من الطبيعي في الأيام المقبلة أن يتحول رشيد نكاز إلى المعارض رقم واحد في البلاد، الذي بدأ من عمق المجتمع و دخل السياسة من نوافذ الطبقة المهمشة، زحفا على الأقدام طوى البلاد شمالها بجنوبها، حضر كل التجمعات وشارك في التجمهرات والوقفات التي نظمها المناضلون الأحرار في مختلف المناسبات الاحتجاجية، بعد تجربته الفاشلة في الترشح والذي استغلها كمعطى إيجابي لتكوين عمل سياسي ميداني جاد ومؤثر، كما من طبيعي أيضاً أن يتحول إلى حصان رابح بالنسبة لدول الغربية في دكة البدلاء الذين استطاعوا أن يكَوِّنوا قاعدة شعبية في ظرف وجيز، ًحاز على تعاطف واسع من شرائح متعددة في المجتمع، فبعد الربيع العربي الذي تتشدق السلطة بتجاوز أمواجه العاتية، فإن الغرب أصبح حذرا من القيادة ذات الفقر الشعبي، و سيتخلى عنها مع اي هزة ارتدادية شعبية تحرك عرش السطة القابضة على الحكم، و لا جدال في أن الدعم الخارجي هو الذي يحسم أم المعارك السياسية في الداخل بل إنه قد يجعل الامنطق و الاقانوني منطقيا قانونيا و شرعيا و لنا في العهدة الرابعة عبرة و مثال صريح لإسهام الخارج في عملية تركيب واقع هش و رديئ، لست أشكك في نواي الرجل و لم يتوفر لدي ما يقنع أنه يخطط لأمرٍ ما، وفي الوقت نفسه لا يمكن إعطاؤه شيكا على البياض، و لكن الإيجابي في حراكه أنه قام بما عجزت عنه معارضة الفنادق و المؤتمرات الصحفية و استعراض العضلات الخطابية في الحملات الانتخابية و على شاشة الفضائيات و صفحات الجرائد، إن العمل الميداني الذي قام به رشيد نكاز يصلح ليكون أنموذجا لنشاط المعارض الميداني الذي يعرف كيف (ينكز) فوق الحواجز و يخترق غشاء العجز و الكسل الذي ضلت الطبقة السياسية المحسوبة عبثا على المعارضة متشرنقة داخله و تتخبط في لزاجته لترسم صورة مبدعة في الإحباط و اليأس من تغيير منظومة الحكم عبر الطرق السلمية و النضال السياسي، و لكن المزعج في الظاهرة النكازية هو ذلك الخلل في تركيبة الوعي الجمعي و الذي ينبغي أن يصَلَّح، ألا وهو التعظيم المطلق و الذي تقابله الشيطنة المطلقة، و رمي جثتنا بسهولة قي مستنقع التقديس السياسي ليتحول الدعم الموجه لشخصية الناجحة عبارة عن طقوس وثنية سرعان ما يفضي إلى الفراغ الذي يكرر منظومة الحكم ذاتها وإعادة إنتجاها من جديد، فاصل نعود إلى( تنكاز) : قبل الانقلاب على أول انتخابات نزيهة تشريعية في تاريخ الدولة الجزائرية منذ إعلانها، كانت شخصية علي بلحاج الشخصية الأكثر حيوية في العمل السياسي وبروزاً على مستوى الخطابة و الحدة في النقاش السياسي، وبعد سبع سنوات من إدخاله السجن، تستنسخ التجربة نفسها بالمعطيات نفسها، كثرة الخطابات و الحدة و الردود الذكية على الصحافة الممزوجة بالحزم، كل تلك الهالة التي صنعت علي بلحاج تم استدعاؤها من جديد لتثبيت شخصية مناقضة تماماً ايدلوجياً و فكريا تجسدت في شخصية رئيس الجمهورية الذي كان المعادل الموضوعي علي بلحاج في التأثير وتوجيه الرأي العام. إن الطريق مفتوح أمامكم ما عليكم سوى اختراع أنواع أخرى و جديدة من (التنكاز) على الحواجز إذا أردتم أن تكونوا معارضة حقيقية، بدلا من الركون إلى المكاتب المكيفة و الاكتفاء بنكز على الشبكات العنكبوتية، وضخ المزيد من المنكزات السياسية في الساحة الراكدة، لعله يقضي على العجز في صفوف المعارضة و قياداتها العقيمة.