بالرغم من التحذيرات التي وجهها وزير الداخلية والجماعات المحلية وتهيئة الإقليم نور الدين بدوي إلى الأحزاب السياسية للالتزام بمرحلة الصمت الانتخابي بعد انقضاء الآجال القانونية للحملة الانتخابية لمحليات الخميس المقبل التي دامت قرابة ثلاثة أسابيع كاملة، إلا أن المتتبع للمجريات الواقعة يدرك أن الحملة انتهت بالاسم فقط لكنها استمرت على مستوى مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة الفضاء الأزرق "الفايس بوك" حيث تعمدت الأحزاب إعادة استحداث فيديوهات تجمعاتها الشعبية التي نشطها رؤساؤها خلال الحملة الانتخابية على صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، دون تجاهل مواصلة المترشحون في نشرهم لنشاطاتهم والترويج لبرنامج تشكيلتهم الحزبية في هذه المرحلة المذكورة آنفا دون احترام قوانين الجمهورية المنظمة في هذا المجال، ما يترجم واقع الثغرات الموجودة في قانون الانتخابات باعتراف أهل الاختصاص. وفي هذا الصدد اعترف نائب رئيس الهيئة العليا المستقلة لمراقبة الانتخابات إبراهيم بودوخة في حديثه ل"للحوار" بوجود غياب تشريعي في هذا المجال، ولذا فإن أي ترويج للبرنامج الحزبي أو أي نشر لملصقات القوائم سيدخل تحت إطار المسموح، مضيفا أن الهيئة تشجع الشركاء السياسيين من أجل استعمال التكنولوجيات الحديثة خاصة مواقع التواصل الاجتماعي قصد الترويج لبرامجهم الحزبية في حدود ما تسمح به الأخلاق. كما أكد نائب دربال أن هيئته تعمل على تطبيق القانون خاصة في مرحلة الصمت الانتخابي، وأن مصالحه لم تسجل إلى حد الساعة أي تجاوزات سوى بعض المحاولات البسيطة المعزولة التي تمت معالجتها بالتنبيه وفقط، مضيفا بالقول "أن الهيئة ستتحرك بكامل الإجراءات التي يسمح لها النص القانوني من أجل الحد من كل التصرفات اللاأخلاقية التي من شأنها أن تمس بالسير الحسن للعملية الانتخابية. من جهتها قالت الخبيرة في القانون الدستوري فتيحة بن عبو إن قانون الانتخابات يحمل فراغا رهيبا خاصة فيما يتعلق بمعاقبة الأحزاب التي ثبت قيامها بأي تجمع أو خرجة ميدانية أو حتى إعادة تعليق اللافتات المروجة لقوائمها وذلك خارج إطار الحملة الانتخابية رغم أن القانون يمنع هذا التجاوز إلا أن المشرع الجزائري لم يتبعه بعقاب أو أي إجراء ردعي من شأنه أن يوقف أي اختراق لمرحلة الصمت الانتخابي. وأضافت بن عبو أيضا في اتصال هاتفي مع "الحوار"، أن أهم إشكال تواجهه النصوص التشريعية في الجزائر هو عدم صياغتها بشكل جدي ومتقن مما يعرضها للتعديل كل 5 أو 6 سنوات نتيجة الثغرات الموجودة فيه، بدليل قانون الانتخابات الذي أصبحت الكثير من مواده محل العديد من التعديلات وخاصة البند المتعلق بعقاب المترشح أو الحزب الذي ثبت قيامه بأي نشاط وقت نهاية الحملة الانتخابية وكذا المادة المتعلقة بجمع التوقيعات من طرف الأحزاب. بالمقابل أكد الخبير الدستوري عامر رخيلة أن النصوص القانونية في هذا المجال واضحة جدا المادة 173 من القانون العضوي رقم 16- 10 الصادر في 16 أوت 2016 والمتعلق بنظام الانتخابات على أنه و"باستثناء الحالة المنصوص عليها في المادة 103 (الفقرة 3) من الدستور، تكون الحملة الانتخابية مفتوحة قبل 25 يوما من تاريخ الاقتراع وتنتهي قبل ثلاثة (3) أيام من تاريخ الاقتراع". كما تنص المادة 174 منه على أنه "لا يمكن أيا كان، مهما كانت الوسيلة وبأي شكل كان، أن يقوم بالحملة خارج الفترة المنصوص عليها في المادة 173 من هذا القانون العضوي". وبتفصيل أدق أشار رخيلة إلى المادة 181 من ذات القانون التي تنص أنه "يمنع نشر وبث سبر الآراء واستطلاع نوايا الناخبين في التصويت وقياس شعبية المترشحين قبل (72) ساعة على المستوى الوطني وخمسة (5) أيام بالنسبة للجالية المقيمة بالخارج من تاريخ الاقتراع". وأضاف ذات المتحدث أن قانون الانتخابات لا يحتوي أي فراغ قانوني في ما يتعلق بوسائل الاتصال الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي لأن هذه الأخيرة لا يمكن التحكم فيها، لأن الفراغ القانوني يكون في البنود الممكن مراقبتها. مولود صياد