قرار صيام المريض من صلاحية الطبيب    أفضل وقت لتناول الأدوية في رمضان    الجزائر الجديدة المنتصرة وفية لالتزاماتها    طوارئ في البلديات بسبب عدل 3    الدفع عبر النقّال.. مزيدٌ من الإقبال    تكريم 50 طالباً جزائرياً    مستوطنون يُدنّسون الأقصى    فرنسيون يُدينون جرائم الاستعمار    فرنسا تمارس النفاق الدبلوماسي مع الجزائر    صافرة مصرية للصدام الجزائري    مولودية الجزائر تضيّع فرصة تعميق الفارق    نعمل على توفير عروض تكوين تلائم سوق العمل    إطلاق مصحف الجزائر بالخط المبسوط    هذه إجراءات الختان..    حجز 34 حاوية بموز    فضيحة جديدة لحكومة المغرب    إبراز مناقب الشيخ محمد بلقايد    الجزائر تتجه لتوطين صناعة الدواء بمختلف الأصناف    الحجّاج يحجزون تذاكرهم    النفاق الدبلوماسي: حين تتهم فرنسا الجزائر وتتناسى امتيازاتها    العلمي: الجزائر الجديدة المنتصرة وفية لالتزاماتها بتمكين النساء وترقية حقوقهن    ندوة فكرية بمناسبة الذكرى ال 63 لاغتياله..مولود فرعون قدم أدبا جزائريا ملتزما ومقاوما    افتتاح ليالي أولاد جلال للفيلم الثوري الجزائري لإحياء عيد النصر    منع وفد قانوني دولي من دخول الأراضي الصحراوية المحتلة.. محاولة جديدة للتعتيم على جرائم المخزن    وسام ذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي للرئيس تبون    اليمين المتطرّف في مواجهة غضب الشارع بفرنسا    اليد الممدودة للجزائر تزعج فرنسا وغلمانها    آخر إعذار لتغطية الطريق السيار بشبكة النقّال    المخزن يمنع وفدا دوليا من دخول الأراضي الصحراوية المحتلة    هكذا يتم تدعيم وكالة ترقية الاستثمار بالعقار الاقتصادي    برنامج عدل 3:تحميل الملفات عبر المنصة الرقمية غير مرتبط بأجل محدد    جاهزون لموسم حصاد استثنائي    عبر البوابة الجزائرية للحج وتطبيق "ركب الحجيج"..حجز تذكرة السفر إلى البقاع المقدسة ابتداء من اليوم    غويري يشبه أجواء ملعب "الفيلودروم" بمباريات "الخضر"    الإشهار المفرط ينفّر متابعي المسلسلات    عوار يغيب لأسبوعين بسبب مشكلة عضلية جديدة    روائع من زمن الذاكرة    أنا "على ديداني" وزولا ترعاني    تأطير للمواهب وسهرات من روائع الشيوخ    الملتقى ال 17 لسلسلة الدروس المحمدية بوهران : الشيخ عبد القادر الجيلاني أحد أشهر الأئمة الأقطاب    "الطعام الجاهز".. بديل مثاليٌّ للعزاب والعاملات    400 وجبة يوميا للعائلات المعوزة    في الهند..غير المسلمين يُعدُّون طعام الإفطار للصائمين    تحديد تاريخ مسابقات الالتحاق بالدراسات الطبية للمقيمين    عين تموشنت: الصناعة الجزائرية للسيارات تسير في الطريق الصحيح    رئيس الجمهورية يكرم بالوسام الذهبي للاستحقاق الأولمبي والرياضي الإفريقي الممنوح لقادة الدول    المهرجان الوطني للمسرح الفكاهي بالمدية يفتح باب الترشح لدورته ال15    الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس": مولودية الجزائر تتعثر أمام اتحاد خنشلة (2-2) وتضيع فرصة تعميق الفارق    يوسف بلايلي.. العائد الكبير    تعزيز التعاون الجزائري التونسي في قطاع التضامن    وزير المجاهدين يشرف على إجتماع لمتابعة تحسين وتحديث آليات الإتصال الإداري    الكيان الصهيوني يمنع وصول الإمدادات إلى غزّة    الحقن وطب الأسنان لا يفسدان الصيام والمرضع مخيَّرة بين الفداء أو القضاء    الجوية الجزائرية تذكّر بالزامية اختيار رحلة الحج    هكذا تحارب المعصية بالصيام..    حفظ الجوارح في الصوم    زَكِّ نفسك بهذه العبادة في رمضان    نزول الوحي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديث الحراش
نشر في الحوار يوم 26 - 04 - 2020


فن إدارة المشاعر
بقلم:هشام موفق مداد
– “هاه.. أخبرني الحاج كيف أخرج من هذه الحالة.. فأنا أعيش هذه الدوامة مذ فقدت والدي من أسبوع بهذه الوباء اللعين”، طلب مراد هذا بنبرة حزينة ممزوجة بروح أمل خافت فيها..
– “سهلة سهلة إن شاء الله”، رد الشيخ وقد أحكم غلق كيس الخبز الذي حضره لإطعام الحمام..
أضاف: “أي حالة نمر بها إلا ولها ثلاثة عناصر تتحكم فيها، تؤثر إحداها على الأخرى ضمن نظام مغلق”..
– “اسمح لي.. والله ما فهمت يا الحاج” قاطع مراد..
