بعد مضي ما يقارب العشر سنوات عن تقاعد ه من صفوف الشرطة يتقدم عيسى قاسمي للإدلاء بشهادته بكل ثبات عن شخصه ومؤسسته الأمنية، انطلاقا من تجربته المهنية ليصحح بذلك النظرة التي تشكلت في الاذهان عن تلك المؤسسة الأمنية، التي غالبا ما نحكم عليها خطأ من خلال ما يتراءى لنا من الخارج. المؤلف عيسى يقدم تجربته من خلال كتابه ''السجلات.. شهادة رجل امن جزائري'' الصادر عن دار الأمة. الكتاب نشر في طبعة فرنسية وهو يقع في 324 صفحة تتضمن أربعة فصول. يعرض في الفصل الأول معالم أصوله البيولوجية. أما الفصل الثاني فقد خصصه لمراحل ترحاله داخل مؤسسة الشرطة ليعرج في الفصل الثالث لأهم المحطات والرحلات التي مر بها خلال الخدمة، فيما تطرق للمأساة الوطنية التي مرت بها الجزائر في فترة التسعينات في الفصل الرابع . عيسى قاسمي يعرض ضمن الكتاب سيرته الذاتية، وقد تميزت شهاداته بثراء المحتوى وجرأة البناء حيث لجأ إلى تطعيم شهاداته ببعض الأحداث المؤثرة التي لم يسبق أن نشرت كحادثة تحويل طائرة ايربوس التابعة للخطوط الجوية الفرنسية عام 1982 وذلك دون الغوص كثيرا في المسائل المذكورة لضمان القراءة السليمة لطقوس المؤسسة الأمنية المتمثلة في الشرطة. و الجدير بالذكر أن عيسى قاسمي من خلال هذا المؤلف يأخذ على عاتقه رهان الغوص في أسرار بيت الشرطة عبر قصة إنسانية بحتة، يرويها سجل من السجلات التي هي بمثابة المفكرة اليومية، والتي تلعب دورا رسميا محددا يتلخص في رصد الاحداث وتدوين الوقائع اليومية. وبهذا يسجل كاتبنا إصراره على أن جزءا من تاريخنا قد كتب داخل هذه المقرات، وهو تاريخ يحمل بعدا إنسانيا لا يخلو من الارتدادات المتجسدة في الانتصارات تارة والمآسي تارة أخرى ليصبح هذا التاريخ شبيها إلى حد كبير بالمحطات التي عاشها الكاتب شخصيا على حد تعبيره، وهو الذي التحق بصفوف الشرطة في سن العشرين.