بعث رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، بمناسبة عيد العمال رسالة الى العملا الجزائريين ، الرسالة قرأها نيابة عنه وزير العمل، الهاشمي جعبوب. وهذا النصل الكامل للرسالة: بمناسبة اليوم العالمي للعمال أتوجه إِليْكُنَّ و إليكم بالتحية والتقدير، وأُنوِّه عاليا بما يبذله العاملات والعمال من جهودٍ، وما يُبدونَه من وعيٍّ وصبْر للتَّغلب على الصعوبات والظروف الناجمة عن وباء كوفيد 19، وتأثيره على الحياة الاقتصادية والاجتماعية .. إن هذا الوعيَّ الذي يُمَيِّزُ إرادةَ مُواجهةِ الأوضاع الاستثنائية الطارئة نابِعٌ – ولا شك – من النهج الذي سارَ عليه جيلٌ من الوطنيين الأحرار من أسلافِكم، الذين اِخْتاروا أن يكونوا من طلائع ثورتِنا المجيدة من أجل الحرية والإستقلال .. وأن يخوضوا بعد ذلك بشرفٍ واقتدار معركةَ بَسْطِ السيادة الوطنية على ثرواتنا .. وإنني لَأَنْحني إجلالاً أمام التضحيات الجِسام التي ستبقى خالدة في الذاكرة الجماعية للشعب الجزائري، وأَترحَّمُ بخشوعٍ على أرواح كُلِّ أولئك الذين نَالُوا الشهادةَ بعزّةٍ وشموخ دفاعًا عن الجزائر أثناء الكفاح المسلّح، وخلال سنوات الإرهاب الهمجي .. وَإِنَّنا لَنَحْسِبُ أخواتَهم وإخوانَهم مِمَّن إِلتحقوا بهم من مختلف الفئات والمهن وهم على جبهة مكافحة فيروس كورونا المستجد من شهداء الواجب الوطني عليهم جميعًا رحمة الله. حَرِصْنا على توجيه الحكومة للحفاظ على مناصب الشغل إن إحياءَ مناسبة العيد العالمي للشغل، ليس مُجَرَّدَ تقليدٍ دَأَبْنا عليه، وعادةٍ دَرَجْنا فيها على إقامةِ مظاهرِ التقدير والعرفان للعاملات والعمَّال، تكريمًا للعمل والجهد والتضحية، بل إن الفاتحَ من شهر ماي، فرصةٌ مُتجدِّدة للوقوف على القضايا الأساسية المطروحة في عالم الشغل .. وعلى ما ينتظرنا في المستقبل من تحديات تستوجب تعميقَ الوعي بأهمية العمل واعتباره القيمة الحقيقية لأي مسارٍ تَنْمَوي، أو مشروعٍ نهضوي، وهو ما يدعونا اليوم إلى تعزيز مكانة العمَّال، وتوفير الأسباب التي تحفظ لهم ولأبنائهم العيشَ في كنف الاطمئنان والكرامة .. وإنطلاقًا من هذه القناعة حَرِصْنا على توجيه الحكومة للحفاظ على مناصب الشغل بالرغم من اكراهات الأوضاع الناجمة عن الحالة الوبائية .. ولتسويةِ وضعية أصحاب عُقود ما قبل التشغيل .. ونحن نَتَّجِهُ تدريجيا لاستيعاب أعدادٍ من شبابنا البطال في مناصب الشغل بوضع آليات لدعمِ المؤسسات الاقتصادية المَدْعُوةِ للمساهمةِ في إمتصاصِ اليد العاملة، وإلى التخفيف من نسبة البطالة عَبْرَ مُقارباتٍ تَتَلاءَمُ مع مقتضيات اقتصاد المعرفة، لاسيَّما عَبْرَ المؤسسات الناشئة الصغيرة والمتوسطة .. وهنا أُحيي كافَّةَ المجهودات التي تبذلها المؤسسات لحماية مناصب العمل والأجور، برغم الوضعية الصعبة .. وأُشيد باقتحامِ شبابنا عالم المقاولاتية مُثمنًا قُدراتهم على خلق فرص الاستثمار، بما يملكون من مهارات وإبداع .. وقد بَدَأْتْ بوادِرُ مساهمةِ الشباب في خلق الثروة، ومناصب الشغل تُعطي النتائجَ المرجوة .. الأَمْرُ الذي يُوجِبُ المزيدَ من التشجيع والتحفيز على الانخراط في نَمَطٍ اقتصاديٍّ جَذَّابٍ، يَتَحمَّلُ جزءًا من أَعْباءِ البطالة، التي نَسْعَى بكلِّ الوسائل والإمكانيات المُتاحةِ للتَّخفيف منها.. بالموازاةِ مع