تحوّلت عملية خطف الرهائن التسعة الأجانب التي حدثت مؤخرا بشمال اليمن إلى مأساة، وذلك بإقدام خاطفيهم على قتل معظمهم في جريمة وصفت بالبشعة واعتبرها مراقبون تحوّلا في عمليات الاختطاف التي تمارسها مجموعات خارجة على القانون في اليمن، لكن أغلبها كان في السابق ينتهي بتحرير المخطوفين إما طوعا أو بتدخل قوات الأمن. وكان مصدر أمني يمني قد أعلن أن سبعة أجانب من أصل التسعة المخطوفين تم العثور على جثثهم بمحلة شعب مدار بمنطقة نشور التي تبعد 12 كلم شرق مدينة صعدة، فيما عثر على الطفلين المتبقيين من المخطوفين على قيد الحياة، والقتلى هم خمسة ألمان وبريطاني وكورية جنوبية، ومن شأن الأبعاد الإنسانية الحافة بالعملية أن تعمّق طابعها المأساوي وتجر على مرتكبيها ردود فعل قوية، اعتبارا لكون الضحايا جميعا مدنيين ويعتبرون من ''ضيوف اليمن'' وفق تعبير رسمي مستخدم في هذا المجال، إضافة إلى أن عملهم بالبلاد لا يتجاوز الطابع الإنساني والاجتماعي حيث أنهم جميعا جزء من إطار طبي وتدريسي ينشط بمحافظة صعدة، وكان بين المخطوفين الذين قُتل أغلبهم عائلة ألمانية من خمسة أفراد -أب وأم وثلاثة أبناء- وممرضتان ألمانيتان، ومهندس بريطاني ومدرّسة كورية جنوبية. ويبدو التعرض لمثل هذا الكادر العامل في ميادين إنسانية عملا منهجيا لدى ممارسي الاختطاف والقتل باليمن، قد تكون غايته حرمان السكان من خدماته في إطار خلق أرضية اجتماعية حاضنة للتمرد.وكان 28 طبيبا وممرضا عربيا وأجنبيا تعرضوا لعملية اختطاف من قبل مسلحين قبليين الخميس في محافظة عمران شمال اليمن، وتم الإفراج عنهم الجمعة بعد وساطة قادها المجلس المحلي في المحافظة عمران، وحمّل مصدر رسمي الحوثيين المسؤولية عن عملية الاختطاف تلك.إلى ذلك لا تخلو هذه الجريمة الإرهابية من أبعاد سياسية، فمن جهة تشير أصابع الاتهام، وفق مصادر رسمية يمنية إلى أنصار عبد الملك الحوثي الذين يحاولون إثارة تمرّد في محافظة صعدة، سبق للسلطات اليمنية أن نجحت في إخماده بإعلان الرئيس اليمني علي عبد الله صالح في يوليو من العام الماضي نهاية الحرب بين قوات الجيش والمتمردين. ومن جهة أخرى يقول مراقبون إن هدف مثل هذه الأعمال هزّ صورة اليمن في أعين شركائه من الدول الأجنبية خصوصا وأن جزءا من موارده يتأتى من توافد سياح أجانب إلى أراضيه التي تحوي معالم أثرية وطبيعية نادرة. ويبذل اليمن جهودا كبيرة في التصدي للظاهرة الإرهابية بمختلف تجلياتها سواء ما ينسب منها للحوثيين أو لتنظيم القاعدة.وفي هذا السياق ذكر مصدر أمني يمني أنه تم القبض على خلية تابعة لتنظيم القاعدة، إثر اعتقال مموّل القاعدة في اليمن والسعودية حسن حسين علوان. وذكر ذات المصدر أنه ''من خلال التحقيق مع علوان تمكنت أجهزة الأمن من إلقاء القبض على خلية تابعة لتنظيم القاعدة في صنعاء ومأرب''، مؤكدا أنها كانت تخطط لتنفيذ عمليات إرهابية داخل اليمن وأنها المدبرة للعديد من العمليات التي نفّذتها القاعدة في البلاد. يشار إلى أن هذه الجريمة أثارت حالة من الاستياء الشعبي الواسع والحزن الشديد في أوساط المواطنين اليمنيين خاصة وأن الأطباء يقدمون خدماتهم للمرضى منذ سنوات.