تطرق الأمين العام لحركة البناء الوطني أحمد الدان في حديثه ل"الحوار" إلى العديد من مستجدات مشروع الاتحاد من أجل النهضة والعدالة والبناء، بالإضافة إلى حديثه عن التطورات السياسية والاقتصادية التي تشهدها الساحة السياسية وكذا ما يجب أن يتخذه التيار السياسي من أجل تجديد نفسه لمواكبة المستجدات السياسية الحالية، نافيا في الوقت نفسه إمكانية إجماع التيار السياسي لتقديم مرشحهم لرئاسيات العام المقبل، داعيا في الوقت نفسه إلى البحث عن مبادرة باتجاه بناء جدار وطني لتقوية الجبهة الداخلية والخروج من حالة الإرباك السياسي. * ما الجديد على مستوى مشروعكم؟ – مشروعنا في هذه المرحلة هو الأولوية الوطنية، فالساحة السياسية أصبحت تشهد حالات وتطورات تتجاوز المشروع الحزبي لأي حزب أو تيار، وذلك لأن الأحداث باتت تمس الهوية الوطنية والوحدة الوطنية والثروة الوطنية والأمن القومي، ويمكن القول أيضا أن السيادة الوطنية باتت مهددة. لذلك المطلوب هذه الأيام من الجميع التوجه نحو المشروع الوطني الأساس وهو تأمين الجزائر وتأمين الديمقراطية في الجزائر. وهذا يدفع إلى البحث عن مبادرة باتجاه بناء جدار وطني لتقوية الجبهة الداخلية والخروج من حالة الإرباك السياسي التي تشهدها الساحة إلى حوار شفاف حول العبور الآمن نحو المرحلة القادمة. ولأن كل المؤشرات تتكلم عن عهدة خامسة فهذا جعل التنافس الحزبي يتجه نحو من يسبق لدعم ومساندة الرئيس في الولاية القادمة خصوصا على مستوى أحزاب الأغلبية البرلمانية والمؤسسات الاقتصادية والمنتخبين والذي تجلى بشكل غير تقليدي في تكريم رؤساء المجالس الشعبية المحلية للرئيس في اجتماعهم الأخير.
* وحول مشروع الاتحاد ؟ – أعتقد أن الاتحاد جاء كمشروع وطني اقتضته الحاجة السياسية للبلاد من أجل تجميع جهود القوى السياسية وتقوية الفعل السياسي التعددي والتصدي لمحاولة زعزعة الوحدة الوطنية والتنصل من مشروع نوفمبر التي تمارسها بعض الدوائر والأجندات المشبوهة. ومن جهة أخرى جاء الاتحاد للشروع في إيقاف حالة الانقسام الحادة التي شهدها التيار الإسلامي، ولا يمكن أن يتعافى التيار الإسلامي ويعود لدوره السياسي ويساهم في الأمن الفكري والديني ويشارك في مستقبل الجزائر إلا في ظل مشروع وحدوي كبير وهو ما جاء الاتحاد من أجله، ولا أعتقد أن هذا المشروع سيتوقف أو يتعطل لأسباب جزئية أو حزبية لأن الاتحاد حالة مشروع أكبر منا، ونحن نلمس لدى الشركاء حرصا على تطويره وتوسيعه. وهذه السنة هي سنة مؤتمرات بالنسبة لأهم أحزاب التيار الإسلامي ونتمنى أن يكون من مخرجات هذه المؤتمرات مبادرة لترقية مشروع وحدة يتيح المساهمة في ترسيخ الاعتدال والوسطية، والمشاركة الإيجابية في منطقة المغرب العربي ودول الساحل كله.
* وما رأيك من تصريحات عبد الله جاب الله فيما يخص رغبته في الترشح للرئاسيات ؟ – أعتقد أن الشيخ عبد الله هو أحد السياسيين الذين كانت لهم سابقة في الترشح للرئاسيات، ولكن تصريحاته تكلمت عن توفير بيئة تنافسية نزيهة تشجع على رئاسيات تنافسية، وهذا مطلب الاتحاد ومطلب القوى السياسية الأخرى، والجميع يريد رئاسيات ديمقراطية بغض النظر عن المترشحين أو من يفوز؛ لأن الرئاسة مقعد واحد ولكنه مركزي في السلطة السياسية الجزائرية. وكما صحح الرئيس بوتفليقة عملية الضغط على رجال الأعمال والمستثمرين من طرف حكومة تبون، وكما صحح الاختلال في محاولة بيع الشركات العمومية من طرف الثلاثية الأخيرة، نتمنى أن يقوم بموقف تاريخي يصحح فيه حالات تشويه الفعل الانتخابي التي اشتكى منها الوزير الأول نفسه، وبذلك تأخذ الرئاسيات القادمة مكانتها الديمقراطية وتصحح اختلالات التشريعيات والمحليات بغض النظر عن المترشح وعن الفائز الذي سيحتاج للجميع أمام تحديات وألغام المرحلة القادمة.
* هل تعتقد أن يكون مترشح الرئاسيات بإجماع التيار الإسلامي ؟ – لا أتصور في هذه المرحلة أنه سيكون للإسلاميين مرشح إجماع بينهم، ولا أعتقد أن التنافس على الرئاسيات قضية مركزية بالنسبة للتيار الإسلامي في الجزائر؛ لأن أولوية الوحدة داخل التيار الإسلامي أهم، والترشح للرئاسيات لا يخدم أجندة الوحدة بسهولة، كما أن أولوية المشاركة الفاعلة أصبحت ملحة للجميع أيضا خصوصا في ظل تراجع التيار الإسلامي في الاستحقاقات الأخيرة، وعلى التيار الإسلامي أن يقيم مساره بموضوعية ويعيد ترتيب أولوياته وترتيب تحالفاته وخطابه وتحيين برامجه، بالإضافة إلى ضرورة إعادة إنتاج قياداته في ظل وعي جديد بالتحول الديمغرافي والجغرافيا البشرية في البلاد، وهذه القضايا كلها من المراجعات الضرورية يمكن أن تكون مادة لمؤتمرات الإسلاميين في الجزائر هذه السنة.
* وبالنسبة لحركة البناء الوطني ؟ – حركة البناء الوطني حددت مؤتمرها في منتصف شهر مارس، وجميع مكونات الحركة حاضرة في التحضير لإنجاح المؤتمر الاستثنائي للحركة والذي سيكون مؤتمر مضامين وتطوير في مختلف المجالات وستنطلق اللقاءات الجهوية للتحضيرات خلال الأسبوع القادم ثم تنطلق بعدها المؤتمرات الولائية وهناك ورشات متخصصة بدأت هذا الأسبوع لدراسة الرؤى السياسية والتربوية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها وإعداد الأفكار والأوراق والمقترحات والبدائل التي ستكون مادة مؤتمر حركة البناء الوطني القادم والذي نتوقع أن يرسم المعالم الكبرى لمسارات الحركة المستقبلية في ظل نقاش عميق للتحولات الإقليمية والدولية وانعكاساتها على مستقبل الجزائر وفي ظل ضرورات الأزمة الاقتصادية وانعكاساتها على الأمن الفكري والأمن الاجتماعي والأمن السياسي بتأمين الديمقراطية في البلاد والأمن الاقتصادي بالتحرر من قيود التبعية للمحروقات، وأعتقد أن الحركة بتوسيعها للنقاش مع الآخرين ستنتج رؤى جديدة وتنخرط في مسارات أكثر فاعلية وأوسع تأثيرا في المحيط. سأله: مناس جمال