في المرآة 17 يكتبه: الصغير سلاّم بداية دعونا نؤجل قليلا قصة المخ الذي به زريعة (بذور) لنتساءل بماذا تحشى به أمخاخ أطفالنا من أفكار وسلوكات وقيم لها علاقة بالدين والدنيا .. عقول أكثر من ثمانية ملايين تلميذ جزائري يرتادون مدارسنا ومؤسساتنا التعليمية هي صفحات بيضاء قابلة للحشو وللبرمجة ؟فإما أن يصبحوا بشرا أسوياء أم أشقياء دواعش !!.. بمعنى ما هي مخرجات منظومتنا التربوية ؟ هل تقدم لنا في الأخير شبابا وفتيات يحوزون على التأهيل الفكري والسلوكي والتعليمي الذي يمكنهم من العمل والتعامل مع المجتمع والتحديات وتأسيس أسر والانخراط في العمل الجمعوي والمؤسسي أم أننا أمام ضحايا منظومة تعليمية مضطربة تخرج بالضرورة أشخاصا مضطربين من حيث السلوك واللغة والأداء المهني بل هم للأسف أشباه أميين بجميع لغات العالم ؟! لاداعي للتذكير هنا أن تعريف الأمي لم يعد مقتصرا على الشخص "اللي ما يفكش الحرف" إنما الأمي حاليا هو الذي لا يتقن التعامل بالكومبيوتر سواء أكان لوحيا أو مكتبيا أو هاتفيا ذكيا!.. إن نوعية التعليم التي وصلت في العالم إلى مرحلة التعليم الذكي والتفاعلي (هذي ما عرفتش نترجمها بالدارجة) ليس الغرض منها تحضير موظفين جيدين ولا كوادر فعالة فحسب لأن المدارس واالمؤسسات التعليمية والجامعات ليست مراكز تكوين مهني بل هي فضاءات لإعداد إنسان سوي وتأهيله للتعامل مع الحياة بشكل مستنير ولا يسيئ لإنسانيته ولا يعتدي على بيئته ولا ينتهك حقوق الآخرين ولا يقصيهم ولا يحتقرهم ولا يفجرهم تفجيرا لأنهم ببساطة يختلفون معه في الرأي أو بداخل أمخاخم "زريعة"..! وبالعودة إلى المخ الذي توجد به "زريعة" أي بذور باللغة العربية الفصحى فقد حدث ذلك في سوق شعبية ببلدة قرب العاصمة حين شب عراك جماعي بين باعة الخضر مع الجزارين لخلاف حول أماكن البيع فثار الغبار وعلت الصرخات وتلاقت العصي وتبادل القوم اللكمات(البونية) والركلات واستعملت في المعركة أسلحة كالأخشاب وأحجار الميزان وصناديق الخضر بل والخضر نفسها..فجأة تلقى "سي اعمر الجزار" وكان رجلا أميا ضربة بشيء صلب خلف رأسه فسقط أرضا بعد أن أحس رأسه مبلولا وصرخ (يا جماعة فتحوا لي راسي وطلع مخي) وأخذ يتحسس رأسه لكنه حين شاهد ما برأسه على يده قال (سبحان الله حتى راس بنو آدم فيه الزريعة)!!..لأن المسكين ضرب في الحقيقة بحبة بطيخ وليس بحجر ميزان كما كان يعتقد!