أ. هشام موفق مداد هذا كل ما أحتاج استيعابه حاليا فتح مراد باب سيارة الأودي رباعية الدفع، وقد توقفت عند محطة الوقود المحاذية للمسجد الأعظم، وأخرج رجله اليمنى قبل أن يسأل الشيخ: “الحاج هل سنلتقي الأسبوع المقبل؟” — “بإذن الله، إن بقي في عمري بقية” أجاب العجوز، ومضيفا “تعرف حي لاراديوز؟” – “نعم، أكيد” — “نلتقي هناك إذن بحول الله في مثل وقتنا”.. – “حاضر” أجاب مراد، وقد خرج وأغلق السيارة، قبل أن يرفع يمناه مودعا العجوز “ربي يسهل الحاج وتبقى على خير”.. التفت الشاب صوب سيارته بوجو الفرنسية المركونة هناك.. خلص إليها فاتحا نوافذها، وممسكا سيالة حمراء كانت موضوعة بدرج باب السائق.. بسرعة، عقم مراد يديه وخلع كمامته، قبل أن يأخذ الكناش يقلبه، ويراجع أهم ما كتبه.. – “طيب.. دعنا نراجع” قالها مراد بينه وبين نفسه.. وقد سطر بالأحمر على أول عبارة: “عقلية النمو + خطة أهداف + أستاذ + بيئة داعمة”.. قلب الشاب صفحات وهو يقرأ كلمة هنا، وكلمتان هناك، إلى أن وصل لكلمات مهمة “عقلية جمود وعقلية نمو” فخط سطرا تحتها، وكذا فعل مع عبارات “كتاب السايكولوجية الجديدة للنجاح لكارول دويك”، وأيضا “النمو سر السعادة”.. – “والله الحاج هذا موسوعة تبارك الله”، محدثا مراد نفسه وهو ينظر لكناشه، ويداعب القلب الأحمر، إلى أن وصل لعبارة كان قد وضع أمامها رمز نجمة خماسية “السعادة في الرحلة وليس في الوجهة”.. أخذ مراد يسترجع ما قاله الشيخ في هذا الصدد وقد أسند قفاه لدعامة كرسيه، واستذكر الفرق بين السعادة والإنجاز، وكيف أنه لا يوجد وصول، وإنما بعد كل هدف ننجزه نضع هداف أكبر ونستمتع برحلة تحقيقه.. أخذ الشاب برهة يتأمل في تلك الجمل، قبل أن يعود لكناشه، وتقع عيناه على مواصفات الحصيلة الثماني.. “اه.. هذه احتاج أعيد أكتبها في ورقة لوحدها” قال مراد وهو يقيد ما يقرأه في المسودة ويعيد ترتيبه: ” 1. أن يكون مصاغا بطريقة إيجابية 2. أن يكون ضمن نطاق السيطرة 3. أن يكون واضحا 4. أن أنتبه للعوائق والعواقب 5. أن يكون قابلا للقياس 6. أن يكون قائما على الحواس 7. أن أراجع الإيمان بتحقيق الهداف 8. أن أحدد الخطوة الأولى” أعاد مراد كتابة كل المواصفات، وقد ارتسمت على محياه ابتسامة من عثر على شيء ثمين كان قد فقده.. وما إن أعاد ورقتين للخلف حتى وجد قد وضع كلمتين في إطار، هما “خطة رمضان”.. رسم الشاب إطارا آخر بالأحمر، وفتح صفحة جديدة يكتب عليها خطته: 1. الجانب الإيماني: ختمتين للمصحف + تراويح كل ليلة 8 ركعات كل ركعة بصفحة 2. الجانب التنموي: قراء كتاب الدكتور كارول دويك هذا الأسبوع 3. الجانب التربوي: جلسة كل يوم نصف ساعة قبل الأذان مع أهلي 4. الجانب الصحي: وزني أنزله من 86 كلغ إلى 80 كلغ مع نهاية رمضان 5. الجانب المهني: التزام تام بأداء واجباتي في البنك، وإنهاء كل معاملات المشاريع الخمسة العالقة قبل نهاية رمضان.. وضع مراد كناشه على طرفه وأخذ نفسا عميقا وهو يمدد جسمه حتى خرجت يده اليسرى من النافذة، واليمنى قد لامست دعامة الكرسي بجنبه.. “شي محفز ورايع، وهذا كل ما أحتاج استيعابه حاليا” قالها الشاب، وقد عدل من جلسته وتأكد من ممرر السرعة، قبل أن يدير محرك سيارته، قافلا العودة لبيته.. يتبع