ما سر حقد نزار على الشاذلي حتى زروال لم يسلم من سهام نزار السياسة تاريخ سائل، والتاريخ سياسة جامدة، مقولة تثبت صدقيتها من حين لآخر عبر التراشقات الإعلامية وحرب المذكرات التي تخون هذا أو تنقص من قدر ذاك، وهي معارك غلب عليها منطق إدعاء الحكمة بأثر رجعي والتزود بالشجاعة خاصة أمام أصحاب القبور. وأحسن من جسد هذه المعارك في مختلف كتبه وتصريحاته هو وزير الدفاع الأسبق اللواء المتقاعد خالد نزار، الجنرال الصحفي كما يسمى لكثرة تصريحاته المستفزة في أكثرها والمثقلة بكثير من النرجسية والعنجهية المستمدة من سنوات كان فيها الآمر الناهي في البلاد خاصة وأنه كان الوحيد من بين جنرالات الجيش الذي تبوء منصب وزير الدفاع بعد تنازل الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد عنه في إطار الإصلاحات التي جاء بها دستور 23 فيفري 1989. في تصريح ل "الحوار" قال كاتب مذكرات الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، الإعلامي عبد العزيز بوباكير، إن الرئيس الشاذلي بن جديد قال له قبل وفاته إنه "لم يندم على شيء في حياته مثل ندمه على تعيين اللواء خالد نزار وزيرا للدفاع" وهو التصريح الذي سيتضمنه الجزاء الثاني من مذكرات ثالث الرؤساء الجزائريين والتي ستنشر قريبا. وعن علاقة خالد الرئيس بالجنرال قبل الاستقلال وبعده قال بوباكير وانطلاقا مما رواه له الرئيس بن جديد، إن خالد نزار وبعد التحاقه بجيش التحرير الوطني عام 1958 قادما من الجيش الفرنسي، كان يقحم نفسه في النقاش حول كل صغيرة وكبيرة وينسب لنفسه بطولات وخوارق يعجز عنها غيره ولا يقوم بها سواه، وهو في حقيقة الأمر – يضيف بوباكير – لم يكن سوى منفذا للتعليمات والأوامر في عهد حكم الرئيس هواري بومدين وخلفه الرئيس الشاذلي بن جديد، فمن أين له أن يدعي لنفسه دورا محوريا في كل الأحداث ؟ بدأت علاقة الجنرال خالد نزار بالرئيس الشاذلي بن جديد بعد التحاق نزار بوحدات جيش التحرير حيث عمل في المنطقة الأولى بالقاعدة الشرقية تحت إمرة الشاذلي بن جديد، الذي قربه منه رغم ارتياب كثير من المجاهدين بنزار ورفاقه الذين خدموا في جيش الاحتلال زمنا والتحقوا بالثورة في وقت متأخر، وهنا يضيف محدثنا أن نواب الشاذلي بن جديد في قيادة المنطقة الأولى قد رفضوا تعيين خالد نزار في المناصب القيادية، إلا أن تدخل الشاذلي بن جديد قائد المنطقة قد حسم الأمر وتم تعيينه مستشارا عسكريا للشاذلي بن جديد. وعن المناصب التي تولاها الجنرال الصحفي خالد نزار يضيف كاتب مذكرات الرئيس بن جديد أن نزار قد عاش عصره الذهبي أثناء حكم الشادلي فبعدما تولى قيادة النواحي العسكرية الثالثة والخامسة في عهد بومدين، عرف صعود العقيد الشاذلي بن جديد إلى سدة الرئاسة، صعودا مماثلا للجنرال نزار، حيث رقي إلى رتبة عقيد عام 1979 وهي أعلى رتبة عسكرية حينها، ومع إعادة تنظيم المؤسسة العسكرية عام 1984 وترقية أول دفعة لرتبة جنرال كان اللواء نزار من الذين تمت ترقيتهم لهذه الرتبة المستحدثة، ليعين عام 1988 قائدا لأركان الجيش الوطني الشعبي بعد دوره في تسيير أحداث أكتوبر 1988، ثم منحه الرئيس بن جديد منصبا لم يتولاه غير الرؤساء وهو منصب وزير الدفاع في جويلية 1990، وبقي في المنصب إلى غاية جويلية 1993، كما لم يفت الرئيس بن جديد أن يؤكد لمحدثنا أنه استقال بمحض إرادته في جانفي 1992 وسلم الأمانة للجيش. ورغم كل أفضال الرئيس على الجنرال، لا يترك هذا الأخير فرصة إلا وطعن في تاريخ الرئيس بن جديد وكفاءته مؤكدا في كل محفل أنه لولاه لما كان الشاذلي رئيسا، فما سر حقد نزار على الشاذلي ؟؟ وإن المتتبع لمسار خرجات نزار وتصريحاته الإعلامية يجد أنه قد أعطى حيزا منها للرئيس السابق اليمين زروال حيث قال مرارا إنه هو من عين زروال وزيرا للدفاع، ليؤكد الجنرال بذلك أنه كان دائما محور الأحداث والفاعل الرئيس في المنعرجات الحاسمة التي مرت بها الجزائر. * محمد دخوش