استقرت المعارضة الجزائرية على تكرار سيناريو لقاء مازفران الأول الذي شهد تجمعا كميا ونوعيا لجميع أقطاب المعارضة بكل أطيافها الأيديولوجية، الشيء الذي خلق حينها زخما إعلاميا وسياسيا كبيرا تصدرت فيه المعارضة الواجهة على حساب أحزاب الموالاة، لتبدأ بعدها في دخول منحى تنازليا حادا رافقه عمل ميداني محتشم. بعد أن نفت أحزاب المعارضة المنضوية تحت لواء تنسيقية الانتقال الديمقراطي وهيئة التشاور والمتابعة عزمها على تكرار سيناريو مازفران أو ما اصطلح على تسميته ب"مؤتمر المعارضة"، أفرز الاجتماع الذي عقدته أول أمس بمقر حركة مجتمع السلم في توصيته الأولى على "الاتفاق على عقد المؤتمر الثاني للمعارضة الوطنية قبل نهاية سنة 2015". الشيء الذي يطرح أكثر من تساؤل حول جدوى التصعيد في الاجتماعات في وقت ينتقد الجميع بمن فيهم أعضاء تكتل المعارضة الرتابة التي طبعت عملهم منذ شهور عدة، ومن المؤكد أن الهيئة ستواجه تحديا كبيرا وهو إنجاح المؤتمر الثاني للمعارضة الوطنية نظرا للتغيّرات التي طرأت على الساحة السياسية منذ اعتماد وثيقة مازفران للانتقال الديمقراطي العام الماضي التي رفضتها السلطة شكلا ومضمونا، فمن المرجح أن ترفض جبهة القوى الاشتراكية التي شكلت مشاركتها دعما كبيرا للقاء الأول الجلوس مجددا في نفس الطاولة مع أحزاب التنسيقية والهيئة خاصة بعد الانتقادات الحادة التي كالتها هذه الأخيرة تجاه أقدم حزب معارض مباشرة بعد إطلاقه لمبادرة "الإجماع الوطني" التي وصفتها المعارضة "بالصفقة المعقودة مع السلطة"، حيث أجمع الكل على رفض المبادرة عكس ما توقعه أبناء الدا الحسين الذين رفضوا بدورهم الانخراط كعضو كامل في هيئة التشاور والمتابعة رغم إلحاح هذه الأخيرة. وبالإضافة إلى الأفافاس تبرز حالة رئيس الحكومة الأسبق مولود حمروش الذي شكل حضوره دعما نوعيا للقاء مزفران الأول، في حين يبدو رجل الإصلاحات الآن غير مقتنع بعمل المعارضة حيث وصفها في منتدى "الحوار" مؤخرا بأنها "أحزاب تغذي نقاشات بيزنطية لم ترتق بعد إلى المستوى المطلوب"، فهل سيقبل أبو الإصلاحات المشاركة في نقاشات بيزنطية كما يسميها؟. ودائما في الجانب الداخلي برزت منذ أشهر خلافات حادة بين رئيس حزب العدالة والتنمية عبد الله جاب الله المقاطع الأزلي للقاءات المعارضة، خاصة منها التي تعقد في مقر غريمه التقليدي حركة مجتمع السلم، فهل ستنجح المعارضة التي لم تستطع لحد الآن طي صفحة الخلاف بين جاب الله وحمس في لم شمل كل الرافضين للوضع الحالي في الجزائر؟ خاصة أمام دعوات أحزاب الموالاة وعلى رأسها جبهة التحرير الوطني إلى فتح المجال أمام النقابات والجمعيات والأحزاب الصغيرة للانضمام إلى "الجبهة الوطنية" عكس ما كان معمولا به سابقا في التحالف الرئاسي.