في الذكرى التاسعة للثورة التونسية 14 جانفي .. التونسيون يتطلعون لحكومة جديدة وتفعيل عجلة التنمية يحيي التونسيون اليوم الثلاثاء الذكرى التاسعة للثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي، بعد 23 سنة من الحكم بالحديد والنار، ليذوق التونسيون معنى الحرية والكرامة، في مسار ديمقراطي شابته عدة عقبات، تنتظر تحقيق تحسين الظروف الاقتصادية ورفع مستوى المعيشة. تونس: ف/ ب بعد تسع سنوات، يعدّ الشباب التونسي الأيّام على المكتسبات من الثورة التي أنهت حكم الرئيس الراحل زين العابدين بن علي، وجثمت على صدور التونسيين لمدة 23 سنة، غير أن فترة ما بعد الثورة التونسية كانت عبارة عن حلقات من التجاذبات السياسية والانتظارات الاجتماعية والتوقعات الاقتصادية على بلد مازال مرتبط بالأرض والكرامة ورائحة الياسمين.
ماذا حققت الثورة التونسية؟ بين 17 ديسمبر 2010، و14 جانفي 2011، خطوات عسيرة، مظاهرات في كامل التراب التونسي، وصلت صداها إلى بيت “الزين” وأرغمته على مغادرة البلاد بعدما قال له الشعب “بن علي ديقاج” يومها لم يكن يحلم التونسيون بأن من كان يخاف الناس من ذكر اسمه في الشارع وفي البيوت وحتى تحسس الجدران قد هرب، يقول المنجي 67 سنة ل” الحوار”، الكل كان يخاف من الكل، ف”لا أمان لا في سيارة الأجرة، ولا في البيت حتى الجدران حقا حقا لها آذان، توصل كل الكلام إلى الحاكم”. لا يمكن أن يفرض التونسيون اليوم وجهة نظر واحدة على بعضهم، هناك من يرى أن الثورة حققت مكسب الحرية والكرامة ولكنها مازالت تعانق مطالب الشغل والخبز والانعتاق من البطالة، كما يقول الشباب الجامعي، فالتحديات كبرى والانتظارات ليست سهلة المنال أمام التجاذبات السياسية التي تعرفها تونس منذ ثاني انتخابات رئاسية في فترة التعددية ومرحلة الانتقال الديمقراطي الذي تعرفه تونس، أفرزت فوز الشخصية المستقلة الأستاذ الجامعي المختص في القانون الدستوري قيس سيعد وبرلمان مشتت فازت فيه حركة النهضة بمقاعد لم تؤهلها لأن يصوت النواب على الشخصية التي سمتها لتشكيل الحكومة.
سنة أخرى للتحديات يحيي التونسيون اليوم 14 جانفي 2020، الذكرى التاسعة للثورة التونسية، تاريخ صار عيدا للتونسيين بعد سقوط نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، وبذلك دخلت تونس في مرحلة تاريخية جديدة نحو تحقيق الحرية والديمقراطية، و تشتغل الآلة المؤسساتية على تفعيل الحقوق والحريات ومحاربة الفساد والرشوة وتحسين المعيشة. سياسيا، يعتقد التونسيون أن الثورة حققت الكثير، إذ مكّنتهم من التّداول السّلمي على السلطة يظهر ذلك من خلال عدد الأحزاب وتنافسها في الساحة السياسية إذ تجاوز 220 حزب، وتعاظم حريات التعبير وإبداء الرأي خصوصا عقب إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2019. اليوم تدخل تونس منعرجا صعبا، بعد تعثر تشكيل الحكومة الجديدة على خلفية عدم تجديد الثقة في الطاقم الوزاري المقترح من طرف رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي، في انتظار تعيين شخصية أخرى من قبل الرئيس قيس سعيد، في ظرف 10 أيام، غير أن الكثير من المتغيرات تعيشها تونس في هذه الفترة، تمكنت فيها من الخلاص من شبح ومخاوف الجماعات المسلحة، ومن تأسيس حرية الرأي والرأي الآخر، على حساب المصلحة العليا للوطن. استكمال مسار الديمقراطية يتم عبر علق ملفات الماضي وإرجاع الحقوق لأصحابها ، تقول المحامية إلهام الجويني ل” الحوار” معترفة أن المسار لن يكون سهلا على التوانسة، لكن كل الأمل في القضاء المستقل وللإرادة السياسية التي يمكن أن تقدم الكثير في قادم الأيام”. وعلّقت على الثّورة التونسية بالقول “التونسيون لا يتمنون أن تهدر تلك التحديات التي خاضوها ضد نظام ورموز بن علي، التونسيون يتطلعون لغد أفضل وتحقيق العدالة بينهم، التونسيون يطمحون لعيش كريم في كنف احترام القانون وذلك لن يتأت إلا بتحيات أخرى وانتظار تحقيق الأهداف يستحق العناء” على حسب تعبيرها.
قطار الحرية لم يتوقف من الصعب أن تقنع التونسيون أن الكثير تغير، فمطامحهم تتعدى المكسب السياسي والاختيار الحر وعن قناعة لمن يحكمهم، إلى تحسين القدرة الشرائية وتمكينهم من العيش الكريم، ففي أجواء ارتفاع نسب البطالة التي وصلت إلى 15 في المائة في نسبة غير رسمية، وخصوصا في صفوف أصحاب الشهادات العليا، والمتخرجين من الجامعات من دكاترة وأطباء، وأمام نزيف حاد في الكوادر الذين اختاروا الهجرة كرها لا طواعية، كما يقول سامي رحايمي ل” الحوار” إذ اجتاز قبل أيام فقط مسابقة في الطب بباريس بعدما نفذ صبره على الحصل على وظيفة في مستشفى حكومي بتونس، وهو اليوم يركز على تعديل ملفه للهجرة نحو فرنسا، موضحا بالقول: “تونس بلدي وتظل أجمل بلد، حلمنا كثيرا اجتهدنا كثيرا ونريد لها التقدم في كل القطاعات، وسيأتي يوم وأعود إليها محملا بالكثير من العلم والخبرة لأزرعها هنا، عندما تتحسن الأوضاع”. بريق الأمل يلوح في أفق التونسيين رغم صعوبة المعيشة وهبوط قيمة الدينار التونسي، أحلامهم تتطلع لأن تتحسن الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما يترجمه تلك الوجوه التي تدخل كل يوم في الصباحات إلى المكتبة الوطنية بشارع 9 أفريل بوسط البلد، بحثا عن العلم، والحصول على المعرفة وإكمال الشهادة، حتى وأن كانت معظم الطرق مسدودة في حق التوظيف والشغل، فالقادم سيكون مختلفا على حسب تعبير الباحثين عن نور العلم وفي أعماق الكتب بدار الكتب، التي تفتح يوميا أبوابها لطلبة العلم من توانسة وأجانب. الثورة التونسية، اختارت عدة أسماء فور حدوثها، إذ سمّيت ب”ثورة الياسمين” و”ثورة الخبز والكرامة” و”ثورة ضدّ الظّلم”، تشتّت حولها المطالب واختار البعض منها المكاسب وتنوّعت خلفيات أطرافها، في المشهد السياسي، في انتظار تركيز مختلف المؤسّسات الرسمية وتفعيل عجلة الاقتصاد وتحسين ظروف المعيشة، في بلد أراد شعبه الحياة، فدفع الثّمن غاليا ولا زال ينتظر أن يكون القادم أجمل وأفضل.