بقلم: جمال الصغير عندما يفوح الفساد، ويزداد الضغط تولد الفضائح على حقل من يدعون النزاهة والشرف، صراعات داخلية، انتقامات خيالية، تحيل على القانون باسم القوة، المشاركة في تدمير رسالة الإنسانية التي صنعت من أجلها المستشفيات، من يزرع الفساد في حقول الخير، لن يكسب شيئا سوى حقل عقيم لن تستطيع حتى بناء عليه عمارات أو بيوت. الفساد صفة تحسب على من فقدوا الإنسانية بسبب شهوة جنونية وإدمان على الفساد بطرائق خبيثة، لكن حينما يفكر مخلوق على الكون أن يلعب بأموال طائلة أو فساد إداري على حسب مريض مرمي على الفراش، تتحول صفة الفساد من جنونية الفعل إلى طاعون يلتهم الرجولة قبل الأخلاق، بل يلتهم الصفة البشرية ويغير مفعولها إلى صفة حيوانية أكرمكم الله. في سيدي بلعباس يوجد مشاريع لقطاع الصحة، صممتها الدولة من أجل الشعب والاهتمام به، لكن تسييرها عشوائي ومنحط ليس له مثيل في الانحطاط وعدم المسؤولية، نزاعات فردية على المناصب وتحايل على قانون باسم القوة، وكأننا لسنا في زمان الألفية الحديثة، وإنما في عصر الإقطاعيين. الضغط المستمر وانقسام الإدارة التابعة لقطاع الصحة إلى مؤيد ومعارض، إلى قوة خير وقوة شر، جعلنا تقريبا كل شهر نسمع بفضيحة أخلاقية تهز قطاع الصحة، فإذا قطاع كامل تحول إلى ساحة حروب كلامية وتصفيات حسابية من أجل المسؤولية لنشر الفساد على المباشر، فلماذا لا يحدث تغيير؟؟. اليوم تلقينا في دار الصحافة بسيدي بلعباس رسالة من مدير مستشفى الأمراض العقلية، لعقد ندوة صحفية، لتوضيح عن الفيديو المسرب التي أعطى رسالة واضحة أن مستشفى الأمراض العقلية في حالة تهميش وإهمال، فما كان علينا إلا أن نلبي النداء لمعرفة الحقيقة التي ينكرها مدير مستشفى الأمراض العقلية. جلسنا جلسة ترحيب وإكرام وشرح وتوضيح من قبل المدير إلا أن كلامه رواية وكلام الشارع رواية وكلام الطرف الآخر رواية أخرى تماما، أين الحقيقة؟. أعرف أن الزملاء الصحافيين يملكون رسالة يمثلونها في الدفاع عن الحق، وهذا ما جعل الجميع يكتب ليس عاطفيا وإنما توضيحا لإحياء الحق مهما يكون، لكن بعد أن سمعت اليوم كلام المدير وتهربه من بعض الأسئلة، اكتملت عندي كافة المقارنة بين الروايات. فيديو يظهر جناح من مستشفى الأمراض العقلية في سيدي بلعباس، في حالة تهميش وإهمال وبؤس، وأن البلاد في حالة حرب، أو الإنسانية مازالت في الإنعاش، يقول مدير المستشفى إنه مفبرك، والدليل الذي قدمه بعض التلميحات التي لا تقابل المنطق في العقلانية، لكن حينما استقبل عدة أسئلة تخص الموضوع وسببت له الإحراج، قال إن نصفه مفبرك والنصف الآخر قديم، وإذا أردتم التحقق من صحة الموضوع ما عليكم إلا النزول إلى الجناح الذي صور فيه الفيديو والتأكد بأنفسكم، الرواية الثانية من الشارع ومن شهود عيان يؤكدون أن شاحنات أدخلت إلى مستشفى عدة لوازم منها، أدوات لدهن المستشفى، أفراشة أسرة كثيرة، وفي الرواية الثالثة يخرج فيديو آخر من غسالة المستشفى يوضح فيها صاحب الفيديو أن كل الأفرشة التي كانت في الفيديو ثم تغييرها وإحضارها إلى الغسل والتنظيف من الجديد، ثلاث روايات على الفيديو، المدير يقول مفبرك، الرواية الثانية شاحنات تدخل بلوازم جديدة، الرواية الثالثة فيديو آخر من غسالة المستشفى، هناك أمر غير واضح في الراويات الثلاث، هو تحديد يوم تسجيل الفيديو غير معروف، بعد فضيحة الفيديو تحركت الإدارة التابعة للمستشفى لتغيير كل شيء، ومن صور الفيديو الثاني هو من المستشفى نفسه، وهذا ما يجعلني أقول هناك فضيحة وأراد الجميع التستر عليها.
