استحسن الخبراء الاقتصاديون الخطوة التي قام بها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، أول أمس، التي تمثلت في إقالة محافظ البنك المركزي محمد لكساصي الذي شغل المنصب منذ سنة 2001، محملين إياه مسؤولية تأخر المنظومة المصرفية في الجزائر، واصفين فترة ترأسه لهذه الهيئة المالية الحساسة بالكارثية. وبالمقابل، علق الخبراء الاقتصاديون في تصريحاتهم ل"الحوار" آمالهم الكبيرة على المحافظ الجديد للبنك المركزي الذي عينه الرئيس مباشرة بعد اقالة لكساصي ويتعلق الامر بالرئيس المدير العام لبنك الجزائر الخارجي محمد لوكال الذي يعد من الإطارات المالية والمصرفية القديمة، فقد شغل عدة مناصب، من بينها عضو مجلس إدارة عدد من البنوك، منها بنك ما بين القارات العربي الجزائري الليبي الكائن مقره في باريس.
* لكساصي ارتكب أخطاء فادحة وعلى لوكال محاربة التضخم وأرجع الخبير الاقتصادي فارس مسدور في تصريح ل "الحوار"، ذلك إلى أن لكساصي ارتكب اخطاء فادحة خلال شغله لمنصب محافظ البنك المركزي، تمثلت في عدم تحكمه في نسب التضخم التي ظلت ترتفع، كما ظلت السياسة النقدية غير فعالة في عهدته، ناهيك عن الانتشار الرهيب للعملة الصعبة خارج اسواق الصرف الرسمية، مما يؤكد عدم نجاعة سياسته في محاربة الاسواق الموازية للصرف، بالإضافة الى عدم تحكمه في الكتلة النقدية التي ظلت خارج الدائرة الرسمية، كما اكد مسدور فشل لكساصي في جعل الجزائر قطبا كبيرا للمالية الاسلامية في المنطقة رغم توصيات رئيس الجمهورية بذلك شخصيا. وأضاف مسدور أن المنتظر من المحافظ الجديد للبنك المركزي محمد لوكال يتمحور حول ارساء سياسة نقدية جديدة وفعالة، محاربة التضخم، فتح المجال لنظام مصرفي جديد، بالإضافة الى استقطاب الكتلة النقدية خارج الدائرة الرسمية للبنوك، مقترحا تغيير اوراق ألف وألفي دينار التي ستجبر اصحاب رؤوس الاموال على استبدال اموالهم بالبنوك او عن طريق استصدار عفو شامل على جميع الاموال التي تدخل البنوك بإلغاء نسبة 7 بالمائة رسم على الاموال التي تدخل البنوك.
* لوكال مجبر على تفادي أخطاء لكساصي وملزم بتحقيق استقلالية للبنك وفي نفس السياق، يعتقد الخبير الاقتصادي سليمان ناصر في تصريح ل"الحوار"، أن المحافظ السابق للبنك المركزي محمد لكساصي قام بكوارث كبيرة في النظام النقدي الجزائري، منها عدم تحكمه في السوق السوداء للعملة الصعبة، والفرق الفادح في سعر الصرف بين الرسمية والموازية، وخفض قيمة الدينار التي افقدها قيمتها عالميا ومحليا، مشيرا الى ان الحكومة رأت بأن لكساصي لم يعد بوسعه مسايرة الحركية الاقتصادية ولا يمكنه تجسيد الاصلاحات التي تدعوا إليها الحكومة وعلى رأسها الاتجاه الى النموذج الاقتصادي الجديد، ناهيك عن المطالب الاخيرة للسياسيين والخبراء بإقالته. وفي نفس السياق، يرى ناصر بأن العوامل والمعطيات الجديدة كالوضع المالي للبلاد، وضغوط المؤسسات الدولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي، وقيمة الدينار التي اصبحت في الحضيض كلها تدفع بالمحافظ الجديد الى عدم تكرار اخطاء سابقه، اذ اضحى محكوما عليه بانتهاج سياسة مصرفية جديدة، داعيا ناصر في نفس الاطار الحكومة الجزائرية الى ترك الاستقلالية للبنك المركزي في اتخاذ القرارات المالية وحرص المحافظ الجديد على تحقيق ذلك.
* النموذج الاقتصادي الجديد يتطلب ديناميكية جديدة للسوق النقدي من جهته، اكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق بأن السياسة النقدية في عهد لكساصي اصبحت سرطانا يهدد كل الاقتصاد الوطني كما اصبحت عالة عليه، مؤكدا ان لكساصي لم يحرك ساكنا لإخراج الدينار من المأزق الذي يتخبط فيه، بالإضافة الى عجزه عن تفعيل قانون مكاتب الصرف الذي ظل حبرا على ورق، ناهيك عن الشكاوي اليومية للمتعاملين الاقتصاديين من النظام المركزي الذي يعرقل المعاملات المالية، مشيرا في نفس الاطار الى ان الخطة الاقتصادية الجديدة القائمة على التحويلات المصرفية لا يمكنها استيعاب بقاء نفس السياسة النقدية. وتمثل التحديات التي تنتظر المحافظ الجديد، حسب ما اكده رزيق في اتصال هاتفي مع "الحوار"، في ارجاع قيمة الدينار، اعطاء ديناميكية جديدة للسوق المالية، احداث سوق للعملة الصعبة عن طريق مكاتب الصرف التي اشترط ان تكون حسب المعايير الدولية، بالإضافة الى استقطاب الاموال التي ظلت خارج الدائرة الرسمية للبنوك، على اعتبار ان برنامج النمو الاقتصادي الجديد الذي ستعلن عنه الحكومة خلال اشغال الثلاثية المقبلة يتطلب تعبئة الموارد المالية ومساهمة البنوك بنسبة 100 بالمائة في تمويل المشاريع. ليلى عمران