سنوات عجاف تأتي على فلسطين، حيث يمُر الشعب الفلسطيني وقضيتهِ العادلة بأدقّ وأصعب وأعقد المراحل خطورةً وبؤساً!؛ "فِّمُنْ وعد بلفور المشؤوم، وصولاً إلي وعد ترمب المعتوه" وما بينهما، مضى قرن من الزمان، وصلت الأمور الآن لتنفيذ مُخطط أمريكي صهيوني خبيث يهدف إلى تصفية وشطب الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة من خلال ما تقوم به إدارة ترمب المتصهينة، فهي تضرب بعرض الحائط كل شيء، حيثُ يسعى الرئيس الأمريكي ترمب وإدارته اليهودية لتمرير صفعةً العصر أوالقرن!، عبر البلطجة، والعربدة السياسية، وحتى بالقوة!، وهي بذلك العمل تضع كل الأعراف والمواثيق والقوانين الدولية تحت أقدامها، وقد بدأ الرئيس الأمريكي (ترمب)، بتطبيق خطة جديدة تتساوق مع الاحتلال؛ خطوطها العريضة هي فرض الحلول على الشعب الفلسطيني، بدأت خيوطها تتضح من خلال اعتراف رئيس الولاياتالمتحدةالأمريكية بأن القدس الشريف (عاصمة أبدية لليهود)!، وهي بتلك السابقة الخطيرة تعتبر نفسها أسقطت ملف القدس، ويتبعه إسقاط ملف اللاجئين الفلسطينيين، وذلك من خلال التهديد بوقف المساعدات الأمريكية المقدمة للوكالة (الأونروا)، والعمل على تمكين الاحتلال الإسرائيلي ليمارس بطشه وقمعه على الشعب الفلسطيني، ليفعل ما يشاء وما يحلو لهُ من قوانين عنصرية فاشية، محاولاً تمرير مخطط ضم غزة لمصر أو دولة غزة!، وما تبقى من الضفة الغربية للأردن!، ويؤكد ذلك الإعلان من قِبل الكنيست الإسرائيلي ضم كل الكتل الاستيطانية بالضفة المحتلة لدولة الاحتلال العنصري (الأبرتهايد) البائد في جنوب إفريقيا، وكذلك المصادقة على قانون إعدام الأسرى الفلسطينيين.. إلخ، كل ذلك يأتي تحت سمع وبصر وحماية ومباركة ورعاية الولاياتالمتحدة وإدارة ترمب (الصهيو أمريكية) وصمتٍ عربي رسمي، لكن ذلك لن يُمر لأن الشعب الفلسطيني المُتمسك والمتشبث بأرضه ووطنه سوف يفشل كل تلك المخططات السرطانية الخبيثة، وفي ظل تلك التحديات الجسام جاء الرد الرسمي من القيادة الفلسطينية عبر منظمة التحرير الفلسطينية، حيث أعلن رئيس المجلس الوطني الفلسطيني الدعوة لانعقاد المجلس المركزي، والذي سوف ينعقد في دورته الثامنة والعشرين، بمقر الرئاسة في مدينة رام الله، يومي الأحد والاثنين 14 و15 جانفي الحالي، وسيكون تحدياً للصلف الأمريكي ولعنجهية الاحتلال، وتحت عنوان: "القدس العاصمة الأبدية لدولة فلسطين"، وهي رسالة واضحة للجميع لا تقبل التأويل، ليأتي هذا الاجتماع بقرارات مصيرية في ظروف استثنائية وصعبة للغاية، والجديد في الأمر هو توجيه دعوات رسمية لحركتي الجهاد الإسلامي وحماس للمشاركة الفاعلة في هذا الاجتماع، وأعتقد بأنهم سيشاركون بفاعلية باجتماع المجلس المركزي، والذي سيحدد طبيعة العلاقة الفلسطينية القادمة من الكل الوطني الفلسطيني مع الاحتلال الإسرائيلي المجرم، وسيتم تدارُس الرد الفلسطيني على العديد من المشاريع الخطرة التي تحدق بقضيتنا الفلسطينية. إن انعقاد المجلس المركزي في هذا الوقت بالذات في دورته ال 28 أمر غاية في الأهمية، ويأتي في ظل الظروف الحرجة التي تمر بها القضية الفلسطينية، خاصةً مع توحش الإدارة الأمريكية، واليهود المحتلين ومحاولاتهم القفز على حقوق الشعب الفلسطيني؛ ونقل سفارة بلادهم للقدس الشريف!