في سؤال طرحته على مدير المستشفى، ماهو الغرض من تشويه مؤسستكم على حسب قولك سيدي المدير، قال أعداء النجاح، وهل عندكم دليل على الأشخاص الذين قاموا بتشويه سمعة المستشفى، قال نعم، وهل رفعتم القضية في المحكمة ضدهم، قال رفعنا وستتأخر الإجراءات، كيف يوجد متهم ومعه تهمته وقضية مرفوعة إلى العدالة قبلهاتحقيق إداري، ومازالت الفضائح تخرج من المستشفى، ومازال الذين تسببوا على حسب قول المدير يعملون في المستشفى، أحب أن أذكر المدير ومن معه لم يتأخروا في فصل الطبيبة النفسية سابقا بإجراءات إدارية فقط من دون محكمة، فلماذا يتأخر الآن ومعه الدليل كما يزعم، من نصدق؟. العقل يقول حينما تكون مديرا ولديك من يعرقل المهام اليومية للمستشفى أويشوه سمعتها تفتح تحقيقا إداريا وتعرضه على المجلس التأديبي، مثلما فعلت سيدي المدير مع الطبيبة، وتطرد الجميع بقرار إداري ثم ترفع قضية للعدالة، السكوت عليهم لا يعطيك الحق سيدي المدير أن روايتك صحيحة، بل خيالية من روايات أجاثا كريستي. واقعيا حتى طرد الطبيبة سابقا مجرد تحايل على القانون باسم القوة. إلى حد الساعة سيكون الفيديو ليس مفبركا، والجناح الذي رأيته أنا شخصيا تم ترميمه في السابق قبل هذا الفيديو، والجناح الذي يوضح الفضيحة، هو جناح لم يفتحه أحد لصحافة، فلا تلومنا على قول الحقيقة لأنكم لم تظهروا شيئا. نخرج من إطار أكبر من مدير مستشفى الأمراض العقلية، وسنتكلم على مديرة الصحة بولاية سيدي بلعباس، لما لم تستقبل أي صحافي من أجل تبرير الموقف وتعزيز كلام المدير، لما تركت المدير وحده يحارب في أشياء لا صحة لها ويحاول أن يجعلها حماما أبيض، من المتورط؟، من يلعب على المرضى؟. المديرة إذا صح القول بدأت أعتبرها من جناح الظلام، تظهر في أيام الفتح المبارك وتختفي عند الخسائر، تظهر في أي مشروع جديد يفتح وتغادر بل تختفي عند أي فضيحة، الاحتجاجات أصبحت يومية، الفضائح تستمر، غياب المسؤولية، عشوائية في القرارات، هل يدرك رئيس الحكومة جيدا ما يحدث في سيدي بلعباس؟، أم علينا أن نجلس في المنابر وننادي في صلاة الجمعة، يا قوم صحتكم في يد غير مفهومة ومعروفة وتاريخها يسطر لها عنوانا كبيرا [مهما كنت فاشلا لن تكون فاشلا أكبر من مديرية الصحة]. هناك ما يجعل مديرة الصحة أمام منابر إعلام لتوضيح ما يحدث، السكوت ماهو إلا علامة توقيف وتغليف للحقائق. الحق أمر إلهي مهما كان سر، أكيد البؤس الاجتماعي الذي نعيش فيه يجعله فضيحة، إذا مديرية الصحة تعاني من أزمة نفسية بجميع طاقمها وهي الهروب من الحقيقة وعدم تحمل المسؤولية، هل تعاني مديرة الصحة من فوبيا طفولية وخوف من الاقتراب من الصحافة؟، ماهو العيب في أخذ القضية على محمل الجد والخروج إلى الساحة الإعلامية وقول الحقيقة. صمتكم ماهو إلا دليل على أن الحرب التي تخاض ضدكم من قبل زملاء لكم في الصحة ماهي إلا حقيقة، وعلينا أن نطرح سؤالا واحدا لهذه المهزلة الصحية التي تخرج من ولاية كبيرة مثل سيدي بلعباس، من هو المجنون ومن هو العاقل بمستشفى الأمراض العقلية؟؟. أطلب من الحكومة وعلى رأسها، الوزير الأول، عبد المالك سلال، أن ينظر إلى ولاية سيدي بلعباس، ويتدخل بشكل رسمي لحل القضية التي أصبح الضغط فيها بتفجير فضائح لن تشوه مؤسسة أو مؤسستين بقدر ما تشوه سمعة الجزائر، وأكيد الحكومة لن تسمح بتشويه سمعة الجزائر عن طريق قطاع الصحة، الذي أصبح مفياوي أكثر من إنساني.