ينتظر خلال الأيام المقبلة الكشف عن مضمون الوثيقة المشتركة لتقييم اتفاق الشراكة بين الجزائر والاتحاد الأوروبي الذي استكمل مؤخرا، حيث ستعرض هذه الأخيرة للمناقشة والتصديق في بروكسل، وهذا خلال اجتماع مجلس إدارة اتفاق الشراكة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، وهذا في ظل المخاوف التي أبداها العارفون بالشأن الاقتصادي من ان لا يصب التقييم في مصلحة الجزائر، كونه سيأتي في فترة اقتصادية ومالية صعبة ميزها تراجع مداخيل الجزائر من المحروقات. ولعل ما عزز مخاوف المتابعين للشأن الاقتصادي هو تقاطع الفترة التي سيعرض فيها هذا التقييم مع الوضع المالي الصعب الذي تمر به البلاد، ويرجع ذلك إلى التماطل الكبير في مراجعته الذي سيجعل مهمة المفاوض الجزائري أصعب، مفضلين مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي بشكل جذري وليس مراجعة بعض المواد، خاصة وأن هذه الشراكة تكبد الجزائر خسائر بالملايير سنويا، وهذا راجع للفترة الصعبة التي امضي فيها الاتفاق والتي استغلها الجانب الاوروبي والامم المتحدة للضغط على الجزائر ودفعها لفتح المجال الجمركي ورفع القيود أمام البضائع الأوروبية، مما جعل الجزائر مجرد سوق لتصريف السلع والبضائع الأوروبية التي تستفيد من التسهيلات الجمركية على الموانئ الجزائرية في انتظار إلغاء التعريفات نهائيا سنة 2020. وترغب الجزائر في افتتاك دعم أوروبي لمرافقة عمليات تحولها الاقتصادي ودعم النموذج الاقتصادي الجديد للخروج من التبعية للمحروقات، وهو المسعى الذي شكك فيه الكثير من الخبراء الاقتصاديين في ظل عدم وجود رغبة صريحة ومشروع واضح من الحكومة الجزائرية التي فوتت على نفسها فرصة تاريخية خلال ال 11 سنة الأخيرة، ما جعل المؤسسات الأوروبية تكتفي بالجانب التجاري، حيث رفضت بطرق جد متعددة إقامة استثمارات حقيقية في الجزائر بالمقارنة مع تونس والمغرب المرتبطتين باتفاقات شراكة مع بروكسل، وهو ما تؤكده الارقام التي تشير الى بلوغ صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الجزائر 220 مليار دولار خلال العشر سنوات الأخيرة مقابل حوالي 15 مليار دولار لصالح الجزائر خارج المحروقات، وهو ما يكشف عن اختلال رهيب في ميزان المدفوعات بين الجزائروبروكسل، وهذا رغم أن الاتفاق جاء في الأصل لدعم الصادرات خارج المحروقات وتعزيز الاستثمارات الأوروبية خارج المحروقات، إلا أن الشركات الأوروبية استغلت غياب تصور لمشروع اقتصادي واضح لدى الحكومة الجزائرية لاستنزاف مداخيل الجزائر النفطية بأقل التكاليف. ومن جهة اخرى، يتضمن الاتفاق الجديد الذي سيتم توقيعه في بروكسل من 21 توصية تسمح ببعث التعاون بين الجزائر والاتحاد الأوروبي على معايير جديدة أهمها وضع العلاقات الاقتصادية والبشرية والسياسية في صلب العلاقات بعد 15 عاما من التركيز على الجوانب التجارية، إلا أن الخبراء يشككون في مدى نجاح المفاوضين الجزائريين في افتكاك اتفاق شراكة جديد يكون متوازن الأطراف بسبب الوضع الحالي للاقتصاد الوطني الذي يوجد في موقف ضعف، معتبرين ان مراجعة اتفاق الشراكة هذا كان من المفروض ان يحدث منذ أكثر من خمس سنوات حيث كانت الجزائر تعرف وضعا ماليا واقتصاديا اكثر أريحية من الوضح الحالي الذي قد يمثل ورقة خاسرة بالنسبة للجزائر. ليلى عمران