قرّر أن يزور الجزائر في رحلة قادته إلى عدّة ولايات بلغ عددها 25، لتكون ثمرة هذه الرحلة كتاب "أرض الحرية رحلة الصيف إلى الجزائر"، إنّه الكاتب الفلسطيني الأردني عامر طيهوب الذي قدّم كتابه في الطبعة السابعة والعشرين للصالون الدولي للكتاب بالجزائر، تحديدا في جناح فلسطين، قبل أن يشرع في رحلة أخرى تحت اسم "رحلة الشتاء" تقوده إلى عدة ولايات جزائرية، من بينها ولايات الجنوب.."المساء" التقت بالكاتب في فعالية "سيلا2024" وأجرت معه هذا الحوار. انتقلت من الكتابة الصحفية إلى الأدبية، حدّثنا عن ذلك؟ أنا صحفي خريج معهد إعلام، اشتغلت مدير تحرير عدّة صحف بالأردن وقطر والكويت، انتقلت بعدها في كتابة المقالة السياسية فالأدبية. أنا من مواليد مدينة خليل الرحمن في جنوبفلسطين، كتبت قبل سبع سنوات رواية "في حضرة إبراهيم" نشرت فيها 250 اسم حقيقي عن الخليل القديم أي تلك التي كانت تستعمل قبل خمسين سنة، مثل المتعلقة بأسماء أصحاب المحلات والبائعين المتجولين وأصحاب الأفران وغيرهم، ومزجت في هذا العمل بين الشخصيات الحقيقية والخيالية، ثم كتبت بعدها رواية "أوراق هارون" تناولت فيها الهجرة من يافا عام 1948 إلى بيروت، وكذا رواية "عائدة من أثينا" نسبة إلى رواية غسان الكنفاني "عائد من حيفا" لأنّنا في الوقت الحالي لا يمكننا العودة الى حيفا وإلى مدن فلسطينية أخرى، فالجغرافيا في حياة الفلسطيني مؤقتة، وهو ينتظر أن يعود إلى الجغرافيا الوحيدة الثابتة ألا وهي فلسطين. كتبت أيضا في السياسة، كما تحصّل كتابي الذي كتبته عن القدس على جائزة أفضل ما كتُب عن القدس عام 2020، ونشرت كتبا أخرى عن الحوارات السياسية وأدب الرحلات الذي أصبح يستهويني في الفترة الأخيرة فصدر لي كتاب "سقطرى أسرار العزلة" وهي جزيرة عاشت ألف سنة منعزلة عن العالم، فكتاب "روح المدن، سردية المكان" عن بلاد المغرب وبلاد الأندلس، وفي يوم من الأيام أخبرت صديقتي، وهي فنانة تشكيلية ومهندسة معمارية من برج بوعريريج اسمها عائشة سعيد حداد، أنّ في تفكيري الكتابة عن الجزائر، فقرّرت زيارتها وتقسيم الرحلة إلى رحلتيّ الصيف والشتاء، وانطلقت في رحلة الصيف في ماي 2023. من أي ولاية كانت انطلاقة رحلة الصيف؟ من قصبة الجزائر رفقة صديقي مهدي براشد، أي في المكان الذي ولدت فيه جميلة بوحيرد ثم زرت القصبة مرة ثانية لأنتقل الى مدن وولايات أخرى كتيبازة وبومرداس وميلة وقسنطينة وعنابة وسعيدة والقل وغيرها. كما تتبّعت كلّ مسار الأمير عبد القادر. كيف ذلك؟ نعم، تتبّعت مسار الأمير عبد القادر كما لم يفعل ذلك أحد، زرت ضريحه ثم شجرة الدردار التي بويع تحتها، فالبيت الذي ولد فيه، ثم انتقلت إلى تلمسان وزرت المنبر الذي ألقى الخطبة منه، بعدها انتقلت إلى الثكنة العسكرية التي قضى فيها ليلته الأخيرة والغرفة التي قضى أيضا فيها ليلته الأخيرة، ثم ذهبت إلى حيث وقع معاهدة النخلة، كما صليت في المسجد الذي صلى فيه الأمير صلاتيّ الظهر والعصر قبل ترحيله إلى الغزوات، حتى قال لي صديقي الكاتب الجزائري عبد الوهاب بن منصور إنّ لا أحد فعل مثلما فعلت، يعود ذلك إلى إعجابي الشديد برجل حارب الاستعمار الفرنسي لمدة عشرين سنة وسلم سيفه حقنا لدماء المدنيين، فعلى المرء أن يدرك أين ومتى وكيف يطلق الرصاص وأيضا متى يتوقّف عن إطلاقه. ما شدّك في الجزائر خلال رحلتك الصيفية؟ لا تعدّ الجزائر بلدا عميقا بل قارة عميقة بتاريخها الموحل في القدم، تأمّلت قصبات الجزائر والأثار الرومانية وحتى المساجد والكنائس وغيرها من المعالم التي توحي بوجود بشر في كلّ أنحاء الجزائر منذ القدم. نعم جذبني التنوّع والحب بين الأمازيغ والعرب، شدّني أيضا حبّ الأمازيغ لفلسطين، حبّ أهل الجزائرلفلسطين، أذكر أنّني في سعيدة ركنت السيارة في مكان لا يحق للمدنيين فعل ذلك فجاء الشرطي ليؤمرني بنقل السيارة إلى مكان آخر وحينما علم أنّني فلسطيني قال لي اتركها حيثما هي. أحب أيضا الأكلات الجزائرية، السردين المشوي والحميس وغيرهما، أشعر في الجزائر بأنّني جزائري وليس فلسطينيا ولا أردنيا. ماذا عن رحلة الشتاء؟ كتبت أنّني سأسافر الى أرض الحرية والجمال فكتبت لي صديقة من حيفا "على طائر الميمون يا عامر" فقلت "إلى الجزائر وتيميمون" لهذا فأوّل محطة ستكون تيميمون، بعدها انتقل إلى ولايات أخرى من الجنوب بالإضافة الى ولايات أخرى. انطلق فيها مباشرة بعد توقيعي لكتابي بالصالون الدولي للكتاب بالجزائر. أصبح ترامب رئيسا لأمريكا للمرة الثانية، يُعرف عنه مساندته التامة لناتنياهو، كفلسطيني ما موقفك من ذلك؟ لا علاقة لفلسطين بترامب ولا بكاميلا هاريس ولا بأيّ رئيس أمريكي، الشعب الفلسطيني لم يعد يهتم بالانتخابات الأمريكية، نموذجه في النضال هو الشعب الجزائري، إذا فقدنا 60 أو 70ألأف شهيد نقول الجزائر فقدت مليون ونصف مليون شهيد، لهذا لدينا استعداد في التضحية بعدد أكبر من الأرواح، الطريق نحو الحرية طويل وشاق ومميت ولكن في النهاية الاحتلال لا يدوم، وكلّما زاد توحّشا كلّما قرُبت نهايته مثل الاحتلال الفرنسي الذي قمع الجزائريين بعد أن تراجع عن وعده بمنح الاستقلال بعد مشاركة الجزائريين في الحرب العالمية الثانية، ليكون الردّ من طرف مجاهدات مثل الجميلات الثلاث ووريدة مداد وحسيبة بن بوعلي ومجاهدين فجّروا الثورة، حتى الأطفال شاركوا فيها مثل عمر ياسف، نعم لقد قرّر الشعب الجزائري أن يواجه المستعمر الفرنسي بالحديد والنار وبعد 132سنة تحرّر، لهذا فلو يدفع الفلسطينيون مليون ونصف مليون شهيد لا بأس بذلك... المهم أن تتحرّر فلسطين.