بقلم الدكتور: محمد نور الدين جباب في الوقت الذي أصبح العالم قرية صغيرة في زمن العولمة وثورة الاتصال، كما أصبح متداخلا ومتشابك المصالح، في ذات الوقت تلاشي، حد الانهيار، وعي بعض الجزائريين، أقول بعض الجزائريين، إلى مستوى مخيف ومرعب حيث اصبحوا يرفضون، بل يهاجمون بشراسة وعنف كل من يتناول الشأن العالمي وينعتونه بشتى الأوصاف ويطالبونه بالاهتمام بشكارة الحليب، كما هي الدعوة هذه الأيام، المفقودة في السوق بدل التدخل في الشأن العالمي. هذه الدعوة بقدر ما تكشف عن قصور معرفي وانهيار كبير في الوعي، فهي تفصح عن خطر كبير وكبير جدا، لأن من يطالب اليوم بعدم مناقشة القضايا السياسية العالمية سوف ينتهي لا محالة إلى رفض كل ما هو عالمي باسم دعاوى مختلفة، كما أن اصحاب مثل هذا التفكير البائس يفصحون، شاءوا أم أبوا، عن فكر داعشي متخلف ويقدمون خدمة كبيرة وجليلة وعظيمة، نتيجة وعيهم المحدود، إلى القوة المحافظة التي ترفض الآخر وتدعو لمقاطعته باسم الخصوصية الحضارية. إن تناول الشأن الداخلي على اهميته وأسبقيته يجب ألا يستغرقنا حد الانطواء على الذات والتقوقع والانعزال. نحن مطالبون، خاصة في هذه اللحظة التاريخية التي يمر بها العالم، ان نعرف العالم أكثر، وتوسع في معرفته أكثر، ونناقش قضاياه أكثر لكي نؤسس وعيا تاريخيا عالميا، لأننا جزء لا يتجزأ من هذا العالم، وبقدر ما نحسن فهم العالم نحسن فهم قضايانا الخاصة والمحلية.