وأنا أتابع أطوار لقاء الجزائر ضد البوسنة وسط مستنقع المياه الذي خلفته الأمطار الغزيرة التي تهاطلت على أرضيته، جالت بخاطري عدة أفكار وتصورات حول حل إشكالية الملاعب الجزائرية المطروحة حاليا أمام مسؤولي الكرة بعد أن تعذر عليهم إيجاد ملعب لائق بالمنتخب الوطني بسبب عدم جاهزية كل الملاعب الموجودة بدءا ب 5 جويلية الذي أبان عن عيوب كثيرة ومتواصلة ومرورا بملعب البليدة وانتهاء ببقية فضاءات الممارسة الكروية عندنا، وهو ما يعني منطقيا أن الجزائر اليوم، بعد 50 سنة من الاستقلال، لا تتوافر على أي ملعب يحمل مواصفات الملاعب العالمية وفي كل البلدان بما فيها الفقيرة والمتأخرة كرويا التي لا حول لها ولا قوة، غير أنها استطاعت أن تشيّد ملاعب محترفة، تستقبل فيها دون أي إشكال. وأولى هذه التخمينات التي جالت في خاطري تكمن في تجنب تنظيم اللقاءات الودية خلال فصل الشتاء والاكتفاء باستقبال المنتخبات الضيفة خلال الفترات التي تكون فيها أشعة الشمس ساطعة على أرضية ملاعبنا حتى نتجنب البهدلة التي وقعت في لقاء يوم الأربعاء الماضي. أما الفكرة الثانية، والتي أراها قابلة للتحقيق والتجسيد على أرض الواقع، فتكمن أساسا في اتخاذ قرارات شجاعة وتحويل كل لقاءات المنتخب الوطني الرسمية منها والودية إلى بلدان أخرى، والأحسن أن تكون مجاورة على منوال تونس أو المغرب التي تتوافر على ملاعب محترفة لا تتأثر بسقوط الأمطار ولا تتحوّل خلال اللقاءات الكروية إلى حقول ومزارع على نحو ما يحدث عندنا. وتتلخص الفكرة الثالثة التي جالت بخاطري كذلك في غلق كل الملاعب المعشوشبة طبيعيا والاكتفاء بممارسة لعبة كرة القدم عندنا على العشب الاصطناعي، مع إجراء دراسات معمقة وصحيحة حول إمكانية زرع العشب الطبيعي في التربة الجزائرية، حتى لا ننخدع مرة أخرى ونصرف أموال طائلة على منوال ما حدث بملعب 5 جويلية الذي إلتهم الملايير وبقيت أرضيته تراوح مكانها من حيث الرداءة وصعوبة التأقلم مع المعطيات العلمية والتقنية التي يتطلبها العشب الطبيعي في ملاعب الكرة. وأخيرا، فإن التصور الأخير الذي يطرح نفسه بإلحاح على مسؤولي كرتنا ورياضتنا هو تجنب تقديم ترشيحات مستقبلية من أجل تنظيم التظاهرات الكروية الإقليمية والقارية ببلادنا خاصة تلك التي تجري في فصل الشتاء على ضوء نهائيات كأس إفريقيا للأمم، لأن ذلك سيجنبنا مغبة المزيد من البهدلة والعار والسخرية من الغير!؟