، كل ذلك يتطلب من الدول العربية، والجامعة العربية، العمل على تفعيل قرارات القمم العربية السابقة مثل (قمة عمان عام 1980، والجزائر عام 1990، والقاهرة عام 2000م)، والتي نصت على قطع العلاقات فوراً مع الدول التي تنقل سفاراتها إلى القدس المُحتلة، مع العمل على إسقاط قرار ترمب، والتقدم بطلب للأمم المتحدة من أجل الحصول على اعتراف دول العالم بعضوية كاملة لدولة فلسطين بعاصمتها القدس، وسحب الاعتراف بالاحتلال وإعلان دولة فلسطين بحدود عام 1967م دولة تحت الاحتلال، مما يتطلب من الأممالمتحدة إجبار الدولة المحتلة العضو في الأممالمتحدة (إسرائيل) وبالقوة إنهاء احتلالها للدولة العضو الأخرى. إن المأمول من اجتماع المجلس المركزي القادم كبير، وذلك في ظل تنكر القريب والبعيد لفلسطين، وسوف تكون القرارات التي ستصدر عن اجتماع المجلس المركزي المرتقب مهمة ومصيرية، ويجب أن تؤسس لمرحلة شراكة وطنية جديدة، وأن تكون على رأس تلك القرارات إسقاط المحاولات الأمريكية والإسرائيلية لتصفية القضية الفلسطينية؛ ومن المتوقع من المجلس المركزي في هذه الدورة، أن يقوم بإجراء مراجعة شاملة للمرحلة السابقة بكافة جوانبها، مع البحث للخروج باستراتيجية وطنية شاملة جامعة للكل الفلسطيني، تؤسس لمواجهة التحديات التي تواجه المشروع الوطني الفلسطيني، مع العمل على تفعيل وإصلاح أُطر ودوائر منظمة التحرير لتكون بيتا وطنيا شاملا جامعا للكل الفلسطيني، ويتبع ذلك تجديد الشرعيات وإجراء انتخابات جديدة للمجلس الوطني والمجلس التشريعي وانتخابات رئاسية، لأن الوضع خطير والاحتلال تغول بمشاريعه التهويدية والاستيطانية، والكل الفلسطيني مستهدف، لذلك بات من الضروري جداً الاتفاق بين جميع الفصائل للخروج بإستراتيجية فلسطينية موحدة تحظي بتوافق وإجماع الجميع، وتحديد آلياتها وخياراتها ومسارها بدقة، من أجل مواجهة الاحتلال الإسرائيلي، لأنهُ من المهم أن يعمل الكل الفلسطيني يداً واحده وجبهة واحدة وموحدين في اتجاه واحد ضد الاحتلال لتحقيق ما يتم الاتفاق عليه بشكل جماعي، كما أن مشاركة الجهاد وحماس في هذا الاجتماع، سيعزز الموقف الرسمي الفلسطيني أمام العالم، وسيعيد الدور الريادي والطليعي لمنظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، كما أن هذه القرارات ستصبح معبرة بشكل أكبر عن نبض الشارع الفلسطيني في ظل وجود إجماع وطني وشعبي وفصائلي وموقف فلسطيني موحد، ومن المأمول أن يخرج المجلس المركزي بقرارات تؤكد على تحقيق وتجسيد الوحدة الوطنية ونبذ كل الخلافات، وتحويل ملف السلام والمفاوضات وسحبه من الولاياتالمتحدة كراعٍ سابق ووسيط غير نزيه إلى دول أخرى، مثل أوروبا والصين وروسيا، "لأن ذلك يشكل رسالة قوية لأمريكا وللاحتلال بأن الفلسطينيين أصبحوا موحدين لمواجهتهم، وهذا بالتأكيد سيجعل الاحتلال يراجع حساباتهِ قبل تفكيره بأي قرار جديد ضد شعبنا وحقوقه التي لا تقبل التجزئة، وأيضاً يتوقع من المجلس المركزي الخروج بقرارات منها رفع الإجراءات الصعبة المفروضة على قطاع غزة، والتأكيد على حق شعبنا بالمقاومة بكافة أشكالها لتحرير فلسطين، وتعزيز المقاومة الشعبية بكافة أشكالها، ومقاطعة المستوطنات وبضائع الاحتلال والولاياتالمتحدة، كما يتوقع أن تكون مطالبات بالاجتماع المركزي لإلغاء اتفاقية أوسلو ووقف التنسيق الأمني، وسحب الاعتراف بدولة الاحتلال، مع إعادة التأكيد على التمسُك بالثوابت الوطنية الفلسطينية كلها، وعلى رأس ذلك كُله التأكيد على أن القدس الشريف عاصمة دولة فلسطين الأبدية، ومع اشتداد المِّحنْ ستولد المِّنحْ، وشعب الجبارين بفلسطين هو الصخرة الصلبة التي سوف تتحطم عليها كل المؤامرات التي تهدف للنيل من قضية فلسطين الكونية، والتي منها يبدأ السلام ومنها تندلع الحرب. الكاتب الصحفي والمحلل السياسي والمفكر العربي والإسلامي الأستاذ الدكتور/ جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل عضو الاتحاد الدولي للصحافة الإلكترونية، والمفوض السياسي عضو مؤسس باتحاد المدربين العرب، والمحاضر والأستاذ الجامعي