كشفت بريطانيا عن وضعها للجزائر على رأس قائمة أهدافها لاستعادة ريادتها السياسية والمالية في المنطقة بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي أو ما يعرف ب"البريكسيت"، وهذا من خلال توجيه اهتمام دبلوماسيها ورجال أعمالها صوب المنشآت القاعدية الجزائرية. وأعلنت رئيسة حكومة لندن تريزا ماي نهاية الأسبوع الماضي عن مخططها المالي والسياسي بعد تنفيذ البريكسيت، ومن أهم نقاط البرنامج استعادة ريادة بريطانيا سياسيا وماليا بالمنطقة المغاربية وأساسا بالجزائر والمغرب بحكم اقتصادهما الكبير مقارنة مع باقي الدول مثل موريتانيا وتونس. وقدمت تريسا ماي أبرز نقاط برنامجها المستقبلي والمتجلي في السيطرة على الهجرة القادمة من أوروبا، وهي نقطة تهم كذلك عشرات الآلاف من المغاربيين المتجنسين في دول مثل فرنسا واسبانيا وإيطاليا الذين هاجروا الى هذا البلد لأسباب اقتصادية، ولكن الأساسي هو استعادة الريادة المالية والسياسية للندن التي تبحث عنها في العالم، حيث تهدف إلى تعزيز نفوذها في مناطق قريبة جغرافيا منها ولكنها لم تطور العلاقات معها لأسباب تاريخية ويتعلق الأمر بمنطقة المغرب العربي، هذه الأخيرة التي تحتسب على نفوذ فرنسا بحكم العلاقات الاستعمارية السابقة والتبادل التجاري القوي. ويتجلى ذلك في رفع بريطانيا خلال السنوات الأخيرة من طاقمها الدبلوماسي في المغرب العربي وتعيين دبلوماسيين من الدرجة الأولى بعدما كانت في الماضي ترسل دبلوماسيين من الدرجة الثانية، وهو ما يبرز مدى الاهتمام الذي توليه للمنطقة، كما رفعت من اهتمام الدبلوماسية البريطانية ورجال الأعمال البريطانيين بل حتى الجامعات بمنطقة المغرب العربي وأساسا الجزائر في المرتبة الأولى ثم المغرب. ولم يسبق لمراكز التفكير الاستراتيجي في بريطانيا أن خصصت اهتماما لمنطقة المغرب العربي كما هو حاصل في الوقت الراهن، كما لم يسبق للمستثمرين البريطانيين أن انفتحوا على المغرب والجزائر مثلما حدث خلال السنتين الأخيرتين، مما ينعكس إيجابا على التبادل التجاري بين بريطانيا والمغرب العربي الذي ارتفع بشكل هام خلال السنوات الأخيرة، لكن يبقى العائق بين الطرفين هو ضعف الرأسمال البشري في المغرب العربي بحكم التكوين الفرنكفوني بلد الأنجلوسكسوني وكذلك ضعف الجالية المغاربية في بريطانيا. أما عن العوامل التي قد يستفيد منها الاقتصاد الجزائري وخاصة المغربي بسبب البريكسيت فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيسمح لهما بالتفاوض مجددا في الواردات الزراعية والطاقة ومنتوجات أخرى وكذلك التصدير بدون قيود وشروط الاتفاقيات التي تخضع لقوانين الاتحاد الأوروبي. ليلى عمران