أدخل الشيخ يده في جيب معطفه الأيمن معقما ودهن به أصابعه وراحة كفه، ثم مد يده للجيب الداخلي وأخرج كناشا به قلم..
فتح الكناش، ومراد ساكت يرى الشيخ يرسم رمز علامة مرسيدس..
– “انظر.. تعرف هذا الرمز صح؟” قال الشيخ، وتابع مباشرة: “هذه العناصر الثلاثة التي حدثتك عنها: نكتب هنا “السلوك”، وفي هذا الجزء نكتب “الكلمات”، وفي الجزء الأخير نكتب “الأفكار””..
– “أوكي”.. تفاعل مراد، وقد حرك رأسه أكثر تجاه يساره يتأمل ما كتبه الشيخ..
– “شوف وليدو.. كل شخص على وجه هذه المعمورة يمكنه أن يتحكم في مشاعره إذا فهم هذا الأنموذج.. فمشاعرك الآن وأنت جالس هنا تحددها هذه الثلاثية”..
تابع العجوز “ما الذي جعلك تعود وتجلس أمامي، ويغيب الحزن والدمع عنك في اللحظات الأخيرة؟ إنما هي فكرة زرعتها فيك أنك يمكن أن تخرج مما أنت فيه، وهذه الفكرة أنا عبرت عنها بكلمات جميلة إيجابية، فأعطتك مشاعر جديدة وقد غيرت من لغة جسدك، وهيئة جلوسك، وارتفعت أكتافك دون وعي منك”..
رفع مراد رأسه للأعلى صامتا للحظات، ثم أطرق ينظر لرجله اليمنى.. ومافتئ حتى علق: “والله لا أدعي أني فهمت كل كلامك، لكن يظهر لي أن به منطقا سليما”..
أغلق الشيخ كناشه وأعاده والقلم لجيبه، وأخذ كيس الخبز يفتحه، وقد قام متجها لمنتصف الساحة.. تبعه مراد بعدما تأكد من هاتفه ومفتاح سيارته..
أردف العجوز، وهو يمد يده يخرج الخبز ويفرقه للحمام عند النخلة المقابلة لمقر البلدية: “هل تذكر ما قلته لي قبل قليل وكيف كانت حالتك؟ أنت رددت كلمات من قبيل “تركني والدي الحبيب.. راح وخلاني”، وقد كانت أكتافك مائلة للأرض، ورأسك نازل، وقد سيطرت عليك فكرة الفقد”..
“تذكر رمز مرسيدس، كيف تحلل حالتك؟” طرح العجوز هذا السؤال على مراد وقد قرب إليه كيس الخبز أن شاركني إطعام الحمام..
رمى الشاب بعض القطع على الأرض، قبل أن يجيب: “لغة جسدي كانت كارثية، وتركيزي في فكرة سلبية جعلني أتحدث بكلمات سلبية، فدخلت في مشاعر سلبية”..
– “بالضبط”.. قالها العجوز وقد ابتسم ابتسامة أبرزت أسنانه البيضاء..
لكن مرادا أعاد السؤال: “هل فعلا التحكم في هذه الثلاثية ستغير مشاعري؟ وماذا أفعل مثلا الآن كي أخرج مما أنا فيه؟”..
ابتسم الشيخ، وقال “أنت تفعل ذلك الآن.. كنت جالسا وقمت، وقد غيرت حركة جسدك.. لكن دعني أطرح عليك سؤالا؟”.
– تفضل.
— أنت تؤمن بالقضاء والقدر؟
– نعم.
— أنت تؤمن بقول الرسول صلى الله عليه وسلم أن من مات بالطاعون فهو شهيد؟
– نعم.
— أنت تؤمن أن هذه الحياة الدنيا ما هي إلا جسر للعبور لحياة أخرى أفضل؟
– أكيد.
— إذن أنت أكيد مقتنع أن أباك رحمه الله هو في حياة أفضل من هذه الحياة؟
– نعم.
— جيد إذن.. ما عليك إلا أن تسعد له لأنه سعيد.. ليس معنى هذا أنك لا تحزن ولا تبكي.. لا.. بل ابك عليه وأفرغ ما بقلبك من فقد ووجد.. ما أعنيه هو أن تخرج بسرعة مما يعتريك بطرح أسئلة صحيحة”
– “كيف أسئلة صحيحة؟ ممكن توضح أكثر؟” سأل مراد..
— “الأسئلة الصحيحة من قبيل: ما الذي يجب علي أن أفعله كي أفيد أبي في قبره؟ ما الأعمال التي أحتاج أن أنجزها وتعود بالفائدة على والدي رحمه الله؟.. وهكذا”، رد الشيخ وهو يلمّ الكيس بعد أن فرغ من توزيع قطع الخبز على الحمام..
كان مراد ينصت لهذه الأسئلة، وقد سرح بخياله للإجابات التي ممكن أن ينجزها فعلا.. فقد أخرجته هذه الأسئلة لأول مرة من نمط أسئلة عدمية من قبيل “لماذا يا الله أخذت والدي؟ لماذا الوالد أصيب بالكورونا دون غيره من أصحابه؟ ماذا أفعل من دونك يا أبي؟” إلى أسئلة أخرى أكثر إيجابية وأكثر فائدة لهما مثل: ما الذي أفيده به وأنا في هذه الحياة وهو في الأخرى”..
وللحظة انتبه لهذا الغريب: “الحاج.. والله حيرتني.. يعني يعطيك الصحة على كل ما قلت.. لكن.. من أنت؟”.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.