قبل أكثر من ثمانية أشهر على الانتخابات الرئاسية تعيش الساحة السياسية فراغا رهيبا فجل الأحزاب والتشكيلات لازالت تنتظر أن يتبين لها الخيط الأبيض من الخيط الأسود لكي تبدي موقفا واضحا من الاستحقاقات القادمة يحدث هذا في ظل غياب حراك حقيقي قد يغير من الأمر شيئا قبل حلول الموعد في 2019. ولكي نعود بالمشهد سنتين من قبل كانت الساحة تعج بالحركة و الديناميكية وخاصة بالمبادرات السياسية التي استطاعت أن تجمع مختلف الأطياف والأحزاب على كلمة سواء رغم أنها لم تعمَر طويلا إلا أن أثرها لا يزال باديا حتى اليوم ولو بالشيء القليل ،حيث اجتهدت في ذلك الوقت أحزاب المعارضة في التنسيق بينها فخلقت قطبي التنسيقية وهيئة التشاور وقبلهما اجتماع مازفران الذي وصف بالتاريخي خاصة وأنه جمع المسؤول السابق والإسلامي والعلماني على طاولة واحدة، بالمقابل ألتفت أحزاب الموالاة على مبادرة الجدار الوطني التي وضعت مساندة برنامج رئيس الجمهورية ضمن صميم عملها. جل هذا الحراك سرعان ما اختفى نهائيا مع مرور الوقت رغم أن الاصح هو وجوده اليوم، حيث غدت المبادرات الأخيرة هباء منثورا وذهبت كل الجهود في أدراج الرياح، حيث تحول المشهد فجأة من خلق حراك يجمع مختلف التكتلات إلى تفريخ مبادرات لا تسمن ولا تغني من جوع تحاول دوما استنساخ التجارب الماضية والاستفادة من أخطاءها هذه المبادرات ومن كثرتها بدت خالية من أي روح تحاول تسيد المشهد دون أي صياغة حقيقية أو تكييف مع الواقع الموجود. وبنظرة أدق على التحركات الأخيرة لبعض الأحزاب نجد معظمها لا تترواح مابين إيجاد حل توافقي يجمع كل الفاعلين في الشأن السياسي باختلاف توجهاتهم على راية واحدة وبرزت في هذا السياق حركة مجتمع السلم التي تخلت عن المعارضة الراديكالية بعد المؤتمر السابع واتجهت حسب قياداتها إلى محاولة إيجاد حل ينقذ البلاد من الأزمة أين أعلنت عن إجراء عدة مشاورات سياسية مع مختلف الأحزاب بداية بقطبي السلطة جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي. وسارت في هذا النهج زميلتها في مدرسة الشيخ محفوظ نحناح حركة البناء الوطني التي أعلنت هي الأخرى عن بداية مشاورات أخرى وحوارات سياسية . حزب الدا حسين هو الآخر سعى في الآونة الأخيرة إلى تجديد مبادرته الاجماع الوطني التي لا تختلف كثيرا عن ما قام به "حمس" والبناء مع اختلاف التسمية . في الديمقراطيات العريقة و حتى الحديثة تعتبر السنة الأخيرة من الرئاسيات مجالا واسعا للتنافس و التحضير و البرامج لكن الوضع في الجزائر فريد من نوعه، فلا مرشحين ابدو استعدادهم لدخول السباق الرئاسي و لا أحزاب بدأت الترويج لبرامجها و لا حتى مواطن يشعر بأن استحقاقا مهما على الابواب . مولود صياد