ثورة 17 ديسمبر 2010 تسع سنوات .. عام الحصاد التونسي لا تزال العربة في تونس، تؤرخ للحظة ولذكرى الثورة التي حاربت الظلم، فمن يتصور أن صاحب العربة الشاب محمد البوعزيزي الذي انتفض ضد الظلم وأحرق نفسه، ودفع حياته ثمنا للملايين، ليكون شرارة ثورة شعبية ضد القهر والخوف والضيم ولا يزال الحلم مستمرا والطموح في غد أفضل. تونس: فتيحة / ز تمر اليوم 17 ديسمبر تسع سنوات كاملة على ثورة الشارع في تونس، إذ كانت أول حراك اجتماعي في سلسلة مجريات ثورات ما سمي ب”الربيع العربي”، وانطلاق خطوات التغيير التي اجتاحت الدول العربية بعد ذلك، لازالت تونس اليوم وبشهادات الساسة وحتى المواطنين العاديين تعيش فترة ولادة المؤسسات الشرعية والتمتع بمجريات الانتخابات الشفافة، مع انتصار صارخ لشخصية مستقلة بكرسي رئاسة قصر قرطاج أستاذ القانون قيس سعيد، لكن في المقابل انتظارات التونسيين مرتبطة جدا بالاستقرار الاقتصادي والاجتماعي وتحقيق مطامح الشعب.
شارع الحب والثورة في الواجهة الساعة الشهيرة “المنقالة” في الجهة الأخرى “باب بحر” على طول شارع الرئيس الأسبق الحبيب بورقيبة تتوزع الفرحة فرحات بين كل التونسيين والوافدين إليها من مختلف الدول، ففي الشارع تقام التظاهرات والندوات والأغاني، والحفلات والمعارض، والعروض الفردية للشباب للفنانين. بين رصيفين فقط تمكن التونسيون من صناعة الفرح، وصناعة السعادة والأحلام التي تؤمن بالغد الأفضل. صرخات لازالت أصواتها تسمع لحد الآن، يقول علي المرنيسي ل” الحوار” نحن نحلم بشغل وليس لنا سوى الطموح، فهو ذلك الشاب القادم من ولاية “قفصة” للدراسة في العاصمة تونس في قسم الحضارة بجامعة 9 أفريل للعلوم الإنسانية والاجتماعية، غير أنه يقضي وقته بين “دار الكتب” أكبر مكتبة لطلبة الجامعات، وبين حضور الندوات والمحاضرات والترفيه على نفسه، غير أنه يشتغل في أحد المطاعم ليلا من أجل كسب قوته. هذا الشاب الذي لم يتجاوز ال29 عاما، يحضر لنيل شهادة الدكتوراه، ويطمح للحصول على وظيفة بعد أن أجرى عدة مسابقات ومناظرات عمومية، فشل فيها، غير أنه لازال يحلم بالوظيفة أو الهجرة. علي وغيره من الشباب التونسي، لم يفوت فرصة الفرح، إذ يرقص على أنغام الطبل والمزود التي أطلقها أحد الموسيقيين جنب مسرح البلدية، كغيره من الشباب لا يترك فرصة الفرحة تمر جانبا، كما قال. شارع بورقيبة لملم الجراح وألهم الفنانين، فهو بالنسبة للكثيرين “شارع دولة” و”شارع الحلم” فهل قدر لشارع يحمل اسم الرئيس الأسبق للجمهورية التونسية بورقيبة أن يكون صانع الألم وصانع الأمل في نفس الوقت؟ وهل قدر للتونسيين أن ينتفضوا”بن علي ديقاج” وفي نفس المكان وفي نفس التوقيت “يهللون لانتصار قيس سعيد” في يوم فوزه بالرئاسة في أكتوبر الماضي. شارع بورقيبة حمل صرخات التوانسة أيام الثورة ما بين 17 ديسمبر 2010 حتى 14 جانفي 2011 وسجل بالتاريخ ذكرى هروب الرئيس زين العابدين بن علي، وشارع سجل فوز رئيس خارج منظومة الحكم السابق. تقول سنية وهي شابة لم تتجاوز 25 عاما، قبل الثورة كنت صغيرة لم أعرف لمعنى الحرية شيء، لكن عندما دخلت الجامعة ودرست شعرت بالمعنى الحقيقي أن تكون مستلب الحرية في زمن التكميم، مضيفة ل”الحوار” أنا لا أفهم السياسة ولكن الذي أفهمه أننا نعيش اليوم مسار الحريات والحقوق، والانتخاب بقوة دون العصا على الرأس” كما قالت. الحرية مقابل الهزات الارتدادية يجمع المتابعون للشأن التونسي، أن تونس عقب الثورة عرفت العديد من المكاسب وهي تحصد اليوم الثمار بعد انتخابات تشريعية ورئاسية يراها الكثيرون من الانتخابات الشفافة، وتصنف في خانة الأهداف الإيجابية التي حققها التونسيون بعد تسع سنوات كاملة وأهمها الانفتاح السياسي، حيث تمكنت الأحزاب السياسية من سن دستور جديد في جانفي 2014، وهو الوثيقة التي مكنت تونس من قطيعة تامة مع عهد النظام بن علي، وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على مرتين (2014-2019). لا ينكر التونسيون أن تركيز المؤسسات الدستورية مر عبر مراحل الانتقال الديمقراطي، غير أن تذوق نتائجها لن يتحقق دون تحسين الظروف المعيشية والاقتصادية وتفكيك ألغام البطالة وتوظيف أصحاب الشهادات العليا وخلق مناصب الشغل في الخدمات، وتحسين الفضاء الجاذب للثروات والاستثمارات. تونس: فتيحة / ز