تصريحات أدلى بها صبيحة أمس أنّ ملعب 5 جويلية سيتمّ غلقه قبل نهاية السنة الجارية، بعد الصورة المخزية التي أخذها العالم بأسره عن الجزائر في المباراة التي جمعت "الخضر" مساء الأربعاء بالضّيف البوسني وانتهت لصالح الأخير بهذه دون ردّ. ويبدو أن الجهات المسؤولة عن الرياضة في الجزائر قد اتخذت هذا القرار العاجل من أجل الإسراع في تدارك الموقف وإعادة تهيئة الملعب من جديد حتى يكون جاهزا لمختلف التحديات المقبلة التي تنتظر منتخبنا أو أنديتنا المحلية، كلقاءات "الداربي" المحلية ونهائي كأس الجمهورية مثلا، إلا أنّ قرار غلق ملعب 5 جويلية وإعادة تهيئة عشبه الطبيعي لابدّ ألا يكون بمثابة الشجرة التي تغطّي الغابة، لأنّ إعادة هذا الملعب لحلّته وصورته الجميلة، لا يعني أنّ المشكل قد تمّ حله لأن المشكل أكبر من ذلك، بما أن الجزائر بثرواتها وخيراتها صارت لا تملك ملاعب قادرة على احتضان مباريات في كرة القدم. كم من مرّة أُغلق ملعب 5 جويلية دون جدوى؟ قرار إغلاق ملعب 5 جويلية يعيدنا إلى السيناريو الذي نعيشه في كلّ مرة، فهذا المركّب التحفة- الذي يعدّ أغلى وأثرى ما كسبه قطاع الرياضة في الجزائر- لطالما أغلق أكثر من مرة منذ السبعينات، وكم هي كثيرة المرات التي أغلق فيها منذ أن تحول عشبه الإصطناعي إلى الطبيعي، والمؤسف أننا وطيلة أكثر من ثلاث عشريات من الزمن لم نجد له العشب الذي يلائمه ولا التربة التي تلائمه، فكنا في كل مرة نغلقه لتتم تهيئته، قبل أن نعود سريعا إلى نقطة الصفر. سيُغلق ويُفتح والأمطار ستكشف العيوب من جديد ونأمل هذه المرة أن يكون المسؤولون قد تفطنوا إلى أنّ المشكل لا يكمن في العشب الطبيعي بقدر ما يكمن في أن المياه التي غمرت الأرضية سهرة يوم الأربعاء الماضي، وبسبب وضع هذا العشب وتربته على أرضية إسمنتية مسطحة حوّل أرضية الميدان إلى برك من المياه، أو بالأحرى إلى مسبح جعلنا محلّ سخرية حتى من لاعبي منتخبنا الذين راحوا يطلقون العنان لتصريحاتهم الساخرة عبر مواقعهم الخاصة في "الفايسبوك" و"تويتر" وغير ذلك، ونأمل أيضا أن يصدق ما قاله الوزير تهمي الذي وعد أن يغلق الملعب لفترة قصيرة حتى تعاد تهيئة الأرضية ويعاد فتحه من جديد، لأننا تعودنا في السابق على غلقه وفتحه في كل مرة، على أن تكشف الأمطار كل العيوب في نهاية المطاف وتعيدنا إلى نقطة الصفر. من العيب أن نتحدّث عن حملاوي وتشاكر فقط ومنذ سهرة الأربعاء الماضي لم يتحدث أحد عن الحلول، فراح الجميع يطلقون العنان لانتقاداتهم، والإجماع وقع على أنها "تبهديلة" كبيرة وانتهى الأمر، كما راحت الأغلبية تتحدث عن سبب عدم برمجة المباراة العرس في أحد ملعبي مصطفى تشاكر بالبليدة أو الشهيد حملاوي بقسنطينة، وكأن الجزائر بولاياتها 48 وبمساحاتها الشاسعة التي وضعتها كأكبر بلد عربي لا تملك سوى ملعبي قسنطينة والبليدة. لابدّ للجزائر أن يكون لها ملاعب كثيرة في مختلف أرجاء الوطن الحلول واضحة ولا حرج في التطرّق إليها، لأنّ تهيئة ملعب 5 جويلية لا تعني أن مشكلة الملاعب الجزائرية قد حلّت نهائيا، لأن تهيئة الملعب الأولمبي تعدّ حلا ترقيعيا لإعادة الملعب إلى حلّته لا أكثر ولا أقل، في وقت أن الجزائر لا تحتاج إلى تهيئة هذا الملعب فقط، بل هي في حاجة ماسة إلى عدد من الملاعب الكبيرة والمحترمة التي تليق باستقبال المنتخب الوطني في أفضل الظروف، وفي حاجة إلى استقبال ضيوفها دون أن تقع الجزائر في حرج مثلما حدث لها مع منتخب البوسنة الذي ضحك لاعبوه علينا، بل طالبوا من مدربهم ألا يعودوا للعب الشوط الثاني. أنغولا بأربعة ملاعب جديدة نجحت في تنظيم كأس إفريقيا وتبقى أنغولا مثالا يقتدى به، فهذا البلد المغمور كرويا والذي لا تاريخ له في عالم كرة القدم نجح في تنظيم نهائيات كأس إفريقيا 2010 بأربعة ملاعب فقط في لواندا، كابيندا، بانيغلا ولوبانغو، إذ تم بناء هذه الملاعب الأربعة في ظروف وجيز وبالضبط منذ أن فازت أنغولا بحق تنظيم نهائيات كأس إفريقيا، فكانت جاهزة لاحتضان المنافسة القارية التي كانت ناجحة، فهل أنغولا أفضل منّا حتى يكون لها ملاعب أم ماذا؟. كأس إفريقيا لأقل من 20 سنة سننظّمها على أراض اصطناعيّة ويبقى الإفتقار للملاعب في وطننا واضحا من خلال اتخاذ الإتحادية الجزائرية لكرة القدم مجبرة قرار تنظيم نهائيات كأس إفريقيا لفئة أقل من 20 سنة- والتي ستحتضنها الجزائر مع مطلع السنة المقبلة- على ملاعب معشوشبة اصطناعيا، فالمسؤولون الّذين كانوا يرغبون في برمجتها بالعاصمة على ملاعب معشوشبة طبيعيا تراجعوا بسبب سوء كل الملاعب، وقرّروا في نهاية المطاف برمجتها في غرب البلاد وبالضبط في ملعبي الشهيد أحمد زبانة بوهران وعين تيموشنت بسبب عدم وجود ملاعب معشوشبة طبيعيا جاهزة تليق بمستوى الحدث.