تعزيز مكانةِ العمَّال – كما أسلفت – ، وخاصة الطبقة المتوسطة -والطبقة الهشة – وبالمحافظةِ على القدرة الشرائية، وضمان ديمومة الحماية والتغطية الاجتماعية لكافَّة فئاتِ العمَّال والمتقاعدين. سَهِرْنا منذ أكثر من سنة على الإعْدَادِ للدخول في حَركيّةٍ اقتصادية مُتحرِّرةٍ وفاءً لما قطعناه على أَنْفُسِنا، سَهِرْنا منذ أكثر من سنة على الإعْدَادِ للدخول في حَركيّةٍ اقتصادية مُتحرِّرةٍ من قيود البيروقراطية، ومن مُمَارسات الانتهازيين المُفسدين، ولَئِنْ كَانَتْ الأوضاعُ الطارئة بِفعل الوباء حالَتْ دون تحقيقِ بعضِ أهدافنا، في الآجال المرسومة، فإن الإرادةَ السياسية، إِزْدَادتْ صلابةً من أجل تسريعِ الانعاشِ الاقتصادي في سياق حوارٍ واسعٍ مع الشركاء الاجتماعيين والمتعاملين الاقتصاديين .. وَلَنا كُلُّ الثِّقة في امكانيات بلادِنا وثرواتها .. وفي نجاعة الالتزام بخارطة الطريق الواقعية الجريئة التي اعتمدناها وهي كفيلةٌ بإحداث القطيعة مع ما كان سائدًا من أنماطٍ لإدارة الشأن الاقتصادي بذهنيات الريع والاتكال والنهب. إن عاملاتِنا وعمالَنا هم جَوْهرُ الطاقةِ المُحرِّكةِ لاقتصادٍ مُدِرٍّ للثروة .. وهم أَصْحابُ حقٍّ فيها، ولذلك فإن كلَّ أشكالِ التعبير المَطْلَبي في مختلف القطاعات، ينبغي أن تُراعي مصالح المواطنين .. وأن تكونَ تحت سَقْفِ قوانين الجمهورية .. وأن لا تكون مطية تَنْدَسُّ من خلالها نوايا الاستغلال المشبوه .. فلقد أَثْبَتَ عالمُ الشُّغلِ على الدوام وعيًا وطنيًا فائقًا، وحرصًا قويا على تحصين صفوفه .. وإننا في هذه المناسبة، وإذْ نُحيِّي رصيدَ نضالاتِ الاتحاد العام للعمال الجزائريين، وكافة الناشطين في الحقل النقابي، نَسْتحضِر رموزًا وطنية تميَّزَتْ بتضحياتِها ومواقفها الشجاعة في التصدي للإرهاب الهمجي، وفي هذا المقام نترحم على روح الشهيد عبد الحق بن حمودة، الذي غَدَرَ به الجُبناءُ الدمويُّون، ونُؤكِّد الاهتمامَ الكبير الذي نُوليه لتحسينِ الظروف الاجتماعية والمهنية لعاملاتنا وعمالنا في مختلف القطاعات. تشريعيات 12 جوان القادم، تشَكِّلُ رهانًا حيويًا سيخوضه الشعب الجزائري بإرادته الحرَّة والسيِّدة إننا على مَقْرُبةٍ من انطلاقِ الحملة الانتخابية لتشريعيات 12 جوان القادم، ويُشَكِّلُ هذا الموعدُ رهانًا حيويًا، سيخوضه الشعب الجزائري بإرادته الحرَّة والسيِّدة من أجل بناءِ مؤسساتٍ قويةٍ وذاتِ مصداقية .. بعد أن تَمَّتْ إحاطةُ هذا الاستحقاق الوطني الهام بكافة شروط النزاهة والشفافية، وتَسْخِيرُ الامكانياتِ اللّازمة، ليؤديَّ الناخبون واجبَهم في كنف السكينة والثقة في المُستقبل .. وإننا هنا لَنُهيب بالمترشحين في كلِّ القوائِم، المنتميةِ للأحزاب أو الحرة، لخوضِ غمارِ الحملةِ الانتخابية في إطارِ ما تُمْليه ضوابطُ التنافس الشريف، وأخلاقياتُ النشاطِ السياسي .. وندعو الشَّعبَ الجزائري مُجددًا إلى اختيارِ ممثليه من النِّساءِ والرجال في المجلس الشعبي الوطني من الجَدِيرين بحَمْلِ الأمانة، وذَوِي الوفاءِ والدراية بالشأن العام المَوْثُوق في سِيَرهم .. وأن يَجعلوا من هذا الاستحقاق موعدًا لإعلاء صوت الديمقراطية .. والمواطنة من أجل التغيير بالإرادة السيّدة للشعب الجزائري الأبيّ. أُجدد التهاني والتحية والتقدير لكافة العاملات والعمَّال.